رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الاندماج في القطاع الصناعي السعودي

لتعظيم المنفعة من عمليات الاندماج والاستحواذ، يجب استهداف المنشآت التي تقوم بدور تكميلي وغير إحلالي بإعطاء قيمة مضافة وميزة تنافسية للمنشآت المستحوذة والمندمجة تمكنها من زيادة مشاركتها في الحصة السوقية وضمان مكانة استراتيجية تحقق هدف تعظيم الربح في المدى الطويل، ما يؤدي بدوره إلى المساهمة في رفع معدلات الناتج المحلي الإجمالي، إجمالي الصادرات، ومستوى التوظيف وتطوير القوى العاملة الوطنية وتأهيلها.

على الرغم من ظهور بصيص أمل في تحسن الوضع الاقتصادي العالمي خلال الأسبوع الفائت، إلا أن سحابة الركود الاقتصادي العالمي ما زالت تغطي الأسواق المالية ومختلف القطاعات الاقتصادية المالية والحقيقية، خصوصاً مع البيانات السلبية للقطاع الصناعي الصيني والآسيوي عموماً. كما أصبحت كتب وأدبيات الركود الاقتصادي والأزمات الاقتصادية هي الرائجة عالمياً كما تبين إحصاءات أكثر الكتب مبيعاً في معارض الكتاب الأوروبية. ونظراً للطبيعة الديناميكية للمالية والاقتصاد، فإن الأدوات التي يتم توظيفها للتعامل مع مختلف الظروف الاقتصادية للتقليل من الآثار السلبية للدورات الاقتصادية تتسم بالديناميكية أيضاً. ومن ضمن أدوات التعامل مع بيئة الركود الاقتصادي لمنشآت الأعمال تبرز عمليات الدمج والاستحواذ التي ليست خاصة ببيئة الركود الاقتصادي ولكنها تكثر في فترات تراجع العوائد وصعوبات التدفق النقدي.
وتتنوع عمليات الدمج والاستحواذ بشكل كبير، إلا أن تركيزنا هنا سيكون على تلك العمليات التي يكون طرفاها منشأتين سعوديتين تنتميان إلى القطاع الصناعي. فقد أوردت "الاقتصادية" في عدد يوم الأربعاء الماضي 18/3/2009 خبراً مفاده قيام هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية بإطلاق مشروع لتشجيع وتسهيل ودعم عمليات الاندماج والاستحواذ بين الشركات والمصانع القائمة في المدن الصناعية وخارجها، وذلك عن طريق تقديم خدمات استشارات مالية لكل من هذه الشركات بناء على مذكرة تفاهم مع إحدى شركات الخدمات المالية.
بداية، إن عمليات الاندماج والاستحواذ ليست هدفاً بحد ذاته، كما أن المصانع التي تجد جدوى اقتصادية في عمليات الاندماج والاستحواذ لن تتأخر في القيام بذلك لكونها منشآت هادفة للربح أولاً وأخيراً. وبالنظر إلى عدد المصانع البالغة نحو ستة آلاف مصنع باستثمارات تقدر بنحو 300 مليار ريال، فإن عدداً كبيراً من هذه المصانع هي مصانع صغيرة ومتوسطة تعتمد بشكل أو بآخر على السوق المحلية في معظم الأحيان وعلى التصدير للأسواق الإقليمية والدولية في أحيان أخرى. وبأخذ توقعات بدء ركود اقتصادي عالمي قد يصاحبه تباطؤ النمو محلياً في الحسبان، فإن هيكل السوق قد يبدأ في التغير وقد تسهم خطوة تشجيع الاندماج في بروز مصانع مختلفة عن القائمة حالياً. فعمليات الاندماج والاستحواذ مبنية أساساً على ظهور قيمة مضافة من المنشأة الجديدة نتيجة للاندماج لم تكن موجودة قبل الاندماج. فمثلاً، قد تكون القيمة المضافة عبارة عن تخفيض لتكاليف الإنتاج نتيجة لإلغاء العمليات المتكررة بأخذ العمليات الأكثر كفاءة في كلتا المنشأتين، أو قد تبرز القيمة المضافة من تعظيم حجم السوق المستهدف والاستفادة من اقتصاديات الحجم التي تعتمد على كثافة الإنتاج وانخفاض التكاليف الثابتة مقارنة بالإنتاج الأقل حجماً أو غير ذلك من مصادر القيمة المضافة. وكمثال توضيحي على الطريقة المثلى لاستفادة الشركات المساهمة من عملية الدمج والاستحواذ، لنأخذ أحد المصانع الصغيرة مع وجود مصنع وطني أكبر يعمل في المجال نفسه ويرغب في زيادة الحصة السوقية، فبعد القيام بعملية الدراسة لوضع المصنع المستهدف والقيام بعملية الاستحواذ، يستفيد المصنع المستهدف بالدمج أو الاستحواذ من توافر أساليب العمل الفعالة Know- How، الموارد المالية، تكامل العمليات، التقنية، الكفاءة التشغيلية للأصول، وتحسين أساليب الإدارة، إضافة إلى فتح أسواق جديدة والتركيز بشكل أكبر على نطاق السوق المستهدف.
ولكون عدد كبير من المصانع المستهدفة ببرنامج تشجيع الاندماج والاستحواذ تعتمد على السوق المحلية والنمو الاقتصادي الداخلي، فإن المعيار الأول الذي سيحدد توجهها إلى الاندماج أو الاستحواذ هو عدم القدرة على تحمل أي تباطؤ اقتصادي وعدم التمكن من المشاركة في المشاريع الضخمة التي تعتمد على الإنفاق الحكومي وتحتاج إلى مصانع قادرة على توفير المتطلبات بكفاءة وقدرة كبيرتين. من جانب آخر، فإن حجم المصانع وقدرتها على الاشتراك في مشاريع عملاقة تعتمد على رؤوس أموالها وقدرتها على الإيفاء بالمتطلبات الفنية للإنتاج والتي قد يتم الحصول عليها بسهولة عن طريق الاندماج.
ختاماً، لتعظيم المنفعة من عمليات الاندماج والاستحواذ، يجب استهداف المنشآت التي تقوم بدور تكميلي وغير إحلالي بإعطاء قيمة مضافة وميزة تنافسية للمنشآت المستحوذة والمندمجة تمكنها من زيادة مشاركتها في الحصة السوقية وضمان مكانة استراتيجية تحقق هدف تعظيم الربح في المدى الطويل، ما يؤدي بدوره إلى المساهمة في رفع معدلات الناتج المحلي الإجمالي، إجمالي الصادرات، ومستوى التوظيف وتطوير القوى العاملة الوطنية وتأهيلها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي