الطلب الصيني والهندي وارتفاع تكلفة استخراج النفط سيرفع الأسعار
توقع مسؤولون في شركات نفطية خليجية تحسن أسعار النفط خلال العام الجاري بفضل ارتفاع تكلفة استخراجه في الشركات الغربية مثل بحر الشمال وكندا، ما يصعب معه الاحتفاظ بسعر 40 دولارا للبرميل، وكذلك ظهور مستهلكين جدد يتمتعون بقدرات كبيرة في مستويات الطلب "على رأسهم الصين والهند".
ولفتوا في تصريحات لـ "الاقتصادية" على هامش معرض ومؤتمر الشرق الأوسط 16 للنفط في المنامة، إلى أن المشاريع النفطية في المنطقة مستمرة رغم تداعيات الأزمة المالية، مرجعين ذلك لأهمية مشاريع الاستكشاف والتنقيب للحفاظ على معدلات الإنتاج لعقود البيع طويلة الأمد.
وقال عبد الكريم جعفر السيد الرئيس التنفيذي لشركة نفط البحرين "بابكو" إلى أن الدلائل تشير إلى أن أسعار النفط التي شهدت بعض التحسن خلال الأسبوعين الأخيرين ستستمر في الصعود خلال فترات السنة الحالية، بيد أنه توقع ألا يكون الارتفاع ملحوظا "فهو في أفضل الأحوال لن يزيد على 60 دولارا، أي أننا لن نرى سعرا بمستوى 140 دولارا في عام 2009 أو حتى خلال السنوات الخمس المقبلة رغم التحسن المتوقع في الأسعار". وأرجع ذلك إلى أن الأسعار السابقة عند مستوى 147 و 150 دولارا لم تكن حقيقية، ولو كانت هناك توقعات بعمليات تصحيحية في ظل حمى المضاربة، وهو ما حدث فعلا.
وأكدت الأزمة المالية العالمية لم تثن البحرين عن الاستمرار في تطوير مشاريعها النفطية، معتبرا أن الاتفاق الذي تم إبرامه مع شركة "أوكسيدنتال" الأمريكية لتطوير وزيادة إنتاج حقل البحرين "أبرز دليل على ذلك"، كما أن البحرين تتجه أيضا إلى التنقيب عن النفط في مياهها الإقليمية ضمن استراتيجيها الهادفة لزيادة مواردها الطبيعية من النفط والغاز. وقال محمد أحمد حسين نائب الرئيس ونائب العضو المنتدب للتخطيط والغاز في شركة نفط الكويت، إن دول الخليج وكذلك بلدان أخرى كانت تتوقع أن سعر النفط سيحتفظ بمستوى 147 إلى 150 دولارا للبرميل، مع أن السعر لم يكن منطقيا أو موضوعيا استنادا إلى علاقات قوى العرض والطلب في السوق، مشيرا إلى ظهور عوامل أخرى تدخلت ورفعت الأسعار أبرزها "المضاربة".
وأضاف "وكما كان ارتفاع الأسعار غير منطقي، كذلك فإن الانحدار السريع لها لم يكن منطقيا"، معتبرا أن بعض الدول مثل كندا وبريطانيا ترى أن الأسعار الحالية التي تحوم حول 40 دولارا للبرميل غير مناسبة بسبب تكلفة إنتاجها العالية لبرميل النفط، في حين أن سعر 40 دولارا يبدو "اقتصاديا بالنسبة لشركات النفط في المنطقة ويوفر لها أرباحا مضمونة، ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أنها تدعم موازنة الدولة، وبالتالي هي تفكر كحكومات وليس شركات". ولا يتوقع حسين أن ينحدر سعر النفط لمستوى أدنى من 20 دولارا، قائلا "ولو افترضنا وانخفض إلى ما دون ذلك فسيعود للارتفاع سريعا مرة أخرى بين 50 و 70 دولارا"، معللا ذلك بأن دخول مستهلكين جدد يتمتعون بطلب قوي خلال السنوات الخمس الأخيرة على رأسهم الصين والهند بحيث يؤثرون في معادلة الطلب والسعر مع اليابان وأوروبا وأمريكا.
وأبدى ماجد مجعد العرجي رئيس شركة آبار الخليج لخدمات النفط والغاز "السعودية"، تفاؤله بشأن تحسن أسعار النفط في الربع الثاني أو الثالث من العام الجاري، مؤكدا أنه من الصعوبة بمكان استمرار الوضع الحالي في الأسواق النفطية على ما هو عليه في ظل تكلفة الإنتاج العالية في بعض المناطق العالمية ومنها "بحر الشمال"، رغم أن تلك التكلفة تبدو منخفضة في دول المنطقة. وذكر أن المشاريع النفطية الخليجية مستمرة في التنفيذ رغم تداعيات الأزمة المالية العالمية، "فنحن في الكويت لم نؤجل مشروعا ما في مجالي النفط أو الغاز"، مضيفا "وأعتقد أن بقية دول الخليج تسير على النهج ذاته بالنسبة للاستكشاف والتنقيب وإن أبطأت بعض من تلك المشاريع". وقال إن انخفاض الأسعار لم يغير استراتيجية الاستكشاف والتنقيب عن النفط خاصة في السعودية "رغم تكلفته العالية"، لافتا إلى أن شركات البترول ربما تخفض موازنات معينة لكن موازنة الاستكشاف "ضرورية ومهمة"، بل إنها من الأولويات، فمادام هناك إنتاج "لابد من استكشاف آبار جديدة تحفظ معدلات الإنتاج الحالية خاصة مع عقود البيع طويلة الأجل". ورأى العرجي أن السعودية تتمتع بسيولة كبيرة وكافية لتمويل مشاريعها الاستثمارية والتطويرية النفطية ذاتيا دون الحاجة إلى شركات خارجية وهو ما يحدث بالنسبة لشركة "أرامكو"، منوها إلى أن دول الخليج أعادت دراسة تكلفة مثل هذه المشاريع بعد هبوط أسعار النفط ومواد البناء، ويتوقع - في ضوء ذلك - انخفاض أسعار مشاريع التحديث والتطوير والاستكشاف بين 10 و 15 في المائة.