لا تكن من هؤلاء
تختلف نوعياتهم وأساليبهم ولكن المعدن واحد. هذا هو ديدن شرائح مختلفة من الناس يخفون في أنفسهم كثيرا من الخبث, وليس المطلوب منا أن نحكم على نياتهم أو اتهامهم فيها لأن هذا أمر نهى عنه الشارع, وإنما يكون الحكم على الفعل وعلى القول, وكان المنافقون مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحاربون ويشاركون في المعارك ولكنه كان يعرفهم بل أطلعه الله عليهم وذكرهم لحذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ أمين سر النبي ـ صلى الله عليه وسلم. وفي حياتنا الاجتماعية نلتقي أحد هؤلاء؛ الذي تجده يعادي الدين ويتربص به الدوائر ولكنه يظهر ذلك أحياناً بطرق ملتوية وأحياناً أخرى يخفيها ويحاول أن يبرر ما صدر منه في موقف أو كتابة مقال, بل أحياناً أخرى يتظاهر بالدفاع عن الإسلام ليكسب أصواتاً قد يحتاج إليها في وقت ما.
وألأخطر على الدين الشخص الذي يستطيع أن يقنع محاوريه بما حباه الله من قوة في الحوار حتى لو كانت في غير الخير وهو يحتاج إلى قوة أخرى تحاوره لأن هناك من يملي عليه عقله أفكاراً فتظهر في حديثه وتكون لديه حجج واهية ولكن لجهل محاوره فيها تجده يقف مشدوهاً أمامها ولا يستطيع الحراك بل قد تؤثر في فكره، فالمحاورة لغة لا يجيدها إلا المتمكنون الذين رزقوا القدرة عليها ولديهم الحجج الدافعة من الكتاب والسنة حتى يستطيع أن يجابه أصحاب الأهواء والآراء العقلية التي كانت نتيجة لقراءات غير واعية وأفكار منحرفة وجدت هوى في نفسه, وهو بذلك أضاع نفسه وهوى بها إلى طريق الغواية والضلال وخاتمته سيئة إن لم يعد إلى الحق والصواب. كما أن من أخطر هؤلاء الذي يكتب ويجيد الكتابة بأسلوب يقنع العامة والجهلة بما يكتب وهو على غير الصواب, فهذا الذي يخشى تأثيره في الناس, لأن المتأثرين بفكره ستكون عاقبتهم وخيمة فهم يقرؤون ولكن قد لا يعرفون المغزى, فهم متأثرون بالأسلوب والإجادة في الكتابة, لذا فإن المسلم مطالب بالحذر من المضللين وألا يكون متبعاً لفكرهم ويحاول أن يقرأ ما يفيده في آخرته وما ليس له ضرر على عقيدته ودينه, وأخص الشباب الذين كثيراً ما يعجبون بكتابات لا يعرفون أي فكر يمثله صاحبها .
كما إن من الخطأ الذي يقع فيه بعض الناس الإعجاب بشخصية غير المسلم وتفضيله على أخيه المسلم! وشتان بين الثرى والثريا, وهذا الخطر المحدق الذي يجب تجنبه. وقد نلتمس العذر لمثل هؤلاء إذا كان لا يعلم خطر ذلك, لكن عموماً هو لا يعذر بجهله ما دام في بلاد ينتشر فيها العلم ويوجد فيها العلماء, فهو مطالب بالانتباه لذلك. وينبغي على كل مسلم الاتصاف بالصفات الحميدة والأخلاق الفاضلة هي الصفات التي جاء بها الإسلام. وهذا ما يجب أن نعرفه جميعاً, خصوصاً الذين يعجبون حتى النخاع بكل ما هو غربي حتى ولو كان معارضاً لدينهم, أو هذا الذي يجب أن نحذر منه حتى لا نخسر أنفسنا وديننا يوم القيامة، يقول سبحانه وتعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا).
وقال تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا).. فعلينا أن ننتبه لذلك ونعلم أن أوثق عرى الإيمان كما قال المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم (الحب في الله والبغض في الله), فعلينا أن نحرص على رضا ربنا واتباع أوامره حتى لا نأتي يوم القيامة ونحن مفلسون وليس لدينا من الحسنات ما ينقذنا من النار. وأسأل الله أن يحرم وجوهنا على النار ويرزقنا الفردوس الأعلى من الجنان