رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


وقفة مع الائتمان المصرفي الخليجي

أكد يوسف نصر، رئيس مجلس إدارة "إتش إس بي سي" الشرق الأوسط، منتصف الأسبوع الحالي في جريدة "الخليج" الإماراتية، أن هناك عوامل عدة تدعو إلى التفاؤل حيال المستقبل في دول مجلس التعاون الخليجي على الرغم من تواضع الوضع الائتماني للقطاعات المصرفية في العالم. ومن بين هذه العوامل المبادرات الحكومية الفعالة والمتناغمة خطواتها مع المستجدات التي تفرضها المتغيرات المتسارعة على الساحة الاقتصادية، إضافة إلى انخفاض تكلفة المعيشة و تراجع أسعار المواد الخام.
وعلى الرغم من هذه التأكيدات، إلا أن هناك مجموعة من التساؤلات حول تدني أرباح مصارف دول مجلس التعاون الخليجي أو خسائرها للسنة المالية الماضية. حاولت دراسة الإجابة عن هذه التساؤلات عن طريق دراسة العوامل المؤثرة في الإعلان عن خسائر مخصص الائتمان في عقود المرابحة، والمشاركة والمضاربة لمصارف دول مجلس التعاون الخليجي. نشرت الدراسة قبل شهر في مجلة "الإدارة المالية" Managerial Finance تحت عنوان "اختبار تطبيقي لإعلانات خسائر مخصص الائتمان في مصارف دول مجلس التعاون الخليجي".
هدفت الدراسة إلى تحقيق دور خمسة عوامل رئيسة في الإعلان عن خسائر مخصص الائتمان في القوائم المالية للمصارف التجارية: أرباح السنة المالية السابقة لسنة الإعلان عن خسائر مخصص الائتمان، ومستوى الاحتياطيات العامة، ومستوى الاحتياطيات النظامية، ومستوى المديونيات، ونسبة الديون والاستثمارات إلى نسبة خسائر مخصص الائتمان.
هناك ثلاثة أسباب دعما اختيار هذه الدراسة عوضا عن غيرها من دراسات الإدارة المالية، بشكل عام، ودراسات الشفافية والإفصاح المحاسبية، بشكل خاص، كمنظور مشاهدة لواقع النتائج المالية لمصارف دول مجلس التعاون الخليجي عن السنة المالية الماضية.
السبب الأول، تواضع عدد دراسة الشفافية والإفصاح المحاسبية في دول مجلس التعاون الخليجي. والسبب الثاني، إعلان مصارف دول مجلس التعاون الخليجي نتائجها المالية للسنة المالية الماضية، وما حملتها هذه الإعلانات من تباين بين نتائج متوقعة، وفوق المتوقعة، ودون المتوقعة. والسبب الثالث، تزامن إعلان النتائج المالية مع امتداد انعكاسات أزمة الرهن العقاري العالمية.
اعتمدت الدراسة على القوائم المالية الصادرة في التقارير السنوية لـ 47 مصرف خليجي للفترة من بداية 2002 إلى نهاية 2003. تباينت طبيعة عمليات هذه المصارف الـ 47 بين مصارف تعمل تحت ضوابط مصرفية شرعية، ومصارف تعمل تحت ضوابط مصرفية تقليدية.
وتباين كذلك التوزيع الجغرافي لهذه المصارف الـ 47 بين مصارف بحرينية، سبعة مصارف من أصل تسعة مصارف، ومصارف كويتية، خمسة مصارف من أصل ثماني مصارف، ومصارف عمانية، أربعة مصارف من أصل سبعة مصارف، ومصارف قطرية، ثلاثة مصارف من أصل أربعة مصارف، ومصارف سعودية، تسعة مصارف من أصل عشرة مصارف، ومصارف إماراتية، عشرة مصارف من أصل 18 مصرفا.
تشابهت هذه المصارف الـ 47 على الرغم من التباين في الضوابط والتوزيع الجغرافي في اتباعها للمعايير المحاسبية الدولية كضابط محاسبي لجميع عملياتها المحاسبية والمالية.
اعتمدت التحاليل الإحصائية للدراسة على حساب مجموع خسائر مخصص الائتمان الواردة في التقارير السنوية للمصارف الـخليجية الـ 47. اتبعت عملية الحساب هذه بمعالجة مجموع خسائر مخصص الائتمان من وجهة نظر ستة عوامل رئيسة في هذا الجانب: صافي الدخل المتاح، والعلاقة بين مستوى الديون والاستثمارات إلى حقوق المودعين، ومستوى المخاطر الائتمانية، ودرجة التزام المصرف بمستويات الاحتياطيات العامة والنظامية، وطبيعة ضوابط العمل المصرفي (شرعية، تقليدية)، وآلية حساب مجموع الأصول.
قبيل ذكر نتائج الدراسة، فإنه من الأهمية بمكان الأخذ في الحسبان التباين بين ضوابط عمل المصارف الخليجية في كل دولة خليجية، والمحددة من قبل المصارف المركزية ومؤسسات النقد الخليجية، وانعكاسات هذا التباين على تنافسية عمل المصارف الخليجية في كل دولة خليجية على حدة.
من أهم هذه الضوابط حصة الاحتياطيات النظامية من صافي الأرباح السنوية. حيث تلزم المصارف المركزية في كل من البحرين، والكويت، والإمارات مصارفها بتحول 10 في المائة من صافي أرباحها السنوية لدعم الاحتياطي النظامي حتى يساوى هذا الاحتياطي 50 في المائة من الاحتياطي النظامي.
بينما تتباين هذه الحصة في كل من: عمان، قطر، والسعودية. حيث يلزم البنك المركزي العماني مصارفه بتحويل 10 في المائة من صافي الأرباح السنوية لدعم الاحتياطي النظامي حتى يصل مستوى الاحتياطي النظامي إلى ثلث رأسمال المصرف.
وتزيد هذه النسبة لدى البنك القطري المركزي لتصل إلى 20 في المائة من صافي الأرباح السنوية لدعم الاحتياطي النظامي حتى يتساوى مستوى الاحتياطي النظامي مع رأسمال المصرف. وتلزم مؤسسة النقد العربي السعودي المصارف بتحويل 25 في المائة من صافي الأرباح السنوية لدعم الاحتياطي النظامي حتى يتساوى مستوى الاحتياطي النظامي مع رأسمال المصرف.
من أهم ضوابط عمل المصارف الخليجية أيضا ضريبة الدخل المفروضة على أرباح المصارف الخليجية. حيث تتميز المصارف الخليجية، باستثناء المصارف العمانية، بعدم خضوعها لضرائب دخل على صافي أرباحها. يستثنى من هذا التعميم صافي أرباح دخل المصارف الخليجية من عملياتها الدولية.
توصلت الدراسة إلى نتيجتين مفيدتين تشكلا في مجملهما إجابة شمولية عن التساؤلات حول تدني أرباح مصارف دول مجلس التعاون الخليجي أو خسائرها للسنة المالية الماضية.
النتيجة الأولى، تتجه إدارات المصارف الخليجية إلى زيادة مخصص خسائر الائتمان المحتمل تجنيبه خلال السنة المالية الحالية عندما تكون نسبة العائد على الأصول، قبل خصم مخصصات كلاً من الضرائب وخسائر الائتمان، أعلى من صافي العائد على الأصول للسنة المالية الماضية.
والنتيجة الثانية، تتجه إدارات المصارف الخليجية إلى تفعيل علاقة عكسية بين مستوى الديون والاستثمارات إلى حقوق المودعين، من جهة، ومخصص خسائر الائتمان المحتمل تجنيبه خلال السنة المالية الحالية، من جهة أخرى، بهدف استقطاب نسبة أكبر من حقوق المودعين.
تحمل هذه النتائج في طياتها العديد من الفوائد حول طبيعة الإطار العملي الذي تعمل تحته المصارف الخليجية. يوضح هذا الإطار أن الطريق ما زال في بدايته بالنسبة للمصارف الخليجية في مقاومة الأزمات الخليجية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي