"المالية" .. وحال وكالة الصناعة والمدن الصناعية
لقد أثبت معالي وزير المالية أنه يمكن أن يتراجع عن قرار صدر، فيه إجحاف ببعض المؤسسات التي تقدم خدمات الزكاة وضريبة الدخل والضريبة للمكلفين. ونشير إلى مقالة "الاقتصادية" في 15/11/2008، بعنوان "إعادة نظر يا معالي الوزير"، فعلينا أن نشكر معاليه للتجاوب السريع في موافقته على السماح لهذه المؤسسات الخدمية بالترافع أمام لجان الاعتراض الابتدائية الزكوية الضريبية، وأن تفعيل نظام المحاماة لا يخل بحق المكلف في تكليف مرخص له بتقديم خدمات الزكاة والضريبة أو محاسب قانوني في المرافعة عنه أو تكليف محام معه أو الاكتفاء بمحام، وذلك طبقا لقرار اللجنة التي كلفها معاليه بدراسة تداعيات قرار تفعيل نظام المحاماة. إن التجاوب السريع من أي مسؤول في الاستجابة لمطالب القطاع الخاص، فيما يخدم القطاعين لأمر يحمد عليه، وعلينا تقديره بدلا من أذن فيها طينة وأذن فيها عجينة، فشكرا لمعاليه على تجاوبه.
وزارة الصناعة، أقصد وكالة الصناعة في وزارة التجارة والصناعة، هي وكالة لا تصل إلى طموح ومتطلبات الصناعيين في وجود وزارة للصناعة أو هيئة ملكية للصناعة، كما اقترح الأخ المهندس سعد المعجل، رئيس اللجنة الوطنية الصناعية، لتكون مسؤولة عن الصناعة والصناعيين، ومع ذلك فإن وجود معالي وزير التجارة والصناعة وهو صناعي أصيل ويتحدر من أعرق العائلات التجارية الصناعية، لذلك وجوده ووجود سعادة وكيل الوزارة الدكتور خالد السليمان، يجلعنا (نصبر) لعدم وجود وزارة للصناعة. وأتساءل هل وزارة الصناعة سابقا أو وكالة الصناعة اليوم تقوم بمسؤولياتها كاملة نحو الصناعة وخدمة الصناعيين؟ ولكن قبل هذا السؤال، هل لدى الوكالة الموارد المالية والعدد الكافي من المهندسين والخبراء والمستشارين في الصناعة للقيام بأعمالها؟ إن الوكالة بعيدة عن ذلك مهما ذكر المسؤولون، وقبل أن نسمع اعتراض على هذا الرأي فلننظر إلى عدد المصانع في المملكة، يقال إنها أكثر من أربعة آلاف مصنع، وهذا العدد لم ينشأ من دون مساعدة الدولة ورعايتها وحمايتها للصناعة الوطنية . كم من هذه المصانع في المدن الصناعية وكم منها خارج المدن الصناعية وكم منها داخل المناطق العمرانية وكم منها في مدينتي الجبيل وينبع؟ تقول سياسة مؤسسة النقد للبنوك "اعرف عميلك"، فهل وكالة الصناعة تعرف عملاءها من مصانع؟ متى كانت آخر زيارة أو حتى أول زيارة من مهندسي الوكالة/ الوزارة إلى هذه المصانع، وهل تعرف مواقعهم وخصوصا تلك التي خارج المدن الصناعية؟ أم تكتفي الوكالة بالترخيص الصناعي وقرارات الإعفاء والتقرير السنوي للمصنع - إن أرسل للوزارة. ما الاستشارات الفنية التي قدمتها الوكالة للمصانع؟ وقبل ذلك هل لديها الخبراء في جميع مجالات التصنيع التي تنتجها المصانع حتى تقوم بذلك؟ هل لديها علم بعدد العمالة السعودية في كل مصنع؟ وهل أرسلت مندوبين للتأكد من ذلك ومن برامج تدريب العمالة السعودية أم اكتفت بتقرير مكتب العمل أو شهادة مؤسسة التأمينات الاجتماعية؟ بصراحة لا نستطيع أن نلوم معالي الوزير أو وكيل الوزارة، ولكن عليهما فعلا تجهيز طلباتهم من المهندسين والخبراء والاستشاريين السعوديين وغيرهم ومطالبة وزارة المالية بذلك ولو للسنة المالية المقبلة وعلى الوزارة عدم التنازل عن عدد المطلوبين للقيام بمسؤولياتها، وعليها أيضا عدم المساومة لتقسيم طلباتها بين وكالة التجارة التي تحتاج إلى أكثر وبين وكالة الصناعة. لا يمكن أن نطلب من معالي الوزير النجاح دون أن يُقدم له ما يطلبه وهذا ليس مطلبا من معاليه، بل رأي خاص مني بخبرتي في الصناعة وخدمة وزارة الصناعة سابقا / الوكالة حاليا. ويعلم الجميع أن الوكالة تدرس مشروعا جديدا لخدمة الإعفاءات الجمركية للمواد والآلات واسترشِد برأي الصناعيين واللجنة الوطنية الصناعية في مجلس الغرف، ولكن نعلم أيضا أن طلبات الإعفاء تستغرق أربعة أشهر وأكثر، وأن اللجنة المكلفة لا يوجد فيها العدد الكافي من الخبراء الذين يستطيعون أن يقرروا في جميع أنواع الصناعات، كما أن عدد أعضاء اللجنة غير كاف وهذا أحد أسباب تأخير إصدار الإعفاءات للمصانع. كما لا يمكن للعدد المحدود من العمل جلسات إضافية لعدم وجود الميزانيات، لذلك حتى لو وجدت فإن العدد غير كاف مهما حاولت الوكالة اللحاق بطلبات الإعفاء وهي حق أعطته الدولة للصناعيين وعامل مساعد ضروري للصناعة.
لن نكرر مطالبنا بضرورة الإسراع في اعتماد الدعم اللازم لهيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية لبناء وتطوير المدن الصناعية القائمة والجديدة، وهذا خلافا لما قدمته الدولة مشكورة للاستراتيجية الصناعية وتنفيذها. لقد اضطرت هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية لفرض رسوم 50 ريالا على كل متر مربع يخصص لأي مشروع صناعي جديد في منطقة جدة – 2 التي تحت التنفيذ لعدم وجود الموارد والدعم من الدولة، وهذا إجحاف بحق الصناعيين في مدينة جدة وأي مدينة أخرى سيفرض عليها هذا المبلغ أو حتى ربعه. لو كان هناك دعم من الدولة لما اضطرت إدارة الهيئة لفرض هذا الرسم، ومع وجود مصانع دفعت مضطرة هذا الرسم لعدم وجود أراض مطورة لسنوات عديدة في مدينة جدة، وهذا يظهر رغبة المستثمرين في بناء مصانع وخلق فرص عمل، فلا يمكن مكافأتهم بأتاوة مجحفة. ويزيد عدد المشاريع التي تنتظر أراضي مطورة أكثر من 500 مصنع إذا أسعفتني الذاكرة، وهذا بخلاف المصانع القديمة القائمة خارج المدينة الصناعية داخل المناطق السكنية التي يجب نقلها إلى مدن صناعية مطورة جديدة. إن استمرار عدم وجود الدعم الكافي لهيئة المدن يعد عائقا أمام الصناعة وتطورها وهذا يتناقض مع قرار مجلس الوزراء الأخير بدعم الاستراتيجية الصناعية بنحو 40 مليار ريال في السنوات الخمس المقبلة، لذلك نتطلع من الدولة للإسراع في تقديم الدعم المادي والكافي لهيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية للقيام بواجباتها.
إن ما يقوم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من أعمال وقرارات في جميع شؤون الوطن يجعلنا نتطلع لمستقبل أفضل في جميع أمور حياتنا وأننا قادرون بإذن الله تعالى على التغيير للأفضل، ويزرع اليوم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله - حفظه الله - وستأتي الأجيال القادمة لتحصد وسنبلغ منانا قبلهم، فالشكر لله سبحانه وتعالى ثم التوفيق لخادم الحرمين الشريفين، بارك الله فيه وفي بطانته القوية الأمينة الصالحة.