رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إعادة هيكلة وزارة الصحة ضرورة يمليها واقعنا الصحي

في مقال سابق "د. الربيعة بين فصل التوائم وفصل الترهلات الإدارية" ذكرت بعض النقاط التي يحتاج وزير الصحة إلى وضعها ضمن أجندة وزارته لرفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة، لكني لم أتطرق إلى أهمية إعادة هيكلة وزارة الصحة نظرا لانعكاس الهيكلة على كل النقاط السابق ذكرها. ميزانية وزارة الصحة من الوزارات التي تستحوذ على نصيب الأسد من ميزانيات الدولة السنوية لكنها على الرغم من ضخامتها إلا أنه لم تواكبها إعادة النظر في هيكلها التنظيمي من أجل التأكد من مواكبته لتسريع تنفيذ القرارات.
لا شك أن التحول من المركزية إلى اللا مركزية أحد الخيارات المطلوبة والمطروحة ليس فقط لوزارة الصحة بل كل الوزارات. لكن التحول من المركزية إلى اللامركزية يتطلب جهدا ووقتا قد يطول تطبيقه, لذا فإن ما سأطرحه في هذا المقال يمكن تنفيذه بشكل سريع وينعكس أثره بشكل مباشر على المواطن.
فكما يخبرنا علماء التنظيم الإداري بأن إعادة التنظيم الإداري يهدف منها تسريع تنفيذ القرارات وإعادة ترتب أولوية القرار الإداري وفق معطيات مرحلة جديدة, فالوزارة في حاجة إلى إعادة الهيكلة خصوصا أن التنظيم الإداري لوزارة الصحة لم يتغير منذ أكثر من عقد من الزمان.
على الرغم من كون وزارة الصحة من الوزارات التي لديها مهام متشعبة ومتعددة ومتجددة فالوزارة لها أدوار رقابية وتشريعية وتنفيذية. كما أن للوزارة أدوارا علاجية ووقائية وتنفيذية وتأهيلية. على الرغم من كل هذه الأدوار المتجددة لوزارة الصحة لكن وزير الصحة ليس له نواب أسوة بالوزارات الأخرى التي تشابه وزارة الصحة من حيث تعدد الأدوار والمسؤوليات ومباشر أثرها ونفعلها للمواطن كوزارة التربية والتعليم. كما أن هناك وزارات أقل حجما ومخرجات من وزارة الصحة لكنها تتمتع بوجود نواب للوزير.
وزارة الصحة أولى من غيرها من الوزارات لإعادة صياغة هيكلها التنظيمي من أجل أن تستوعب مهامها, خصوصا في ظل تفعيل القطاع الصحي الخاص بعد تطبيق الضمان الصحي التعاوني. فإذا كانت وزارة التربية والتعليم لديها نائبان لشؤون البنات والبنين إضافة إلى نائب لوزير التربية والتعليم، فإن وزارة الصحة في حاجة إلى نواب للوزير لشؤون التشغيل والشؤون الطبية ومراكز الرعاية الأولية. كما أن الوزارة في حاجة إلى وكالة لشؤون القطاع الصحي الخاص, الذي يتوقع منه نمو متواصل خلال الفترة المقبلة.
لا أريد أن أسترسل في رسم ملامح الهيكل الإداري المنشود لوزارة الصحة لكن أحببت فقط الإشارة إلى ضرورة إعادة هيكلتها. فمثلا لا شك أن الاعتماد المالي لوزارة الصحة لإنشاء وزيادة أعداد مراكز رعايتها الأولية لأرقام فلكية يحتم على الوزارة أن يكون لها نائب للوزير لمراكز الرعاية الأولية ويضم إليه الطب الوقائي والتوعية الصحية وغيرها من الخدمات والبرامج المشابهة. باعتقادي أن الانطلاقة الصحية لبرامج التثقيف الصحي تبدأ من الأحياء وعبر مراكز الرعاية الأولية. كما أن استرجاع الثقة بمستوى خدمات مراكز الرعاية الأولية يبدأ بتقوية مركزها الإداري.
لا شك أن تطبيق الضمان الصحي التعاوني يفرض على وزارة الصحة تفعيل دور مستشفيات القطاع الخاص وفق معايير تساعد على مشاركتها الإيجابية في توفير الخدمة الصحية المتوقعة من متلقيها, وهو المريض. القطاع الصحي الخاص في حاجة إلى زيادة الجرعة الرقابية عليه والتأكد من تقديمه مستوى عاليا من الخدمة وكذلك تسهيل الاستثمار في هذا القطاع, خصوصا أن القطاع الصحي الخاص يحب أن يكون شريكا في تقديم الرعاية الصحية.
التشكيل الإداري الحالي يغرق الوزير في متابعة العمل اليومي لمشكلات تبدأ لا تنتهي على حساب تركيزه في النظر إلى مستوى الخدمة وتقييمها من أجل الوصول إلى توقعات المستفيدين من الخدمة. كما أن الوزير طبيب جراح عالمي قد تغرقه الوزارة بمشكلاتها وهمومها عن مزاولته المهنة التي أحبها وأصبح رائدا من رواد عمليات فصل التوائم. وزارة الصحة في حاجة إلى تنظيم إداري يساعد الوزير على بناء فريق عمل متكامل يسهل مهامه, خصوصا أن الدكتور عبد الله صرح في أكثر من مناسبة بأنه يؤمن بالعمل الجماعي المبني على تكامل المهارات والخبرات.
لذا, فالوزارة في حاجة ماسة إلى إعادة هيكلتها من أجل مرحلة جديدة مشرقة ـ بإذن الله ـ فهل نرى تغييرا حقيقيا في هيكلة وزارة الصحة؟ أرجو ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي