"الأسكوا": تشجيع دول التعاون للمناطق الصناعية وفر دعما كبيرا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة

"الأسكوا": تشجيع دول التعاون للمناطق الصناعية وفر دعما كبيرا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة

قال تقرير حديث صادر عن منظمة الأسكوا إن جهود دول مجلس التعاون الخليجي في إقامة مزيد من المناطق الصناعية أسهم بشكل فاعل في تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، من حيث العدد وتنوع الأنشطة، الأمر الذي أسهم بدوره في تنمية وتنويع قاعدة الصادرات للخارج.
ولاحظ التقرير تزايد عدد المناطق الصناعية في دول مجلس التعاون الخليجي، ومن المقرر إنشاء مزيد منها في السنوات المقبلة. وهذه المناطق هي نتاج السياسات الصناعية الساعية إلى توسيع الفرص في قطاعات التصنيع، مع إيجاد مجالات يمكن فيها تعزيز جيوب للنمو في بيئة موصلة ومواتية.
ويتم عموما في دول مجلس التعاون الخليجي انتهاج السياسات الصناعية التي تعزز إقامة مناطق صناعية لتحقيق هدف أو أكثر من الأهداف الإنمائية التالية:
(أ) تعزيز الاستثمار، خاصة جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
(ب) تنويع عمليات التجارة من خلال أصحاب المصانع المحليين أو إعادة الصادرات.
(ج) لامركزية التنمية الاقتصادية لخدمة المناطق الريفية والبعيدة بغية التخفيف من الهجرة إلى المناطق الحضرية أو نقل الصناعات الملوثة للبيئة إلى مناطق غير مأهولة.
(د) تيسير التجمعات الصناعية والربط الشبكي ونقل التكنولوجيا داخل الصناعات وفيما بينها في إطار سلسلة من التدابير لتحقيق القيمة و/أو تشجيع روح المبادرة لإقامة المشاريع وخلق فرص للعمل بتقديم حوافز خاصة وخدمات لدعم الأعمال تتفق واحتياجات الصناعات المستهدفة، بما فيها المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم.
وتحدد الاستراتيجية الموحدة للتنمية الصناعية لدول مجلس التعاون الخليجي تشييد المناطق الصناعية وإنشاء البنية التحتية الملائمة في مناطق أقل تطورًا بوصفها الأدوات الأساسية لتحقيق أهداف سياساتها الصناعية. وعلى الرغم من أن هذه الاستراتيجية موجهة إلى حد كبير نحو تشجيع مبادرات القطاع الخاص في مجال الصناعات الثقيلة، فإنها تحدد أيضا توظيف المواطنين كواحد من أهدافها الرئيسة، وكذلك إيجاد سلاسل وطنية للقيم التي تربط المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالشركات الأكبر حجمًا. وتنظر الاستراتيجية إلى المناطق الصناعية كوسيلة لتحقيق أهداف عديدة في مجال السياسات، بما في ذلك تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وخلق فرص للتوظيف والتنمية اللامركزية.
وقام أعضاء مجلس التعاون الخليجي في وقت لاحق بتطوير هذه الاستراتيجية على الصعيد الوطني لكي تشمل أيضًا الاعتبارات المتعلقة بإدارة البيئة. وعلى سبيل المثال، في السعودية وعُمان والإمارات، يتم منذ البداية إدماج خدمات إدارة المياه المستعملة ومياه العواصف والنفايات في تخطيط المناطق الصناعية.
والتجمع الصناعي أيضًا متبع في كل من عُمان والسعودية كاستراتيجية لإنشاء مناطق صناعية متخصصة لخدمة قطاعات اقتصادية رئيسية. وهذا النهج لتنمية المناطق الصناعية ينسجم مع الغرض العام للسياسات الصناعية، التي وضعت إما للتغلب على العوامل الخارجية للأسواق وإما لاكتساب منافع من وفورات الحجم.
وفي الإمارات حفز نجاح المناطق الحرة والمناطق الصناعية في دبي إنشاء عدد من المناطق الجديدة في الإمارات وفي المنطقة. وطبقًا لتقرير صدر أخيرا، هناك 23 منطقة حرة في الإمارات تتعامل مع قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات. وعلى الرغم من أن المناطق الصناعية ليست جميعها مناطق حرة، فإن المصانع في المناطق الصناعية تستفيد من معظم الحوافز نفسها كتلك القائمة في المناطق الحرة. وتشمل هذه الحوافز الإعفاءات من الرسوم الجمركية على واردات المواد الخام والآلات اللازمة للمشاريع الصناعية وإعفاءات من الضرائب المفروضة على الأشخاص والشركات وإعادة تحويل رأس المال والأرباح إلى الوطن بنسبة 100 في المائة. إضافة إلى ذلك، فإن المؤسسات الصناعية العاملة في المناطق الصناعية، التي تضيف 40 في المائة من القيمة المضافة محليًا، تستفيد من الإعفاء من تعريفة الدخول إلى أسواق مجلس التعاون الخليجي، وهي ميزة لا ينعم بها المستأجرون في المناطق الحرة.
ومع ذلك، يمكن للشركات المنشأة في المناطق الحرة الاستفادة من الملكية الأجنبية بنسبة 100 في المائة ومن الإعفاء من الرسوم الجمركية على جميع الواردات التي هدفها التصدير وإعادة التصدير خارج الإمارات ومن أية قيود على توظيف الأجانب.
وفى حين يعزى إلى حد كبير النمو الذي شهدته الإمارات إلى زيادة الإيرادات المتأتية من إنتاج النفط وخدماته (بما في ذلك التجارة)، يسهم قطاع الصناعة في تحقيق 13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويقع ثلث المؤسسات الصناعية في الإمارات في إمارة دبي استنادا إلى أرقام أولية للناتج المحلي الإجمالي عام 2007 وتبلغ نحو 177 شركة تشارك في أنشطة متنوعة، تشمل تصنيع المعادن، إنتاج الخشب، والمنتجات الكيماوية والبلاستيكية. وغالبية هذه المؤسسات 84 في المائة لديها أقل من 100 موظف ومن ثم يمكن اعتبارها متوسطة الحجم أو صغيرة استنادا إلى تعريف المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم السائد في بلدان مجلس التعاون الخليجي.
ويؤكد التقرير أن صناع القرار وأصحاب المصلحة في القطاع الخاص باتوا يدركون أن الوصول إلى المعلومات بتكلفة عادلة ونظام يتسم بالشفافية هو عنصر رئيس لتحقيق النجاح. ومما يؤسف له أن ثقافة المعلومات لا تزال، إلى حد كبير، بحاجة إلى التعزيز في معظم البلدان النامية. ومن ثم تعوق هذه القيود الحصول على معلومات عن المعايير، رغم زيادة عدد مواقع الإنترنت الجاري إنشاؤها والمخصصة أساسا لتيسير الوصول إلى هذا النوع من المعلومات.
وتستطيع المعايير تحفيز الصناعيين على الدخول في طائفة من المنتجات الأكثر تنوعا وحداثة. ويمكن أن تشجع المعايير الصناعية تحسين الجودة التي يمكن أن تحقق مزايا فرعية فيما يتعلق بتحسين الإنتاجية والقدرة التنافسية. أما السياسات والبرامج التي تشجع على استحداث معايير صناعية وخطط لاعتماد الجودة، فإنها يمكن أن تصبح أدوات لإعلام المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم عن الاتجاهات الصناعية الجديدة وأهدافها ووسيلة أيضا لتشجيع الشركات على المشاركة في الابتكار والتكيف ونقل التكنولوجيا.
وهناك أيضا قيود في جانب الطلب، وما لم يتوقع أصحاب المشاريع تحقيق عائد من الارتباط بتصميم جديد والامتثال لمعايير أكثر صرامة، فإنه من غير المحتمل كثيرا أن يتحملوا المخاطر المتعلقة باكتشاف منتجات جديدة أو تطويعها أو تطويرها. وهذا يؤثر بدوره عكسيا في القدرة التنافسية للمشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم.
ومن التحديات الأخرى المهمة نقص التمويل اللازم للاستثمار ورفع مستوى مرافق الإنتاج بغية الامتثال لمعايير أكثر صرامة. وتمثل القدرة التقنية ووفورات الحجم أيضا مشكلات، ولا سيما بالنسبة للشركات الصغيرة. ومن ثم فإن المعايير لا تعزز الابتكار لإنشاء خطوط منتجات جديدة، كما هو الحال غالبا في الصناعات ذات التكنولوجيا المتوسطة إلى الرفيعة، بل بدلا من ذلك تنشئ حواجز تجارية أمام صغار المنتجين وأولئك الذين يعتمدون على عمليات إنتاج تقليدية.
من هنا فإن للسياسة الصناعية دورا في معالجة هذه الإخفاقات السوقية، وغيرها من الحواجز الهيكلية، التي تعوق قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الوصول إلى المعايير الصناعية والتقيد بها.

الأكثر قراءة