في مكتب المدير
كنت طالبا في المستوى الأول في قسم الإعلام في جامعة الإمام، تلك الفترة صادفت انطلاقة المؤتمر العالمي عن تاريخ الملك عبد العزيز، وقتها اختار القسم عددا من الطلاب لعضوية اللجنة الإعلامية، كان رئيس اللجنة الإعلامية حينها الدكتور عبد القادر طاش يرحمه الله. كنت أنا وزميلي عبد الرحمن العبد القادر من الطلاب الذين اختيروا للعمل في اللجنة الإعلامية. كانت الفكرة أن نقابل بعض أصحاب السمو الملكي من أبناء الملك عبد العزيز يرحمه الله للحديث عن المؤسس والأب. ذهبت أنا وزميلي عبد الرحمن إلى مبنى وزارة الدفاع والطيران، دخلنا وطلبنا أن نقابل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان يحفظه الله، كنا صغارا، قابلنا أحد العاملين في مكتب سموه، جلس معنا، سألنا: ماذا تريدون؟ قلنا: نريد مقابلة الأمير سلطان. وقتها لم نكن نعي الكثير من التفاصيل البروتوكولية. أبلغناه أننا في اللجنة الإعلامية الخاصة بالمؤتمر العالمي عن تاريخ الملك عبد العزيز وأننا نريد مقابلة سمو الأمير. لم يكن معنا أسئلة، ولم يكن هناك موعد مسبق. طلب منا الرجل بهدوء أن نعد الأسئلة، طلبنا منه أوراقا. تعامل معنا بمنتهى الصبر والأناة. بدأنا في كتابة الأسئلة، ثم سلمناها له. بعد أيام كان لدينا حوار مع الأمير سلطان بن عبد العزيز يحلم به أكبر الصحفيين. نشرناه يومها في جريدة "المسائية". وتناقلت هذا الخبروكالات الأنباء. كثيرون كانوا يسألوننا كيف استطعتم الوصول إلى الأمير سلطان. بمن فيهم رئيس التحرير في ذلك الحين الأستاذ عبد العزيز العيسى. أتذكر هذا الموقف، وأقارنه بمواقف أخرى لعدد من مسؤولي العلاقات العامة ومديري مكاتب بعض الوزراء. الفارق كبير للغاية، وحكايات بعض الزملاء في الميدان تكشف تجارب مريرة في التعامل مع مديري المكاتب وإدارات العلاقات العامة. الشيء المؤكد أنني بعد عدة أيام من نشر التصريحات التي خص بها الأمير سلطان بن عبد العزيز شابين في مقتبل العمر، ذهبت إلى مكتب أحد الوزراء، كنت أحمل جهاز التسجيل والأسئلة، وطلبت مقابلة الوزير، قال مدير مكتبه: الوزير لا يمكن أن يقابله إلا رئيس تحرير أو على الأقل مدير تحرير. كنت حينها محررا متعاونا بمكافأة مقطوعة، رحل الوزير، لكن مدير مكتبه لا يزال موجودا. ما زلت على يقين أن تغيير وزير أكثر سهولة من تغيير موظف لا يجيد أداء عمله كما ينبغي.