مؤسسة النقد:‏ 4 عوامل تعزز استمرار تراجع التضخم في السعودية

مؤسسة النقد:‏ 4 عوامل تعزز استمرار تراجع التضخم في السعودية

أكدت مؤسسة النقد السعودي "ساما" ‏أن الدلائل الأولية وفقًا للمعطيات الحالية ‏على ‏الصعيدين المحلي والعالمي، تشير إلى استمرار تراجع الضغوط التضخمية في الاقتصاد السعودي ‏خلال الربع ‏الأول من العام الجاري.‏
وعزت المؤسسة هذا التراجع إلى عدة عوامل محلية وأخرى خارجية من أبرزها انخفاض تكاليف الشحن وأسعار النفط وصعود ‏الدولار وتأثير الأزمة المالية العالمية الحالية حيث يرجح أنها ستسهم في تراجع الضغوط ‏التضخمية بشكلٍ عام خلال الفترة ‏المقبلة. وتراجع معدل التضخم خلال الربع الرابع من عام 2008 ليبلغ نحو 1.9 في المائة مقابل 2.2 في المائة في الربع الثالث من العام نفسه. كما تراجع معدل التضخم السنوي من 10.7 في نهاية الربع الثالث من العام الماضي إلى 9.9 في المائة في نهاية الربع الرابع مقارنة بالفترة المقابلة من عام 2007.
وقالت المؤسسة في تقرير أصدرته أمس حول توقعات التضخم للربع الأول من عام 2009 من ‏حيث العوامل المحلية، إنه رغم ازدياد إنفاق القطاعين الحكومي والخاص لتعزيز مقومات التنمية الاقتصادية (حيث صدرت الميزانية العامة للدولة تحمل زيادة في الإنفاق الحكومي خلال العام المالي 2009 بنحو 100 مليار ريال على العام المالي 2008)، إلا أن هناك مؤشرات تدعم التوقعات بانخفاض حدة الضغوط التضخمية في الاقتصاد السعودي خلال الربع الأول من العام الجاري. وفيما يخص مجموعة السكن وتوابعه، توقعت "ساما" أن يستمر تراجع زخم الارتفاع في الإيجارات خلال الفترة المقبلة، وذلك نتيجة للتوسع الملحوظ في إنشاء المباني السكنية من قبل القطاعين الحكومي والأهلي، يضاف إلى ذلك توقع انخفاض وتيرة نمو معظم الأنشطة الاقتصادية متأثرة بالأزمة الاقتصادية العالمية والتي من المتوقع أن تخفض من حدة الطلب.
من جهة أخرى، تتوقع "ساما" ‏في تقريرها انخفاض تكلفة البناء نتيجة لانخفاض أسعار مدخلاته كالحديد والأسمنت اللذين سجلا تراجعًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، حيث زادت حدة المنافسة بين المنتجين المحليين، كما شهدت أسعار الحديد تخفيضات كبيرة خلال الربع الرابع من عام 2008، ومن المتوقع أن يستمر التراجع في أسعار الحديد في الربع الأول من العام الجاري نتيجة لتأثر أسعار السلع كافة بالأزمة المالية العالمية. وفيما يتعلق بمجموعة الأطعمة والمشروبات، توقعت المؤسسة انخفاض الضغوط التضخمية عليها نتيجة لانخفاض أسعار السلع والأغذية في السوق العالمية.
أما من حيث العوامل الخارجية المغذية للتضخم المحلي، أكدت "ساما" في تقريرها أن انفتاح الاقتصاد السعودي بشكل كبير على العالم يجعله عرضة للتأثر بالظروف الاقتصادية الدولية. ووفقًا للمؤشرات الاقتصادية "على صعيد الاقتصاد العالمي" وفي ظل الأزمة المالية الراهنة، فقد دخل الاقتصاد العالمي في حالة من الركود في الفترة الحالية ولا يتوقع بدء انتعاش الاقتصاد العالمي خلال عام 2009، الأمر الذي سينعكس على أسعار السلع والخدمات المستوردة إلى المملكة، ومن ثم تتعزز التوقعات باستمرار الانخفاض في مستوى الأسعار المحلية خلال الفترة المقبلة نتيجة لتراجع الطلب العالمي عليها.
وتدعم أحدث الإحصاءات الصادرة عن صندوق النقد الدولي التوقعات بانخفاض الأسعار خلال الفترة المقبلة، حيث يشير الرقم القياسي لأسعار السلع غير النفطية الصادر عن الصندوق (بيانات كانون الثاني (يناير) 2009) إلى انخفاض أسعار السلع غير النفطية بنسبة 25.5 في المائة في السنة المنتهية في كانون الثاني (يناير) 2009، ومن ضمن السلع غير النفطية انخفضت أسعار المواد الغذائية في مجملها بنسبة 16.8 في المائة، حيث انخفضت أسعار الحبوب بنسبة 19.7 في المائة، ومن ضمن منتجات الحبوب انخفضت أسعار كل من: القمح بنسبة 35.2 في المائة، الشعير بنسبة 40.9 في المائة، والقهوة بنسبة 11.2 في المائة، كما انخفضت أسعار مجموعة الزيوت النباتية بنسبة 27.1 في المائة خلال الفترة نفسها، ويتوقع كذلك أن يستمر التراجع في معدل نمو سعر الأرز في عام 2009 حيث تراجعت نسبة الارتفاع في أسعاره من زيادة نسبتها 155.8 في المائة خلال السنة المنتهية بشهر حزيران (يونيو) من عام 2008 إلى زيادة نسبتها نحو 56.4 في المائة في السنة المنتهية في كانون الثاني (يناير) 2009 مقارنة بالسنة المنتهية بالشهر نفسه من العام السابق. وتتوقع نشرة آفاق الاقتصاد العالمي لكانون الثاني (يناير) 2009 انخفاض أسعار المواد غير النفطية في مجملها بنسبة 29.1 في المائة خلال العام الجاري، في حين تتوقع انخفاض أسعار النفط بنسبة 48.5 في المائة مقارنة بالعام الماضي 2008.
وتبعا لتقرير "ساما"، الذي يسلط الضوء على معدلات التضخم في الاقتصاد السعودي واتجاهاتها ‏العامة باستخدام الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة (الصادر من مصلحة الإحصاءات ‏العامة والمعلومات)، ‏فإن هناك بعض العوامل الأخرى التي ستعزز التوقع بتراجع الأسعار خلال ‏‏الفترة المقبلة، منها انخفاض تكاليف الشحن نتيجة لانخفاض النشاط الاقتصادي العالمي، وانخفاض أسعار النفط، ونتيجة لارتفاع سعر صرف الدولار الذي شهد في الآونة الأخيرة تحسنًا ملحوظًا مقابل معظم العملات الأجنبية وخاصة اليورو والذي سيكون له دور مساعد في خفض تكاليف بعض المنتجات المستوردة إلى المملكة بالعملات الأخرى. كما أن التراجع الذي تشهده أسعار النفط حاليًا قد يؤدي إلى خفض تكاليف مدخلات الإنتاج الزراعية والصناعية الأمر الذي سيخفض تكاليف مدخلات السلع الزراعية كالأسمدة، والسلع الوسيطة للمنتجات الصناعية.
وفي هذا الصدد، أشار التقرير إلى أن التوقعات الصادرة من صندوق النقد الدولي (بيانات كانون الثاني (يناير) 2009) تعزز التوقعات بتراجع الضغوط التضخمية خلال الفترة المقبلة. حيث تشير التوقعات إلى تراجع معدلات التضخم خلال العام الجاري في كل من الولايات المتحدة ودول منطقة اليورو إلى 1.8 في المائة و1.9 في المائة على التوالي. ومن المتوقع أيضًا تراجع معدلات التضخم في كل من اليابان إلى 0.9 في المائة، الصين إلى 4.3 في المائة، المملكة المتحدة إلى 2.9 في المائة، كوريا الجنوبية إلى 4.0 في المائة، والهند وأستراليا إلى 6.7 في المائة و3.6 في المائة على التوالي. وكل تلك العوامل‏‏ (وفقا لتقرير المؤسسة)‏ من المؤمل أن تنعكس إيجابًا على أسعار الواردات السلعية إلى المملكة.

الأكثر قراءة