رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


رسالة إلى رواد المساجد (4 من 4)

في هذه الحلقة من سلسلة رسائل إلى رواد المساجد أصل إلى ختام هذه الرسائل بالحلقة الرابعة والأخيرة، وفي هذه الرسالة أحث إخواني المسلمين الراكعين الساجدين العاكفين، أن يحذروا من كيد أعداء الله وأعداء الإسلام الذين هم أعداء المساجد ومن فيها من الركع السجود، ولا تنسوا أن الله تعالى قد حذَّرنا منهم وسجل لنا التاريخ أنهم لا يتوانون عن الكيد للإسلام والمسلمين، ومحاولة الصد عن دين الله بكل الوسائل المتاحة لهم. وخير مثالٍ على ذلك الكيد الخبيث زعمهم أن المساجد ليست سوى دور للعبادة، ومكانٍ لأداء الصلاة وتلاوة القرآن الكريم قبيل أداء الفريضة فقط. وأنها أصبحت غير مناسبة لتقديم الوظائف التي كانت تقوم بها في زمن النبوة وعهد السلف الصالح. فإن هذه دعوى باطلة، وفريةٌ عظيمة لا أساس لها من الصحة، وعلينا جميعاً أن نُعيد للمسجد رسالته السامية ودوره العظيم في بناء شخصية الإنسان المسلم، وتربيته التربية الإسلامية المثالية الصالحة لكل زمانٍ ومكان.
* يا من تُجيبون دعوة الله تعالى؛ إياكم واصطحاب الأطفال الصغار الذين هم دون سن التمييز إلى بيوت الله لما في ذلك من إزعاجٍ للمصلين وقطعٍ لخشوع الخاشعين بالمرور بين أيديهم والإخلال بتنظيم صفوفهم. وليس هذا فحسب بل ربما وصل الأمر ببعض الأطفال إلى تلويث المسجد في بعض الأحيان. أما أولئك الأطفال الذين يُرجى من اصطحابهم تدريبهم على ارتياد المساجد وتعويدهم على أداء الصلاة، وغرس حب المساجد في نفوسهم فلا بأس – إن شاء الله تعالى – من اصطحابهم مع مراعاة عدم الغفلة عنهم، ومحاولة التحكم في تصرفاتهم، وحثهم على احترام هذه المساجد والالتزام بآدابها والتحلي بأخلاقها.
* يا من تُحبون بيوت الله تعالى وتحترمونها لا تنسوا أن من علامات احترام هذه البيوت المحافظة على المظهر الحسن عند ارتيادها والدخول إليها عملاً بقوله تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ" (سورة الأعراف: من الآية 31). ومعنى ذلك أن يلبس المصلي لباساً لائقاً بالمساجد من حيث النظافة والستر والأناقة والهندام، والحشمة والوقار. و الحذر الحذر من ارتيادها بملابس غير لائقة كأن يأتي الإنسان إلى المسجد بثياب النوم أو بملابس العمل المتسخة أو التي تفوح منها الروائح المؤذية أو نحوها لأن في ذلك عدم احترام لقدسية هذا المكان، ثم لأنها قد تؤذي برائحتها من في المسجد من الملائكة والمصلين. وقد سبق معنا قوله ـ صلى الله عليه وسلم: "من أكل من هذه الشجرة المُنتنة فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس" (أخرجه مسلم، الحديث رقم 1252، ص 227).
* يا من أديتم الفريضة في المساجد، إياكم والتفريط في الأذكار التي حثت السنة النبوية على الإتيان بها بعد أداء الفريضة، ولا يستعجل أحدكم في مغادرة المسجد حتى يذكر الله تعالى بما ثبت وصح عن معلم الناس الخير ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أذكارٍ جامعةٍ مانعة؛ فقد روي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "من سبَّح الله في دبر كل صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعةٌ وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" (أخرجه مسلم، الحديث رقم 1352، ص 242). وقد روي عن ابن عباسٍ ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: "إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم"، وقال ابن عباسٍ: " كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته ". (أخرجه البخاري، الحديث رقم 841، ص 136).
* وختاماً، أسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق والسداد، والهداية والرشاد، ومرضاة رب العباد، وأن يجعلنا جميعاً ممن يعمرون بيوت الله في الأرض قولاً وعملاً، وسراً وعلناً، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي