رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


التأمين مقياس الأزمات... وسر الغلاء

ما أن تحصل كارثة هنا أوهناك إلا ويبرز التأمين كمقياس للأزمات، فهو كالترمومتر الذي سرعان ما يستجيب للأزمات العالمية على شتى أشكالها وأنواعها. فمن الكوارث البيئية إلى الحوادث الإرهابية أو حتى الأحداث السياسية يبرز التأمين كأكثر القطاعات الاقتصادية سرعة في الاستجابة لهذه الأحداث. هذه الاستجابة وأيا كان نوعها أو درجتها لا يمكن حصرها في نطاق مكاني معين بل سرعان ما تمتد لتصبح محل اهتمام العالم كله.
وهناك تقليد شائع لدى شركات إعادة التأمين العملاقة على مستوى العالم حيث يقوم بعضها بوضع غُرف أو صالات ضخمة لسماسرة التأمين على مستوى العالم تقرع الأجراس فيها بطريقة معينة لتخبر أولئك السماسرة بالأخبار السارة أو الأخبار السيئة التي تهم شركات التأمين في المقام الأول. وهناك من شركات التأمين من تبنى إنشاء إدارة للتنبؤات والتوقعات ولا غرابة في ذلك طالما أن هذا الأمر يمثل عنصرا مهماً من عناصر التعرف على المخاطر التي يقوم نشاط التأمين في الأصل عليها.
وسر هذه العلاقة بين التأمين والأزمات هو أن التأمين قائم على التنبؤات والتوقعات وعادة ما يستبعد فنيو التأمين المخاطر أو الأحداث التي لا تخضع لمعايير ثابتة أو واضحة مثل الكوارث البيئية والحروب والأحداث الإرهابية من إدخالها ضمن المخاطر التي تقوم شركات التأمين بالتأمين عليها أو تقبل شركات إعادة التأمين العالمية إدخالها ضمن التغطيات التي تقدمها لشركات التأمين على مستوى العالم. وبالرغم من استبعاد هذه المخاطر من نطاق تغطيات شركات التأمين وشركات إعادة التأمين إلا أن لهذه الأحداث انعكاسات سلبية على المخاطر الأخرى التي تغطيها شركات التأمين وتترتب كنتيجة غير مباشرة على الأحداث التي المستبعدة من ضمان شركات التأمين والتي أشرت إليها قبل قليل. ولعلي أعطي مثالاً بسيطا على ذلك يخص مجال التأمين على النقل، فمن المعروف أن التأمين على النقل يتأثر بالأحداث السياسية أو الأمنية التي تمر بها أي منطقة تبدأ منها أو تنتهي إليها عمليات النقل التي يتم التأمين عليها، حيث تقوم شركات التأمين أو شركات إعادة التامين برفع أقساط التامين تبعاً للحالة الأمنية أو السياسية التي تمر بها تلك المنطقة بالرغم من أن الشركات لا تغطي المخاطر المتولدة بشكل مباشر عن الحروب أو العمليات الإرهابية.
ولكن ينبغي أن لا يُفهم من ذلك أن شركات التأمين لا تغطي المخاطر المتولدة عن الكوارث البيئة أو الأزمات السياسية بشكل دائم، بل أن شركات التأمين تستبعد هذه المخاطر من التغطيات المألوفة وتضعها ضمن فئات التأمين غير العادي أو الاستثنائي وتتشدد بشكل كبير في قبول التأمين عليها أو فيما يخص الشروط التي تضعها الشركة في وثيقة التأمين الخاصة بتغطية مثل هذه المخاطر، ويأتي تشدد شركات التأمين في هذا الخصوص بسبب أمرين مهمين أولهما هو أنه من الصعب استقراء وقت وقوع الخطر وأسبابه، والأمر الآخر هو صعوبة معرفة نطاق الضرر ودرجته. وتلجأ في الغالب شركات التامين فيما يخص النقطة الأخيرة إلى وضع سقف أعلى لمقدار التزامها الذي تدفعه للعميل في حال حصول الخطر الذي يشمله التأمين. كما أن جانباً مهما من الغلاء الذي يدفع ضريبته المستهلك يكون سببه مبالغة شركات التأمين في رفع الأقساط المتعلقة بالتأمين على البضائع المنقولة أو الخدمات حيث يقوم المستورد أو مقدم الخدمات فيما بعد بنقل عبء هذه الأقساط إلى المستهلك الذي يدفع في النهاية فاتورة الغلاء المرتبط بارتفاع أقساط التأمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي