إجماع على إنشاء هيئة حكومية مستقلة للإشرافية والرقابية على التأمين

إجماع على إنشاء هيئة حكومية مستقلة للإشرافية والرقابية على التأمين

تصدرت الدعوة لإنشاء هيئة حكومية مستقلة لتولي الإشرافية والرقابية على أعمال التأمين التعاوني وتطويرها، أولى التوصيات التي خرج بها الملتقى الأول للتأمين التعاوني الذي نظمته الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل المنبثقة من رابطة العالم الإسلامي الشهر الماضي في الرياض.
‌وتضمنت التوصيات دعوة شركات التأمين التعاوني إلى الالتزام بتطبيق مبادئ الحوكمة التي تتضمن حماية متوازنة للأطراف ذات العلاقة، دعوة الحكومات في العالم الإسلامي والعربي إلى إصلاح الأنظمة والتشريعات التي تحكم أعمال التأمين التعاوني، وإصدار تنظيمات الضبط الشرعي لهذه الصناعة، وكذلك الاستفادة من أشكال وتطبيقات التأمينات الحكومية والإفادة منها في تطبيقات التأمين التعاوني.

دليل إرشادي تطبيقي

وشملت التوصيات التي وافق عليها تجميع أعضاء لجنة الصياغة السبعة المنبثقة عن الملتقى، إعداد دليل إرشادي تطبيقي يتضمن مواطن الالتزام الشرعي في جميع مجالات التأمين التعاوني، إضافة إلى التمسك باستمرارية تنظيم الملتقيات المتخصصة في قضايا التأمين التعاوني بما يحقق دراسته دراسة تفصيلية ومناقشة نوازله.
‌وقد طرح الملتقى الذي شارك فيه نخبة من العلماء والباحثين والمسؤولين والمختصين في مجال التأمين التعاوني والمهتمين بالتأمين بصورة عامة والتأمين الإسلامي على وجه الخصوص من داخل السعودية وخارجها، عددا من البحوث وأوراق العمل التي حظيت بنقاش مستفيض حول ما تضمنته من أفكار وطروحات علمية.

مخاطر عدم الالتزام بالشريعة

وشخص الملتقى عددا من المعوقات التي تواجه صناعة التأمين التعاوني واستشراف مستقبلها، والتي من أهمها: عدم وجود شركات إعادة التأمين التعاوني بشكل كافٍ، المنافسة مع شركات التأمين التجاري، ضعف البيئة التشريعية والتنظيمية، قلة آليات استثمار أموال التأمين، ضعف ثقافة التكافل لدى المجتمع، إضافة إلى قلة الكوادر المؤهلة للعمل في مجال التأمين التعاوني وضعف تأهيلها، فضلا عن مخاطر عدم الالتزام بالشريعة الإسلامية.

إنشاء شركات لإعادة التأمين التعاوني

وقد انتهى المجتمعون بالأغلبية إلى أهمية صناعة التأمين التعاوني، الذي أصبح في الوقت الحاضر حاجة عامة، فهو يسهم في تقدم التجارة والصناعة، وسد كثير من الاحتياجات، ويخفف ما يقع من جوائح ومصائب، كما خطا التأمين التعاوني خطوات جيدة، حيث بدأ بشركة واحدة قبل 30 سنة وأصبح له اليوم أكثر من 200 شركة، لكن لا تزال الحاجة قائمة إلى تقويم مسيرته، وإلى إنشاء شركات إعادة التأمين التعاوني والتي لا يزال عددها قليلا مع أهميتها في تطوير هذه الصناعة.
وتداول حضور الملتقى عدة تعريفات للتأمين التعاوني، لكنه توجه في النهاية إلى أن تعريف واحد وهو (تعاون مجموعة من الأشخاص على تحمل الأضرار المحتملة بإنشاء صندوق غير هادف للربح، له ذمة مالية مستقلة، وتصرف منه الاستحقاقات من تعويضات وإيرادات وفقا لنظام الصندوق، ويمكن أن توكل إدارته واستثماراته لشركة متخصصة وفق أحكام الشريعة الإسلامية)، وهو ما يسمى التأمين التعاوني أو التكافلي أو الإسلامي.

الفائض التأميني ملك للصندوق

وحدد الملتقى مبادئ للتأمين التعاوني، تشمل قيامه على التعاون والتبرع بين مجموع المشتركين، بحيث لا يستهدف المشتركون الربح في المعاوضة على التأمين، وإنشاء حسابين منفصلين أحدهما خاص بالشركة المديرة نفسها حقوقها والتزاماتها والآخر خاص بصندوق حملة الوثائق حقوقهم والتزاماتهم، إضافة إلى أن الفائض التأميني ملك لصندوق التأمين، وليس للشركة المديرة أن تأخذ منه شيئا إلا بوجه مشروع. ويمكن أن يبقى الفائض كله احتياطا تراكمياً لتقوية صندوق التأمين، أو لتخفيض أقساط التأمين، ونحو ذلك مما يعود لمصلحة المشاركين في الصندوق، وفي حال تصفية الصندوق فإن موجودات الصندوق تصرف في أقرب مصرف مشابه.
ومن مبادئ التأمين التعاوني أيضا التزام مبدأ العدالة وحماية أموال الصندوق عند تقدير العوض الذي تستحقه الشركة المديرة سواء أكان ذلك العوض نظير استثمار أموال الصندوق أو إدارة عملياته، ووضع المعايير، والآلية التنفيذية اللازمة لتحقيق ذلك المبدأ، التزام الشركة المديرة بأحكام الشريعة الإسلامية في كل أنشطتها وأعمالها واستثماراتها.
ولخص الملتقى العلاقات التعاقدية في التأمين التعاوني، إذ إن العلاقة بين المشتركين فيما بينهم وبين الصندوق تقوم على أساس التعاون والتبرع، وعلاقة المستأمنين فيما بينهم لا تعد معاوضة، وإن وجد فيها عنصر التبادل، لأنها من باب المشاركات لا من باب المعاوضات.
والعلاقة بين الصندوق وشركة الإدارة لها جانبان: الأول إدارة عمليات التأمين حيث تكون الشركة المديرة وكيلة عنه بأجر أو بدونه، والثاني استثمار أموال الصندوق عن طريق المضاربة أو الوكالة بأجر أو غيرهما من الصيغ الشرعية.

ضوابط ومعايير شرعية التأمين

وقد طرح الملتقى صيغ التأمين التعاوني وصوره، إذ يمكن إقامة التأمين التعاوني على أي صيغة مشروعة مادامت منضبطة وفق حقيقة التأمين التعاوني ومبادئه وضوابطه الشرعية.
وحدد الملتقى الضوابط والمعايير الشرعية للتأمين التعاوني، حيث تداول المجتمعون جملة من الضوابط والمعايير والأحكام الشرعية للتأمين التعاوني من أبرزها: ما ورد في قرار هيئة كبار العلماء في السعودية عام 1397هـ، وقرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي عام 1398هـ، وقرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي عام 1406هـ، ومعيار التأمين الإسلامي الصادر من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية عام 1427هـ. ورأى المجتمعون أن تلك القرارات تعد أساساً لمعرفة الضوابط والمعايير والأحكام الشرعية للتأمين التعاوني.

مسائل تحتاج لدراسة

وأرجع الملتقى بعض المسائل الشرعية المتعلقة بالتأمين التعاوني، كونها لا تزال تحتاج إلى مزيد البحث والتدقيق، ومن هذه المسائل: دراسة تكييف عقد الجعالة كأحد العقود الشرعية التي يمكن أن يخرج عليها التأمين التعاوني في العلاقة بين الشركة المديرة والصندوق، دراسة الفائض التأميني وكيفية التصرف فيه، دراسة الآثار المترتبة على تكييف ملكية الصندوق، ودراسة الصيغ المقترحة للتأمين التعاوني مثل صيغة الوقف.، إضافة إلى دراسة الصيغ المقترحة لإعادة التأمين التعاوني.
أما فيما يتعلق بالتجارب والتطبيقات للتأمين التعاوني، فقد أوصى المجتمعون بدراسة التجارب المطبقة حالياً في العالم الإسلامي، مثل التجربة السعودية والخليجية والسودانية والماليزية دراسة تحليلية نقدية مشتملة على دراسة الأنظمة الصادرة بشأنها والعقود والوثائق والتطبيقات العملية.

الأكثر قراءة