دعوة الحكومات للجوء إلى "التوريق" لتمويل عجز موازناتها بعد تراجع أسواق الاقتراض الدولية
دعا مصرفيون حكومات المنطقة إلى اللجوء إلى عمليات "التوريق" بجميع أشكالها وأبرزها إصدارات الصكوك لتمويل عجوزات الموازنات والإنفاق على مشاريع البنية التحتية، وذلك للتغلب على العقبات التي ستواجه الحكومات من الاقتراض من أسواق الدين الدولية التي تعاني شح السيولة الناجمة عن الأزمة المالية العالمية.
وأجمع المصرفيون الذين شاركوا في مؤتمر " التوريق " الأربعاء الماضي في دبي، على أن عمليات التوريق ورغم أنها سجلت تراجعا كبيرا خلال العام الماضي، ستكون الأكثر نشاطا خلال المرحلة المقبلة, مع إعادة طرح إصدارات الصكوك التي جرى تأجيلها بسبب تداعيات الأزمة المالية على الاقتصادات الخليجية
وكانت التقديرات أن يصل إجمالي الإصدارات المطروحة من الصكوك في العام الماضي إلى 46 مليار دولار لم يصدر منها سوى 30 في المائة فقط, لذلك يتوقع أن تطرح بقية النسبة التي تقدر بنحو 30 مليار دولار خلال العام الجاري, ويتوقف ذلك حسبما قال لـ "الاقتصادية" فيصل حجازي مدير تطوير الأعمال وخدمات التصنيف والتمويل الإسلامي في وكالة موديز للتصنيف الائتماني، على عودة الثقة إلى الأسواق المالية وإلى المستثمرين في الأسواق وتكلفة الصك المطروح، ذلك أن المستثمرين يطالبون بعوائد مرتفعة، في حين أن المؤسسات الراغبة في طرح الصكوك لا ترغب في إصدار صك بتكلفة عالية.
وركز الدكتور ناصر السعيدي كبير الاقتصاديين في مركز دبي المالي العالمي المتحدث الرئيس أمام المؤتمر، على أن هناك عوامل أسهمت في نمو المصرفية الإسلامية أهمها النمو القوي في اقتصادات دول الخليج والدول الناشئة في آسيا, والنمو السكاني, وزيادة شريحة الشباب, وتحول المستثمرين إلى التمويل الإسلامي في الدول الإسلامية بسبب الصحوة الدينية، علاوة على منتجات مبتكرة أوجدتها المصرفية الإسلامية مثل الإجارة والتوريق والصكوك والتكافل، وتوقعاتنا أن التمويل الإسلامي سينمو بسرعة خلال السنوات المقبلة ليصل إلى أربعة تريليونات دولار خلال العقد المقبل، أي أنه سيتضاعف أربع مرات من حجمه الحالي الذي يبلغ تريليون دولار.
ويرى الدكتور السعيدي في ورقته أن صناديق الاستثمار الإسلامية حققت نموا بنسبة 20 في المائة عام 2007, وارتفع عددها إلى 700 صندوق لكن حجمها يظل متواضعا بأقل من 50 مليون دولار تمثل حجم الأصول المدارة، علاوة على أن انتشارها أيضا محدود وهو ما يوفر أمامها فرصة للنمو والانتشار كما هو الحال أيضا أمام الملكية الخاصة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
#2#
والمؤكد أن الصيرفة الإسلامية ستستفيد كثيرا من نمو المشاريع الضخمة في منطقة الشرق الأوسط التي تقدر بنحو 167 مليار دولار نصفها لمشاريع في السعودية والإمارات ومصر وهي مشاريع البنية التحتية, ويقدر حجمها في دول الخليجية لوحدها بنسبة 1.8 تريليون دولار، وتضم مشاريع شبكات الطرق والمرافق العامة والمساكن والصحة والتعليم، وهناك فرص كبيرة أمام التمويل الإسلامي لتوفير التمويل اللازم لهذه المشاريع.
ويؤكد الدكتور السعيدي أن هناك تحديات تواجه الصيرفة الإسلامية أبرزها: نقص المعايير وغياب التنظيمات والحاجة إلى الخلق والابتكار ومخاطر إدارة السيولة ونقص المحترفين والمهنيين والخبرة، علاوة على عدم توافر البيانات والإحصائيات التي تتعلق بأداء الصيرفة الإسلامية.
ويتوقع فيصل حجازي في لقاء مع "الاقتصادية" على هامش المؤتمر، أن تلجأ بعض الحكومات في المنطقة إلى الصكوك لتمويل العجز في الميزانية، مضيفا أن حكومة الكويت أعلنت عن إصدار صكوك إسلامية ويعتمد ذلك على جاهزية الحكومة، ذلك أنها توجه اهتمامها حاليا إلى إعادة الثقة إلى السوق الكويتية التي تعاني خسائر شركات الاستثمار وطرحت خطة إنقاذ تتكلف خمسة مليارات دولار.
والمؤكد أن عددا كبيرا من مصدري الصكوك الذين كانوا يعتقدون أن أي إصدار من الصكوك يمكن أن يحظى بالموافقة سواء كانت إيجارة أو مشاركة أو مضاربة، ارتبكت حساباتهم بعد الجدل الفقهي الذي طال شريعة الصكوك, وعندما تقبلوا المعايير الجديدة التي تعتمد على التسنيد مثل صكوك شركة صروح الإماراتية التي اعتمدت على مبدأ المضاربة، كانت الأزمة المالية وهو ما جعل الوقت غير مناسب لعديد من المؤسسات للمضي قدما في طرح إصداراتهم.