لبنان: تخصيص الهاتف الجوال يخفض الدين العام 20 %
ارتسمت ملامح صورة الاقتصاد اللبناني مع انقضاء الشهر الأول من العام الجديد من خلال مشروع الموازنة الذي أعلنه وزير المال محمد شطح وحدد فيه نسبة النمو في حجم الناتج المحلي بـ 3 في المائة بعدما كانت في موازنة 2008 توازي 5 في المائة والسبب هو التداعيات الناجمة عن الأزمة المالية العالمية والتباطؤ الحاصل في منطقة الخليج.
أما التضخم فقد حددته الموازنة بـ 5 في المائة بعدما تجاوز 10 في المائة في 2008، وانطلاقا من هذه الأرقام فإن مؤشرات العام الجديد تميل إلى السلبية وذلك على الرغم من أن العام الجديد أقفل على تحسن في تصنيف الدين السيادي اللبناني، حيث إن مؤسسة التصنيف الدولية ستاندرد آند بورز رفعت تصنيفها الائتماني لديون لبنان السيادية الطويلة الأجل من درجة + س إلى ب -، بينما أبقت وكالة التصنيف الدولية موديز تصنيفها للدين السيادي اللبناني على 3 ب وردت هذا التحسن إلى المناعة التي برهنت عنها المالية العامة في لبنان تجاه الصدمات القوية السياسية والأمنية والاقتصادية. إزاء هذه المعطيات لاحظ الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة أن مشروع الموازنة الحالي لم يلحظ خيار التخصيص للهاتف الخليوي التي ستؤدي إلى خفض الدين العام إلى اقل من 50 مليار دولار بنحو عشرة مليارات وبالتالي فإن ارتفاع النفقات وزيادة الواردات العادية وتحديد نسبة العجز 37 إلى 28 في المائة من مجموع النفقات و41 إلى 9 في المائة من الناتج المحلي مرشح للتغيير فيما لو واصلت الحكومة تنفيذ التزامات مؤتمر باريس 3 للدول المانحة ومعالجة العجز في الكهرباء. وأضاف أن النصف الثاني من العام الماضي سجل مؤشرات نشاط اقتصادي ونقدي إيجابية، حيث ارتفع احتياطي مصرف لبنان من العملات وحقق ميزان المدفوعات فائضا تجاوز 1.5 مليار دولار، كما راوحت نسبة النمو في حركة القطاع التجاري ما بين 30 و 40 في المائة فيما نمت حركة التصدير بنحو 30 في المائة بفعل ارتفاع اليورو وفي هذا المجال فإن معدل نمو الناتج المحلي قد يصل إلى 4 في المائة بحسب الخبير الاقتصادي حبيقة الذي استند إلى دراسة صندوق النقد الدولي التي توقعت نموا بنسبة 4 في المائة لعام 2009- مقابل تضخم بنسبة 10في المائة للعام نفسه واستمرار العجز في الميزان التجاري الذي يبلغ نحو 13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح أن هذا التباين في الأرقام يعود إلى تأثر ميزان المدفوعات بانخفاض تحويلات اللبنانيين من الخارج، مؤكدا أن تعويض هذا الانخفاض ممكن من خلال الأموال الاستثمارية الخارجية وانخفاض فاتورة المستوردات وخصوصا النفطية.
وفي الوقت الذي لم تلحظ في الموازنة أي أعباء ضريبية جديدة أين ستتركز مواقع موارد الخزانة اللبنانية؟ عن هذا السؤال أجاب حبيقة أن الرسوم والضرائب التقليدية كضريبة القيمة المضافة وواردات قطاعي الاتصالات والبنزين ستشكل نسبة واردات مرتفعة في العام الجديد خلافا لما سجل في الأعوام السابقة - وعلى سبيل المثال فإن إيرادات الخليوي بلغت 600 مليار ليرة في العام الماضي - ويضاف إليه واردات الخزانة من الرسوم العقارية, التي ارتفعت 73 في المائة وإيرادات السياحة التي زادت 19 في المائة.
يشار إلى أن وكالة موديز للتصنيف الدولي قد قدرت حركة النشاط الاقتصادي في العام الجديد بنسبة أعلى مما ورد في مشروع الموازنة العامة, إذ توقعت أن تصل قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى تسعة مليارات دولار مقابل عشرة مليارات دولار في 2008، كما أنه على الرغم من توقع ارتفاع الدين العام بمعدل أقل من معدل ارتفاع عام 2008 فإن خدمة هذا الدين ستكون أعلى, أي 1.19 مليار دولار مقارنة بـ 1.13 مليار دولار في 2008.