منظمة التجارة العالمية تحذر: العالم يتجه للحمائية بعد الأزمة المالية

منظمة التجارة العالمية تحذر: العالم يتجه للحمائية بعد الأزمة المالية

عقد أعضاء منظمة التجارة العالمية اجتماعا أمس لتقييم إلى أي مدى شجعت الأزمة المالية دولا على اتخاذ إجراءات للحماية التجارية. ومن المقرر أن يناقش دبلوماسيون يمثلون الدول الغنية والفقيرة تقرير المدير العام باسكال لامي لشهر كانون الثاني (يناير) الذي يظهر أن دولا تجاهلت مناشدة مجموعة الدول العشرين في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عدم وضع حواجز تجارية.
وقال لامي إنه في حين أن التباطؤ في 2009 سيؤثر في كل أعضاء المنظمة إلا أن الدول النامية تواجه مخاطر بشكل خاص لأن نموها يعتمد بشكل كبير على التجارة التي يعد تباطؤها السبب الرئيس في تراجع النمو الاقتصادي العالمي.
وقال في التقرير "شدة قابلية الاقتصاد العالمي للتأثر بالتطورات التجارية تظهر بوضوح مخاطر الميل إلى إجراءات للحماية التجارية في الأحوال الراهنة".
وفي أحدث توقعاته يشير صندوق النقد الدولي إلى أن التجارة العالمية ستنكمش بنسبة 2.8 في المائة بعد نموها 4.1 في المائة في 2008 و7.2 في المائة في 2007.
ويبحث تقرير منظمة التجارة زيادات التعريفات الجمركية, ولا سيما من جانب دول نامية تتيح لها القواعد القائمة زيادة التعريفات. والتعريفات الخاصة بالدول الغنية قريبة أو عند المستويات المتفق عليها بالفعل.
كما يستعرض التقرير تفاصيل برامج تحفيز منها ما هو مخصص لتنشيط صناعة السيارات, وهو ما تعده كثير من الدول النامية شكلا من أشكال الحماية التجارية لأنها تحابي المنتجين المحليين، بينما لا يمكن للدول الفقيرة تدبير سيولة مماثلة لمساعدة صناعاتها.
وقال أوجاي سينغ باتيا سفير الهند لدى المنظمة أنه جرى الإعلان عن برامج تحفيز مختلفة بلغت قيمتها معها نحو ثلاثة تريليونات دولار.
وأضاف: "ما يعنيه هذا هو أن هذا القدر من رأس المال يخرج من النظام العالمي ولذلك فهناك تأثير على تدفق رأس المال على الدول النامية".
وقالت بوليفيا وبعض الدول النامية الأخرى إن لامي تجاوز التفويض الممنوح له بإصداره التقرير دون اتفاق من أعضاء المنظمة وعددهم 153 بشأن ما ينبغي أن يتضمنه. ويقول أعضاء آخرون إن هذا جزء من مسؤولية منظمة التجارة لمراقبة اتجاهات التجارة. إلى ذلك، أعربت دول ناشئة في منظمة التجارة العالمية الإثنين عن قلقها من خطط الإنقاذ الضخمة التي وضعتها الدول المتطورة، وقالت إنها ستتسبب لا محالة، في "تفاوتات" تجارية.
وأفاد مصدر قريب من منظمة التجارة العالمية أن بوليفيا والأرجنتين وكوبا حتى الهند طلبت دراسة أكثر عمقا لتلك الخطط خلال اجتماع حول السياسات التجارية في 153 دولة عضوا في المنظمة في مواجهة الأزمة.
وأوضحت سفيرة بوليفيا لدى منظمة التجارة انخيليكا نفارو ردا على الصحافيين "أنا متأكدة أن تلك الترتيبات (خطط الإنقاذ) تتسبب في تفاوتات".
وأكد السفير البرازيلي روبرتو ازيفيدو أن تلك الخطط "قد تكون لها انعكاسات ضخمة على التجارة". وأضاف: "إنها تزيد قدرات (الإنتاج) في صناعاتهم في شكل لا تقدر الدول النامية على منافسته".
وشددت نفارو على ضرورة تحليل الخطط بدقة أكبر لتحديد ما إذا كانت "ملائمة لقوانين منظمة التجارة العالمية". وهو الطلب نفسه الذي تقدم به سفير الهند الذي قال إن "التوضيحات ضرورية".
وتصدرت الخشية من السياسات الحمائية اجتماع أعضاء منظمة التجارة العالمية الإثنين الذي كان يفترض أن يعلق على تقرير طلبه مدير المنظمة باسكال لامي حول إجراءات حماية الأسواق التي اتخذتها الدول الأعضاء في المنظمة نهاية العام الماضي. وأفاد ذلك التقرير أن أعضاء منظمة التجارة "نجحوا في السيطرة على الضغوط الحمائية الداخلية". إلا أنه شدد على أن "الإجراءات الأكثر أهمية" تتمثل في "الدعم المالي" للقطاعين المصرفي والمالي, ولا سيما في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وفي إطار الحمائية، يقول الاقتصادي البريطاني، جدعون راتشمان – في مقال نشرته "فاينانشيال تايمز" اللندنية – إنه خلال العقد الماضي كان منتدى دافوس يجمع بين الشركات الكبرى والبنوك الكبرى ورؤساء الدول، لتعزيز تكامل الاقتصاد العالمي والاحتفال به. الوفود الموجودة في دافوس، بصرف النظر عما بينها من تنافس في التجارة والأعمال، أو ما بينها من خلافات سياسية، كانوا جميعاً يتفقون على أن الطريق نحو السلام والازدهار يمر عبر مزيد من التجارة والاستثمارات الدولية. باختصار يمر عبر العولمة.
ولكن هذا العام – كما يقول راتشمان - وجد المنتدى نفسه أن عليه مواجهة ظاهرة جديدة هي تقليص العولمة. العالم الذي خلقه رجل دافوس يسير الآن إلى الوراء. التجارة والاستثمارات الدولية في حالة هبوط، والحواجز الحمائية ترتفع بين البلدان. الاقتصادات تتقلص والبطالة في ازدياد.
ويتابع الاقتصادي: أعراض تَراجُع العولمة نراها حولنا في كل مكان. قبل أسابيع، ذُكِر أن حركة الشحن الجوي في كانون الأول (ديسمبر) 2008 هبطت بنسبة 22.6 في المائة نسبة إلى معدل كانون الأول (ديسمبر) 2007. تحدث أبهيسيت فيجاجيفا Abhisit Vejjajiva، رئيس الوزراء التايلندي، أمام الوفود وقال إن مقبوضات بلاده من السياحة هبطت بنسبة 20 في المائة بالمعدل السنوي، تماشياً مع الهبوط العام في حركة السفر الدولية. وفي الولايات المتحدة وأوروبا تتدافع الحكومات لإنقاذ ليس فقط البنوك وإنما كذلك شركات صناعة السيارات. ولكن كما أقر الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة، فإن "مساعدات الدولة" إلى الشركات الصناعية الكبرى في بلادها هو أحد أشكال الحمائية.

الأكثر قراءة