يا ساقية "خبريني" هيئة الاستثمار

ساقية هي الاسم المختصر لهيئة الاستثمار وذلك الجرس اللفظي الجميل الذي اتخذته عنواناً انطلاقاً من تراثنا والساقية المعروفة التي تمد الزرع والضرع بالماء عصب الحياة فهي تسقي الزرع وتروي العطشان. والحديث عن الهيئة وإنجازاتها ذو شجون غير أن العالم الرأسمالي شمالاً أمريكا وأوروبا وآسيا جنوباً وشرقاً على كف عفريت الأسواق المالية والخدمات البنكية وتتوالى المشكلات بشكل متواصل مما قد يدعو إلى اتساع الخرق على الراقع وفي الوقت الذي تختلف فيه الفلسفات من دولة إلى أخرى في إيجاد الحلول المناسبة لدفع عجلة الاقتصاد حيث تعددت مدارس الدعم واختلفت سياستها فالذي يراه رجال المال والاقتصاد في بريطانيا من التدخل المباشر والحصول علي ملكية في البنوك مباشرة والحصول على عوائد سنوية لهذا التدخل نجد أن فرنسا قد أخذت مجالاً آخر في تقديم الدعم للبنوك والمؤسسات المالية في حين جمعت أمريكا بين الخيارين: دعم المؤسسات المالية بأخذ حصص مباشرة فيها وكذلك دعم شركات السيارات ووضع خطة مميزة لإنقاذ الاقتصاد، وقد أدلى بتفاصيلها الرئيس المنتخب أوباما بعد توليه الرئاسة في 20 كانون الثاني (يناير)، وستنظم الخطة التي طرحها الرئيس أوباما تحريك عجلة الاقتصاد حيث هي إحدى أولوياته ـ وقد لفت نظري أخيرا زيارة الأستاذ عمرو الدباغ محافظ هيئة الاستثمار إلى ألمانيا لحثهم علي الاستثمار في المملكة واستغلال الفرص الآنية التي تقدمها سوقنا للاستثمار الأجنبي، والحقيقة التي لامراء فيها أن في بلادنا فرصاً حقيقية وكبيرة للاستثمار والمشاركات الأجنبية في مجالات متعددة قد تتجاوز النفط ومشتقاته ومشاريع البتروكيماويات التي انفتحت شهية الشركات الأجنبية للمشاركة فيها في الماضي ، فما زالت أرضنا بكرا في كثير من المجالات بحكم موقعنا الجغرافي القريب من أوروبا وإفريقيا وآسيا فقد نكون سوقاً دولية للبضائع وآليات وصول رجال الأعمال السعوديين وشركائهم الأوروبيين والآسيويين إلى أسواق البضائع والمواد الأولية وتمويل السفن والنقل البري والبحري والجوي، ويجب أن نسعى للتكامل الاقتصادي مع شركاء أقوياء كالصين وكوريا ، كما أن بإمكاننا أن نصبح دولة مصدرة للخدمات والمواد الأولية بفضل وجود مصانع الحديد والأنابيب والأسمنت، كما أن كنوزنا من المواد الخام في الشمال والجنوب والشرق والغرب لم تمس حتى الآن. وتقدم ألمانيا في حقل الطاقة البديلة الرياح والطاقة الشمسية وكذلك صناعة الألمونيوم السعودية المستقبلية التي تحتاج إليها طائرات الإيرباص كل هذه المجالات تفتح مسارات كبيرة للتعاون بين ألمانيا والمملكة وخاصة أن ألمانيا أكبر سوق ومصدر أوروبي في الوقت الحاضر إن تصديرنا لهذه المجالات مناسبة وجيدة ، ولكنني أعتقد أن توقيت الزيارة غير مناسب، فالعالم الآن بشرقه وغربة يقول نفسي نفسي والكثير منهم لا يحاول إطلاقا استطلاع فرص الاستثمار الخارجية في الوقت الحاضر، كما أن الأخ الحبيب عمرو الدباغ سارع بعد ألمانيا إلى كوريا التي تعيش هي الأخرى ظروفاً مالية صعبة وتواجه الصناعات العملاقة فيها الكثير من المشكلات وربما كان توقيت الزيارة غير مناسب وقد عمل صديقنا الدباغ بالحديث القائل "إذا قامت القيامة وفي يدك فسيلة نخل فازرعها "ومن العتب الخارجي في كثرة الزيارات والمؤتمرات إلى العتب الداخلي في فتح مجالات استثمارية متعددة ذات رساميل صغيرة جداً في مجالات خدمية وصناعية ومقاولاتية كان الأولى بها أن تكون حكراً على السعوديين، حيث أصبحت بعض المطاعم والمقاولات الصغيرة والصناعات الأولية البدائية ذات مجال مفتوح للاستثمار الأجنبي وبدراهم معدودة دون وضع شروط أخرى مثل اشتراط توظيف عشرة سعوديين علي الأقل، بل أصبح الأجنبي ينافس السعودي في هذا المجال بعد أن كان عاملاً لديه وفي ذلك منافسة غير محمودة العواقب إذا عرفنا القدرات التسويقية للمستثمر الأجنبي ومحدوديتها لدي المواطن ـ ولقد أبلغني بعض الأصدقاء من مجلس الشورى بمثل هذه الملاحظات وعسى أن يشفع لصديقي الأخ عمرو الدباغ الجهود الخرافية التي بذلت تسويقاً لوضع المملكة في سوق الاستثمار الأجنبي جاذبية وتسهيلا ورفع المملكة إلى المرتبة الـ 16 من بين 181 دولة وهي مرتبة متقدمة جداً بعد أن كنا في منتصف هذا الجدول، ونتطلع إلى تحقيق الكثير في حقل الاستثمار وليس في المدن الاقتصادية العملاقة ولا على مستوى الاستثمار الأجنبي الصغير بل نريد الدخول إلى تشجيع المشاركات الدولية في حقل الخدمات والموانئ والطاقة البديلة ونقل البضائع والمناطق الحرة وتشجيع الصناعات الأخرى كصناعة المعلومات والمعرفة على أن تتوافر لدينا دراسات ميدانية فعالة عن حقول الاستثمار الذي يجب أن نركز عليه مستقبلاً ولعل رفع مستوى الخدمات الصحية بالمشاركات الأجنبية والدراسات العليا والجامعية في الحقول العلمية لفروع لجامعات عالمية مرموقة ـ كما أن مد يد العون والمساعدة للمصانع المحلية التي تتوافر لها عناصر النمو والتوسع والازدهار وهي في حاجة إلى قدرات تمويلية ودراسات ميدانية للتوسع والحصول علي العمالة المناسبة وإزالة ما قد يعترض توسع هذه الصناعات من عقبات سواء كانت عمالية أو تمويلية أو تسويقية وتشجيع بعض مشاريع الاستثمار الأجنبي للمشاركة في توسع ونمو وازدهار هذه الصناعات وخلق جيل جديد من صناع المعرفة والتسويق والقدرات العالية ـ كما أننا في حاجة إلى بذل جهود تسويقية مبدعة لرجال الأعمال في الداخل وفي الدول المجاورة والدول الإسلامية والعربية التي ستكون سوق منتجاتنا المستقبلي بعد أن توسعت الهيئة في نشاط التسويق الخارجي وقصرت في التسويق المحلي والمجاور. والله الموفق

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي