رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل الجامعات على مستوى التحدي؟!

بإقرار خادم الحرمين الشريفين الأسبوع الماضي لضوابط بدلات ومكافآت أعضاء هيئة التدريس في الجامعات تكون وزارة التعليم العالي قد وفت وكفت وقامت بكل جهد ممكن لمساعدة الجامعات على خلق بيئة مناسبة ترفع من كفاءة وفاعلية العمل الأكاديمي والتعليم الجامعي في المملكة، وبقي أن تثبت الجامعات أنها على مستوى المسؤولية وقادرة على تفعيل دورها في ظل وضع عضو هيئة التدريس الجديد الذي سيكون متميزا جدا ومساعداً على استقطاب أفضل الكفاءات. وعلى عكس ما يدعيه مقاومو التغيير الراغبون في تحسين أوضاعهم المالية بشرط ألا يطالبوا بأي جهد إضافي ويصرون على الإبقاء على أدائهم المتدني، فإن هذه البدلات والمكافآت إن أحسنت الجامعات تطبيقها ستحدث نقلة نوعية هائلة في التعليم الجامعي في المملكة، كونها تصحح وضع عضو هيئة التدريس المالي بأسلوب يشجعه على بذل جهد أكبر وتكافئ المتميزين سواء كان تميزهم في طبيعة التخصص أو في النشاط العلمي والتعليمي، الأمر الذي يمثل نقلة هائلة من وضع ظل قائم لعقود كان فيه كل حامل دكتوراه يعين على وظيفة أستاذ مساعد براتب 9500 ريال دون اعتبار لتخصصه أو تقدير لتميزه فالجميع سواسية في سوء التقدير.
إلا أن أكثر ما أخشاه هو ألا تكون الجامعات على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها فينظر إلى هذه البدلات والمكافآت على أنها حق مكتسب للجميع فلا يفرق بين مجتهد ومقصر ولا بين مستحق وغير مستحق فيحابى المقصر ويجامل الكسول. فالعصا والجزرة يجب أن تمشي جنباً إلى جنب ليتحقق المرجو من الجزرة، وهذه الحوافز جزرة بلا عصا، والجامعات مطالبة برفع العصا في وجه كل مقصر وراغب في أن يبقى كل شيء في الجامعات على حاله ما عدا مخصصاته المالية فترفع. فالبيئة المحبطة وغير المشجعة على التميز التي سادت في تعليمنا العالي لفترة طويلة خاصة خلال العقدين الماضيين قد تكون خلقت ثقافة عدم مبالاة وعدم رغبة في تقديم أي جهد، واقتلاع هذه الثقافة المتجذرة لن يكون سهلاً من خلال التحفيز المالي فقط، ويجب أن يواكب ذلك وقفة صارمة في وجه كل راغب في استمرار الأداء الرتيب. وعلى الجامعات أن تتوقف عن مجرد الادعاء بأنها تحقق إنجازا أو تحسناً في مستواها وتركز بدلاً من ذلك ببذل جهد حقيقي يثبت ذلك على أرض الواقع يلمسه الطالب وعضو هيئة التدريس. ومن غير المقبول مثلاً الادعاء أن مستوى أداء الجامعة قد تحسن وحقق قفزات عالية لمجرد أنها جاءت ضمن أفضل 300 جامعة في العالم في تقييم يقتصر على محتوى وعدد مرات الدخول على موقع الجامعة على الإنترنت، وبدلاً من ذلك يجب على كل جامعة في بلادنا بذل جهد حقيقي يؤهلها لتدخل ضمن التصنيفات الموضوعية التي تقيس حقيقة الأداء العلمي والتعليمي للجامعة، كالإنجاز الرائع الذي حققته جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أخيراً عندما حصلت على ترتيب 338 في تصنيف QS لعام 2008، وهو أحد التصنيفات العالمية المعتبرة للجامعات، كونه يعتمد على معايير مهمة من بينها الأداء البحثي لأعضاء هيئة التدريس في الجامعة ورؤية الأكاديميين والمختصين وجهات التوظيف حول كفاءة الجامعة ومستوى مخرجاتها.
إن أكبر خرافة يتم ترديدها هي القول إن مخرجات نظامنا التعليمي غير متوافقة مع احتياجات سوق العمل، فهذا يوحي أنها مخرجات جيدة لكن مشكلتها الوحيدة هي عدم توائمها مع احتياجات سوق العمل، وهذا أبعد ما يكون عن الصحة ويحمل مغالطة هائلة، فالمشكلة الحقيقة التي يواجهها نظامنا التعليمي أكبر وأعمق من ذلك، وهي رداءة وتدني مستوى مخرجات نظامنا التعليمي بشقيه العام والجامعي، وليست عدم توافقها مع متطلبات سوق العمل. واستمرار ترديدنا لمثل هذه الخرافة وتصديقها قد يكون تسبب في صرف أنظارنا عن المشكلة الحقيقية المتمثلة في الفشل التام لنظامنا التعليمي وعجزة عن مواكبة خطط التنمية وتلبية احتياجاتها من القوى البشرية أياً كان تأهيلها، رغم كل ما تغدقه الدولة على هذا القطاع وتوجه إليه من موارد مالية. فعندما يكون قطاع واسع من الملتحقين في التعليم الجامعي يفتقرون إلى معارف ومهارات يفترض معرفتها وإتقانها ممن لم يكمل تعليمه الابتدائي فهذه مخرجات لا يجوز مطلقاً وصفها أنها غير متوافقة مع احتياجات سوق العمل وإنما هي مخرجات رديئة تثبت فشل التعليم العام وضخامة الجهد المطلوب لإصلاحه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي