رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل توجد وزارة للاقتصاد؟

في خضم الأحداث العالمية المالية وآثارها السلبية في الاقتصادات بلا استثناء تقريباً تسابقت الدول إلى حشد الجهود وتكثيف الاجتماعات بتفكير عميق حيال الخروج من هذه الأزمة بأقل الآثار. ولذا هبت المؤسسات العامة والخاصة واستنفر الساسة والاقتصاديون والماليون ذوو العلاقة في تكوين لجان متخصصة وصُنع قرارات جريئة وإعادة صياغة لسياسات مالية تنظيمية تتسق والمعطيات الجديدة للنظام العالمي الاقتصادي الجديد. وفي المملكة بلا شك وبحكم علاقتنا بالاقتصاد العالمي والأمريكي والأوروبي، على وجه الخصوص، بل الدول الصناعية والناشئة، التي تأثرت بهذه الأزمة، فإنه من المنتظر أن يطولنا أثر هذه الأزمة. وقد كان المجتمع السعودي يعايش هذه الأخبار في محيط لا يخلو من الضبابية يصل إلى درجة الصمت عن انعكاسات هذه الأزمة على اقتصادنا المحلي، وذلك من قبل الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، فصارت الإشاعات والتنظير غير المنطقي سمة ما يتداوله المجتمع، وقد لاقت تلك الرؤى مناخاً مناسباً بحكم الثقافة الاقتصادية السائدة وشيوع النقلة العددية بكثرة اهتمام أفراد المجتمع بالأمور الاقتصادية من بوابة سوق الأسهم والقائم في تعاملاته بشكل كبير على الفردية. وبالتالي ننتهي بآثار سلبية ليس لها معنى من المنظور الاقتصادي. وبعد أن صارت الأزمة كالشمس في كبد السماء بوقوعها وبالتالي محاولة التعرف على أثرها بدأت التطمينات والتصريحات والبيانات الإعلامية تصل إلى المتلقي غير أنها لم تكن في تقديري مقنعة نظراً لتوقيتها وكذلك من واقع التجارب السابقة، فانهيار سوق الأسهم في 2006 لم يكن بعيدا عن ذاكرة المجتمع. إن الاقتصادات الحديثة وخصوصاً الأسواق تقوم على المعلومة وهي أهم عنصر في قضية التقييم العادل فوصولها بعدالة دون تفريق لفئة دون أخرى وتوقيتها ومدى موثوقية معناها ومصدرها وانعكاسات تلك المعلومة هي قوام محددات القيمة العادلة لأي سلعة أو منهج أو قرار اقتصادي. إن الملاحظ وكعادة أي اقتصاد نام أو ناشئ تتعدد مصادر المعلومة وتتجاذب المؤسسات الحكومية السيطرة على صنع القرارات بغض النظر عن التخصص، ولذا تتباين المصادر والمرجعية لينتهي الأمر عند استغلال النجاح في نسبه إلى غير فاعله وتقاذف الجمرة بين الأكف في حالة الإخفاق واللوم. إنني أقف بكل تجرد حائراً تجاه دور وزارة الاقتصاد والتخطيط مثلاً، التي كنت أتوقع ومن باب التخصص، أن تكون هي صاحبة الريادة في الأمور الاقتصادية غير أنه من المؤسف أن أزمة مالية عالمية تأتي وربما تنتهي دون أن يكون لها رأي أو دور على الأقل يعرفه المجتمع. إن وزارة كهذه من المفترض أن تكون هي المناط بها كل الشؤون الاقتصادية والتخطيط لها غير أن دورها إما غائب أو مغيب سواءً في مثل هذا الحدث العالمي أو غيره. وبلا شك لا نقلل من بعض الجهود التي تقوم بها هذه الوزارة لكن لعدد من الأسباب، الدور في محور مهامها غير واضح أو معروف.
المشكلة أن الأمور الاقتصادية والمالية يتقاطع مسؤولية تنظيمها لدينا عدد من الجهات الحكومية، فهناك مجلس أعلى للاقتصاد، ووزارة للمالية ومؤسسة النقد، وهيئة للاستثمار ووزارة للتجارة ووزارة للاقتصاد وهكذا، وكل يعمل جاهداً لسحب البساط من الآخر ليكون هو المتحكم أو ربما المسؤول عن نشاط أو أنشطة اقتصادية في مجملها هي اقتصادية غير أن المآل أخيرا يكون قد تبعثر لمصادر المعلومة والتنظيم وترهل في الأنظمة والتنظيمات والقرارات لتنتهي بما يمكن أن يُقال عنه ليس له وال واحد!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي