ضعف التمويل يعطل المشاريع العملاقة.. والسوق العقارية المتضررة الأكبر
ألمحت مجموعة من الماليين والعقاريين إلى أن ضعف التمويل العقاري لن يخدم أحداً سوى تحقيق رغبة البنوك وشركات التمويل والتي علقت تمويل المشاريع العقارية إلى أجل غير مسمى. وقالوا: التمويل الآن مقتصر على الأفراد في حدود ضيقة بينما تمويل المشاريع غائب لأسباب متعددة منها عدم وجود القوانين المنظمة للتمويل العقاري بالإضافة إلى غياب الأنظمة القضائية والتشريعية في هذا الصدد وارتفاع نسبة الفائدة من قبل البنوك وعدم جدية بعض شركات التطوير العقاري في مشاريعها.
واعتبروا أن القطاع العقاري برمته هو المستفيد الأكبر من انسيابية التمويل كما أنه سيكون الخاسر الكبر من تعطيل التمويل.
وطالبوا البنوك بأن لا تغلق الباب في وجوههم بل عليها أن تقوم بدراسة المشاريع المقدمة وتحديد إمكانية التمويل بناءً على ما خلصت إليه نتائج الدراسة في مدى إمكانية نجاح المشروع من عدمه.
#5#
من جهته ألمح إبراهيم الشتوي رئيس مجلس إدارة شركة أبنية للعقارات عضو اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض: إلى أن ضعف قنوات التمويل تشكل قلقاً كبيراً لمستقبل التمويل ، فالتمويل الآن مقتصر على الأفراد وفي حدود ضيقة أما الشركات فلا يتم إقراضها ولو بالحجم الضئيل الذي كان عليه العام الماضي .
وأضاف: في حالة قيام شركات التمويل بإمداد المشاريع بسيولة تمويلية ضخمة فإن ذلك سيدفع بالقطاع العقاري إلى الانتعاش السريع بعد حالة الركود، مبينا أن البنوك لديها سيولة كبيرة تستطيع تمويل المشاريع بينما يفسر عدم استجابتها لتمويل القطاع العقاري تخوفاً من انخفاض العقار.
وأوضح أن هناك مشاريع كبيرة، سواءً من القطاع الحكومي أو من الأفراد، إضافة إلى مجموعة من الحاجات الملحة ككثرة الطلب على الوحدات السكنية والتوجه إلى التطوير الشامل ببناء المخطط بالكامل، وإلى مدن اقتصادية وبنية تحتية كالسكك الحديدية وشبكات للصرف الصحي ومياه وكهرباء وهذه كلها لن تقوم دون سيولة تمويلية عالية، مؤكداً حاجة السوق إلى دخول شركات تمويلية كبيرة، فالبنوك حالياً لا تستطيع إشباع السوق العقارية، إضافة إلى أن الشركات التمويلية الموجودة في السوق لا تفي بالغرض وهي شركات تقسيط في نطاق محدود.
وأضاف: يمكن أن نرى بصورة واضحة شركات تمويلية جديدة وذلك بعد تطبيق التمويل العقاري "الذي ناقشه وأقره مجلس الشورى الصيف الماضي".
كما توقع في نهاية عام 2009 أن تتغير سوق التمويل العقارية إلى الأفضل كما يمكن أن نرى شركات التمويل تقوم بابتكار حلول تمويلية جديدة.
#3#
واعتبر عبد الله المكيرش مدير عام شركة ناصر عبد الله المكيرش للاستثمارات العقارية: تعثر عملية التمويل لإحجام البنوك عن التمويل إزاء الرغبة الكبيرة من شركات التمويل العقارية تغطية مشاريعها عن طريق التمويل من البنوك وشركات التمويل.
وقال: المشاريع العقارية تنقسم إلى قسمين القسم الأول: مشاريع عقارية تدر أرباحاً عالية كمشاريع بناء المجمعات التجارية والعمائر و المساكن وتأجيرها، والقسم الثاني: المشاريع التطويرية "تطوير المخططات والبنية التحتية" والتمويل على هذين القسمين من المشاريع متوقف تماما.ً
وأردف قائلاً: يجب عقد لقاء "مصارحة"، اجتماع بين العقاريين والبنوك لمعرفة وجهات النظر وطرح جميع المعوقات التي تقف أمام التمويل العقاري لبحث إمكانيات وضع حلول معينة لمعالجة هذه المشكلة والخلوص بنتائج تخدم جميع الأطراف.
مؤكداً: إذا كانت حركة التمويل انسيابية ومدعومة بنسب فائدة معتدلة فإن ذلك سيؤدي إلى راحة في التطوير كما سيساعد على تمويل المنتج بسعر مناسب لأنه لم يأخذ وقتاً طويلاً في تطويره، أو قيمة أعلى بسبب ارتفاع قيمة التمويل على شركات التطوير.
وقال: تمويل المشاريع الآن يعتمد على العلاقات الشخصية لعدم وجود جهات من داخل الشركات التمويلية أو من خارجها تقوم بدراسة المشاريع المقدمة وتحديد إمكانية تمويلها من عدمها بناءً على ما خلصت إليه نتائج الدراسة في مدى إمكانية نجاح المشروع من عدمه.
وأردف قائلاً: ربما تخدم السوق نظام التمويل العقاري الجديد "الذي أقره مجلس الشورى الصيف الماضي" إذا كان واضحاً وتعتمد بنوده على معالجة المشكلات والعقبات التي يعيشها التمويل العقاري.
#4#
من جهته يقول الدكتور محمد آل دليم القحطاني أستاذ الاقتصاد والمالية في جامعة الملك فيصل : يختلف وضع التمويل العقاري في دول الخليج وبالأخص السعودية عن دول العالم الأخرى كأمريكا وبريطانيا، وضعف التمويل العقاري يعود إلى عدة أسباب منها غياب القوانين المنظمة للتمويل العقاري من مؤسسة النقد وغياب الأنظمة القضائية والشرعية في هذا الصدد بالإضافة إلى أن هناك اختلافات كبيرة في آليات التمويل العقاري و ارتفاع نسبة الفائدة من قبل البنوك وعدم الجدية في تنفيذ المشاريع العقارية. فكل هذه العوامل المؤثرة تمثل عائقاً يحد من تنفيذ خطوات إيجابية تحرز تقدماً في حجم التمويل العقاري بصفة عامة.
وأضاف :نحن نعيش في خضم الأزمة المالية العالمية ويمثل تمويل العقارات أحد الأسباب الرئيسية للأزمة المالية العالمية فلو رجعنا إلى بدايات أزمة التمويل العقاري في أمريكا في آب (أغسطس) 2007 حيث أظهرت البنوك الأمريكية تخوفها من نقص السيولة ما دفع البنوك المركزية إلى إصدار قرار دعم البنوك التجارية بمليارات الدولارات من أجل الوفاء بمدفوعاتها، لكن هذا الدعم من قبل البنوك المركزية كان ضعيفاً وغير مستقر مما دفع بالأزمة إلى آفاق أوسع، عندها فتوقفت البنوك عن الاستمرار في إعطاء القروض العقاري وذلك عندما شاهدت تردد البنوك المركزية في تنفيذ قراراتها مما سبب ارتباكاً في الأسواق العقارية، في وقت عصيب شهدت فيه العقارات تضخماً سريعاً تجاوز قيمته الفعلية بأسعار غير مسبوقة ، فهبط سعر العقار في تلك الدول بشكل مخيف مما أفقدها جزءاً كبيراً من السيولة .
وقال: إن 19 بنكا أمريكي انهارت تماماً من أصل 8400 بنك بسبب منحها قروضاً للأفراد غير قادرين على سداد قروضهم. مبيناً أنه من المؤكد أن تؤثر الأزمة العالمية في التمويل العقاري محلياً لكن لن يصل الاقتصاد السعودي إلى مرحلة الركود أو الكساد ونحن نعترف بأن السيولة غير واضحة لكننا في المقابل لا نعاني من عشوائية القروض، لذك من الأفضل ألا يمنع التمويل تماماً بل أن تكون هناك آلية واضحة.
وتوقع أن يشهد 2009 تمويلا عقاريا منظما وحكوميا إن صح التعبير في مشاريع الإسكان الشخصي "مساكن المواطنين"
وقال: لا أعتقد أن تقوم البنوك بتمويل المشاريع العقارية الضخمة سوى مدينة الملك عبد الله الاقتصادية والتي تحظى بثقة كبيرة بمتابعة لوجستية من قبل الهيئة العامة للاستثمار مما قد يسهل آلية تمويلها أما في المناطق الأخرى من المملكة فإن التمويل العقاري لن يتجاوز 10 إلى 15 في المائة للمشاريع التي أبدى أصحابها حاجتهم إلى التمويل.
وأضاف: ضعف التمويل سيتسبب في تفاقم أزمة الركود العقاري وسيؤخر كثيرا من المشاريع التي هي بحاجة إلى التمويل وقد تفقد كثير من شركات المقاولات وجودها .
وأشار إلى أن عدم وجود سيولة فائضة لدى البنوك أدى إلى رفضهم تمويل المشاريع العملاقة التي تحتاج إلى مئات الملايين.
وقدر آل دليم: حاجة القطاع العقاري إلى تريليونين لتمويل مشاريع على مدى عشر سنوات قادمة بما في ذلك المدن الاقتصادية والأبراج والمناطق الصناعية وشركات التطوير العقاري التي أفصحت عن رغبتها في بناء مئات الآلاف من المساكن.
وقال: شركات التقسيط لا تسير على خط متواز مع البنوك للمساهمة في سد احتياج القطاع العقاري من التمويل ، فهي لا تزال منذ ولادتها هزيلة وأخذت تتساقط الواحدة تلو الأخرى وهي لا تملك احتياطيات نقدية كبيرة فشركات رأس مالها من 100 إلى 500 مليونا لا تشكل شيئاً في سوق بحجم السوق العقارية السعودية، بالإضافة إلى صغر رؤوس أموالها فإن نشاطاتها ليست مقتصرة فقط على تمويل القطاع العقاري وهذه الشركات في الأساس تمثل دور الوسيط بين البنك والمستفيد النهائي.
ويعتبر أن شركات التمويل العقاري لم تصل إلى مرحلة النضج حتى الآن لتستطيع تنظيم عملية الإقراض وإعطاء الأولوية لتنفيذ المشاريع الأهم فالأهم.
#2#
وفي هذا الشأن يرى الدكتور حمزة السالم أستاذ المالية في جامعة الأمير سلطان أن هناك نقطتين أساسيتين تؤثران في التمويل العقاري الأولى: عدم وجود أنظمة يستطيع البنك التمويل من خلالها، والأمر الثاني أن الثقافة السائدة عند الناس سواءً أفرادا أو شركات لم يألفوا طلب الحصول على تمويل لإنجاز مشاريعهم بينما كان اعتمادهم في السابق يعتم على التمويل الذاتي، والآن مع الحاجة إلى مشاريع تطويرية حقيقية تسهم في القضاء على الأزمة السكانية تحتاج هذه الشركات إلى مبالغ كبيرة لإنجاز مشاريعها.
ويعتبر الدكتور حمزة السالم أن معدل الفائدة المرتفع في التمويل العقاري من أكبر المؤثرات في تدفق السيولة إلى القطاع، ويشير إلى أن على البنوك الاقتناع بجدوى التمويل في القطاع العقاري ففي حال وجود النظام الذي ينظم العملية التمويلية فإن عليها أولاً أن تراجع نسبة فائدتها المرتفعة عما هي عليه عالمياً وما هي عليه في الموسم الماضي .
وأضاف : حسب علمي فإن البنوك متوقفة عن التمويل إلا عن طريق تحويل الراتب وبملاءة مالية محددة، ويرجع السبب في ذلك إلى الأزمة المالية فبسببها تأثرت كل مجالات التمويل وليس العقاري منه فقط.
ويرى أن من حق البنوك أن تتحفظ بشدة في التمويل خصوصاً المشاريع العقارية العملاقة والتي تستنفد سيولة عالية وذلك لأنه عمليا إذا تعثر عن السداد 10 في المائة من المقترضين فإن البنك يسقط، كما أن الملاءة المالية لكثير من التجار والمستثمرين ليست واضحة ويعتقد تأثرهم بالأزمة المالية والدليل على ذلك انخفاض أرباح الشركات لذلك تتخوف البنوك من عدم تسديد المستثمرين المقترضين في السابق لقروضهم نتيجة خسائرهم لذلك هي تتوقف مؤقتاً عن تقديم قروض جديدة ، تحسباً لأي طارئ .
#6#
ورأى محمد بن سعد آل معمر رئيس شركة أساس وأرباح للتطوير العقاري أن للبنوك الحق في وقف التمويل أو تأجيله مؤقتاً حتى انقشاع الأزمة المالية العالمية كما أن لشركات التطوير والاستثمار العقاري الحق في أن يطالبوا بالتمويل لرغبتهم في تنفيذ مشاريعهم المقبلة.
وقال يعتبر القطاع العقاري برمته هو المستفيد الأكبر من انسيابية التمويل كما أنه سيكون الخاسر الأكبر من تعطيل التمويل بشكل مؤقت لأنك لا تستطيع وقفه تماماً لكن ظروفاً معينة قد تجبرك على عدم تمويل المشاريع العقارية كالأزمة العالمية وتأثيرها في حجم السيولة الموجودة لدى البنوك.
ولا يشك آل معمر أن دخول سيولة إلى السوق العقارية سينعشها ويسهم في سد النقص الكبير من الوحدات السكنية.
وعن شركات التمويل العقاري الجديدة التي دخلت السوق قال: تحتاج هذه الشركات إلى أنظمة تبني عليها قراراتها التمويلية وتحمي جميع الأطراف المشتركة في التمويل ، لذلك فإن سرعة تطبيق نظام التمويل العقاري الجديد سيفعل من عمل شركات التمويل بالإضافة إلى أن ذلك قد يسهم في دخول شركات تمويلية جديدة.