ظافر القحطاني.. السعودي الذي حمل "سلة صكوكه" نحو آسيا الوسطى
تقول كتب التاريخ إن "بلاد ما وراء النهر" دخلت إلى الإسلام في عهد الخلافة الأموية. أما اليوم فتعرف "بلاد ما وراء النهر"، التي شارك في فتحها أبناء الجزيرة العربية، بآسيا الوسطى. ففي محاكاة تاريخية ذات بعد اقتصادي، تكفل أحد السعوديين بزرع "ثقافة" السندات الإسلامية لأول مرة في دول كانت تقع ضمن منظومة الاتحاد السوفيتي سابقا.
"يأكلون لحم الحصان وينأون عن لحم الإبل"، بهذه الكلمات استهل ظافر القحطاني سرد تفاصيل رحلته إلى الأراضي الكازاخية. قبل أيام كان القحطاني متواجدا في "ألماتي"، كبرى المدن القابعة بين آبار النفط. فلقد أبهرت تلك المدينة التاريخية هذا المستثمر العربي. ولم لا؟ فهذه المدينة عامرة بالمساجد وبكثرة المصلين. "إنهم المسلمون الجدد!!"، كما يصفهم ظافر، "فهم متعطشون لممارسة شعائر دينهم ، بعد أن تم كبتهم في عهد الاتحاد السوفياتي".
كازاخستان، مثلها مثل دول الاتحاد السوفياتي المتفككة، تعيش تحت وطأة الأزمة المالية العالمية التي تكفلت بتجفيف آبار الاستثمار والعائد المجزي معها.
قبل ما يربو على السنتين، لا حظ ظافر تهافت الشركات الأمريكية على ذلك البلد، لا لشيء إلا من أجل الفوز بعقود التنقيب عن النفط والغاز. فالكازاخ يتفاخرون بكونهم من أواخر المنظمين لنادي كبار "مصدري الذهب الأسود". ومع هذا فقد كانوا مفتقدين لأبواب الاستثمار الإسلامي وينتظرون بغاية الشغف من يأتي ويشرعها في وجوههم. فكازاخستان ودول الخليج العربي متشابهتان من حيث توافر الثروات النفطية والغازية والطبيعية, وكلاهما من الاقتصاديات الناشئة المتقدمة التي تتمتع بتاريخ عريق فضلاً عن جذورهما العميقة الإسلامية.
#2#
وهنا جاء دور ظافر وزميله في المهنة السويسري جون ساندويك. فهما لم يتأخرا عن ابتكار وهيكلة المنتجات الإسلامية على 15 سنة هي عمرهما في هذه الصناعة. فقد حمل خريج جامعة "تكساس" الأمريكية مفاتيح الاستثمار بما تجود به اقتصادات الخليج. عندما نقل في سلته الاستثمارية صكوك منتقاة من كبرى الشركات الخليجية. واختار كبير مديري الاستثمار في شركة إنكور مانجمنت، لهذه السلة اسم "سلة دراهم للصكوك" والتي تديرها في الوقت نفسه شركته السويسرية, حيث تستثمر السلة عند إصدارها في محفظة تشمل صكوك عالية الجودة وذات درجات تصنيف عالية، بحسب القحطاني. كلها أو معظمها، والحديث للقحطاني، مصدرة من كيانات معروفة في دول مجلس التعاون الخليجي عامة والسعودية بشكل خاص.
يقول ظافر "لقد قدمنا لهم منتجا استثماريا يحمل عائدا متميزا في وقت لا يوجد فيه عائد". ويتابع "إننا نحاول إعفاءهم من التعامل مع أدوات الاستثمار الربوية".
وبالفعل لم يخيب الكازاخ حسن الظن بهم. فقد تكفلت صناديق التقاعد والمعاشات والمصارف التجارية وإدارات الخزانة في الشركات العامة والهيئات الحكومية الوطنية بأكثر من نصف المبلغ المستهدف لهذه السلة. حيث تلقت سلة دراهم للصكوك، وفقاً للقحطاني، التزامات تصل إلى (23.5 مليون دولار) من مجمل المبلغ المستهدف المقدر بـ (40 مليون دولار). وعلى الرغم من ضآلة مبلغ السلة، إلا أن ظافر تمكن بجهوده الخاصة من فتح نافورة تدفق رؤوس المال الإسلامية على اقتصادات صناعة المال الخليجية، مفضلا إياها على اقتصادات شرق آسيا بريادة ماليزيا. يعلق على ذلك ظافر"لقد ولى زمن الاستثمار في الخارج. فاقتصادياتنا أولى أن تنعم بنتائج هذه الاستثمارات من غيرنا.
"الخير يذهب ويرجع إلى هذا المكان (يقصد الجزيرة العربية)"، كانت هذه إجابته عندما سئل عن البعد التاريخي لرحلته الاستثمارية التي تكفل فيها هو وزملاؤه بشرع أبواب الاستثمار الإسلامي في أغنى اقتصادات وسط آسيا.