رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أين دبي في حزمة السيولة الظبيانية؟

كحال مناطق العالم الأخرى التي تأثرت بالأزمة المالية العالمية بشكل متفاوت بسبب اختلاف هياكلها الاقتصادية واعتمادها على سوق الائتمان لتمويل مشاريعها التنموية ودعم المؤسسات الاقتصادية واستراتيجيات النمو، يتفاوت تأثير الأزمة المالية في الاقتصاديات الخليجية تبعاً لانكشافها على الاستثمارات الخارجية ودرجة انفتاح اقتصاداتها وارتباط قطاعاتها المصرفية بعمليات تمويل مركزة في قطاعات معينة تؤدي إلى ارتفاع المخاطر فبعد الكويت وأزمة بنك الخليج والأنباء عن وضع بيت الاستثمار العالمي جلوبل، يبدو أن الأزمة المالية العالمية بدأت تهدد القطاع المصرفي وسوق الائتمان في الإمارات, خصوصاً في إمارتي دبي وأبوظبي. ونظراً لاختلاف الموارد الاقتصادية لكلتا الإمارتين فإن تأثر أبو ظبي الغنية بالنفط يقل عن تأثر دبي من شح الائتمان وأزمة السيولة عطفاً على توافر فوائض مالية تراكمت خلال السنوات الخمس الماضية من ارتفاع أسعار النفط وعمليات الإنتاج. وعلى الرغم من تشكيل فوائض البترودولار المتراكمة لدى أبوظبي لشبكة أمان تجاه الضغوط الاقتصادية والتنموية المحتملة جراء شح السيولة وتراجع قدرة سوق الائتمان على توفير النقد اللازم لتمويل المشاريع التنموية إلا أن حكومة أبوظبي قامت يوم الخميس الماضي 5/2/2009 بتوفير مبلغ 16 مليار درهم سيولة إضافية لبنوك الإمارة مقابل سندات استفاد منها البنك الوطني المتحد، بنك أبو ظبي الإسلامي باقتراض ملياري درهم لكل منهما وأربعة مليارات درهم لكل من بنك أبوظبي التجاري، بنك أبوظبي الوطني، وبنك الخليج الأول. وبهذه الخطوة، يبلغ حجم السيولة الذي وفرته الإمارات لبنوكها نحو 120 مليار درهم منذ بداية الأزمة المالية وتزايد الضغوط على القطاع المصرفي للإمارات. ويدل تسارع الأحداث وخطوات دعم القطاع المصرفي في الإمارات على أن تأثيرات انفجار الفقاعة العقارية في القطاع المالية تأخذ في التعاظم مع تراجع الأسعار السوقية للرهونات التي تم الإقراض مقابلها واهتزاز الثقة بقدرة المقترضين على الإيفاء بالتزاماتهم مع تراجع معدلات التمويل الأجنبي. ونظراً لتفاوت اعتماد النمو الاقتصادي على القطاع العقاري بين أبوظبي ودبي واختلاف درجة الاعتماد على التمويل الخارجي، فإن تأثيرات شح السيولة تبدو أشد وطأة على دبي منها على أبوظبي. وأخذاً في الاعتبار صغر حجم الخسائر الناجمة عن الاستثمارات المباشرة في الأصول السامة عالمياً لبنوك أبوظبي، تدل حزمة دعم المصارف نهاية الأسبوع الماضي على أن انكشاف القطاع المصرفي على فقاعة العقار الداخلية هو المسبب الرئيس للضغط على البنوك ومستويات السيولة لديها. هذا الضغط الذي تواجهه بنوك أبوظبي يعد أقل مما تواجهه البنوك ومؤسسات الإقراض في دبي لأن الأخيرة تعاني انكشافاً أكبر على فقاعة العقار التي استمرت في التضخم خلال السنوات العشر الماضية بجانب الاعتماد على التمويل الخارجي الموسوم بالتذبذب والمحاط بحالة من عدم التأكد من ناحية حجم التمويل الوارد واستمراريته.

وقد كانت الأوساط الاقتصادية والمالية تأمل بأن فوائض البترودولار الظبيانية ستكون داعماً لسوق الائتمان في دبي ومؤسساتها عند الحاجة إلى التمويل حتى نهاية الأسبوع الماضي والإعلان عن حزمة دعم المصارف الظبيانية، حيث ارتفعت المخاوف في السوق من أن أبوظبي قد لا تتمكن من مساندة سوق الائتمان في دبي. والدليل الأوضح على مخاوف السوق من هكذا سيناريو هو ارتفاع تكلفة التأمين على أدوات الاقتراض لشركات دبي حيث ارتفعت عقود التبادل بعدم القدرة على سداد الديون Credit Default Swaps لمجموعة دبي القابضة للعمليات التجارية بنحو 90 نقطة أساس في يوم إعلان أبوظبي نفسه حزمة دعم السيولة لمصارفها، أي في يوم الخميس الماضي. هذه الرسالة من سوق الائتمان تشير إلى حالة من الخوف والترقب بشأن قدرة شركات دبي على الوفاء بالتزاماتها، كما تشير إلى أن المستثمرين يبحثون عن نوع من التطمين بشأن قدرة شركات دبي على تجاوز الأزمة المالية والانقباض الائتماني بعد أن كان الائتمان هو المحرك للنمو الاقتصادي الماراثوني في السنوات العشر الماضية.
ختاماً، كانت خطوة أبوظبي لدعم قطاعها المصرفي متوقعة لمواجهة شح السيولة والحفاظ على مستويات النمو ورفع تنافسية مصارفها المحلية، إلا أن سوق الائتمان وجدت في غياب أي مصرف من دبي ضمن المصارف المستفيدة مصدر خطر قد يؤدي إلى تضرر الاستثمارات. ردة الفعل هذه قد يكون مبالغاً فيها خصوصاً مع التأكيدات المتتالية من صناع القرار الاقتصادي في حكومة دبي على قدرة الإمارة على الانحناء للعاصفة والعودة إلى قصة النمو. ويظل السؤال، ما حجم السيولة المطلوب توفيره للقطاع المالي في دبي ليتمكن من مقاومة الضغوط والحفاظ على تماسكه، وكم ستطول فترة شح السيولة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي