اليمن: قانون جديد لإحياء رسالة المسجد لمكافحة التطرف والغلو
تتجه الحكومة اليمنية خلال العام الحالي 2009 إلى تنفيذ سلسلة من الإجراءات التنفيذية لإحياء رسالة المسجد السامية التي تخرج فيها أساطين العلم ورواد الهداية وقادة الأمة على امتداد عصور النهضة العلمية في مختلف أرجاء العالم الإسلامي, في خطوة قالت إنها تهدف إلى تعزيز الانتماء الوطني ومنهج الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والغلو والعنف بين أوساط المجتمع، خاصة فئة الشباب وغرس قيم الوطنية باعتبارهم شريحة مستهدفة من قبل الإرهاب والتطرف, وهم ضحايا السلاح وضحايا الفساد والسواد الأعظم المتأثر من البطالة.
وقال لـ "الاقتصادية" مسؤول حكومي في وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية, إن وزارته سلمت أخيرا مشروع قانون جديد خاصا بالمساجد في اليمن إلى مجلس الوزراء لمناقشته وإبداء المقترحات حوله وإقراره بصورة نهائية ورسمية, مشيراً إلى أن مشروع القانون الذي تم إعداده من قبل لجنة رفيعة المستوى من كبار العلماء برئاسة وزير الأوقاف والإرشاد القاضي حمود عبد الحميد الهتار يسعى إلى إبعاد المساجد عن الصراعات الحزبية التي لا تثمر إلا الشر, وذلك من خلال إحياء حلقات الدروس الشرعية والعربية عبر أصحاب الفضيلة العلماء العاملون والمعروفون بالعلم وبالدعوة والإرشاد والوسطية والاعتدال عبر منهج قويم يتم من خلاله تحقيق وحدة الصف والحكمة والرأي بعيداً عن الخلافات والانتماءات السياسية الضيقة.
وأوضح أن القانون يتضمن إقامة حلقات الدروس بين صلاتي المغرب والعشاء وبعد صلاة الفجر بهدف غرس إيمان قوي لدى الدارسين بربهم ودينهم ووطنهم بعيداً عما يخل بالدين الإسلامي القويم, كما تم من خلال القانون احتواء ستة آلاف خطيب في عموم مساجد اليمن تحت إشراف وزارة الأوقاف والإرشاد, مضيفاً أن مشروع القانون الجديد سيتناول الأحكام المتعلقة ببناء المساجد وصيانتها وتعيين أئمتها وخطبائها والمحاضرين فيها والمدرسين والمناهج التي ستدرس فيها والجهة المعنية بالإشراف والمتابعة, وتوجد في اليمن حالياً نحو 75 ألف مسجد .
وكشف المسؤول اليمني عن أن القانون الجديد سيعمل على تطوير الخطاب الديني وتعزيز وسائله التي تتناول تشخيص الوضع الراهن للتوجيه والإرشاد, الذي يعاني مشكلات عديدة أهمها قصور في التشريعات القانونية والسياسات المنظمة لذلك وغياب التخطيط والتنظيم في قطاع الإرشاد الذي يفتقد وجود سياسة رسمية مقرة ومحددة الأهداف والغايات تجسد الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني، فضلا عن ضعف إدارة التوجيه والإرشاد بسبب عدم توافر الإمكانات الفنية والبشرية وعدم وجود فروع الإرشاد في المديريات، فضلاً عن ضعف القدرة على استيعاب العدد الكافي من الخطباء والمرشدين الأكفاء، وعدم وجود آلية تقييم أنشطة الأئمة والخطباء والمرشدين والدعاة من قبل الجهات المختصة في الوزارة، وتحديد شروط وإجراءات تعيين خطبائها وأئمتها والعاملين فيها والإشراف عليهم.
وأشار إلى أن إعداد هذا القانون يأتي في إطار خطة توعوية شاملة فكرية وسياسية أقرها مجلس الوزراء في منتصف العام الماضي 2008، لمواجهة ثقافة الغلو والإرهاب والتمرد والنعرات العنصرية, التي تسعى الحكومة اليمنية إلى تنفيذها خلال العام 2009 بالتزامن مع إقرار قانون إحياء رسالة المسجد من قبل البرلمان وتعزيز دوره في تحفيظ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وتوعية النشء بقيم التكافل والتراحم والتسامح وتجنيب المساجد مغبة الصراعات الحزبية والمذهبية والطائفية والقيام بواجب الإرشاد وفقا للتعاليم الإسلامية السمحة ونبذ التطرف والتعصب وتطوير آلية الخطاب الإرشادي ووسائله ونشر ثقافة الحوار والوسطية والاعتدال وغيرها, وإعطاء وزارة الأوقاف والإرشاد صلاحية إبداء الرأي في المناهج الدينية, كما سيتم إعداد مشروع قرار إنشاء مركز الحوار الفكري للشباب المغرر بهم من قبل الفئات الضالة .
وتقول الحكومة اليمنية, التي تعاني أزمات خانقة اقتصادية واجتماعية واضطرابات أمنية, إن شريحة واسعة من الشباب يتعرضون لموجات استغلال سياسي ومذهبي جعلهم وقودا للأزمات التي تعصف بالبلد شمالا وجنوبا، وتعلل ضعف الولاء الوطني لدى الشباب من جيل الوحدة بأنه ناتج عن "التعبئة الخاطئة القائمة على أسس سياسية ومذهبية", فضلا عن الاختلالات التي صاحبت ولا تزال, النظام التعليمي وهي القضية التي عبر عنها الرئيس علي عبد الله صالح أخيرا عندما قال: "لو كان هناك تعليم لما خضنا خمس مواجهات مسلحة في صعدة".
وتسعى الحكومة اليمنية حاليا إلى مواجهة الأزمة عن طريق برامج تقول إنها تستهدف "تحصين الشباب وترسيخ الولاء الوطني لديهم وقطع الطريق أمام أي تيارات سياسية أو مذهبية أو طائفية تحاول استقطابهم والتأثير فيهم بتعليم طوائفي ومذهبي يقودهم إلى العنف على غرار الأزمة التي خاضتها محافظة صعدة من خلال مقاتلة آلاف الشباب في صفوف الحوثيين تحت تأثير تعبئة مذهبية وطائفية.