التكفير أخطر من قضية الدماء والأعراض فهي قضية دين

التكفير أخطر من قضية الدماء والأعراض فهي قضية دين

أوضح الشيخ ناصر بن يحيى الحنيني أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن الفرق المنحرفة عن المنهج الصحيح ظهرت منذ العصر الإسلامي الأول، وقال إن من أول هذه الفرق الخوارج الذين غلوا في أمور الدين، وأضاف أن أصحاب الفكر الضال يظهرون في كل مكان وزمان ولا بد من مقارعتهم وتبيان ضلالهم، وأوضح فضيلته أن العداء لدين الإسلام أمر ظاهر منذ بزوغ نور الإسلام، والمؤلم حقا أن نجد من أبناء هذا الدين من ينتقص من ثوابت الدين بحجة البحث عن التطور، وأشار فضيلته إلى أن التكفير لا يجوز لآحاد الناس والجهلة وصغار الطلاب أن يتكلموا فيه، فلا بد أن يكون المتكلمون فيه من أهل العلم الراسخين لأنه من القضايا والمسائل الخطيرة التي يترتب عليها الكثير، وهذه القضية أخطر من قضية الدماء والأعراض فهي قضية دين، تخرج الإنسان من دينه، وينبغي أن يكون من يتناولها ذا علم وبصيرة، والأمر الآخر هناك فرق بين من يتكلم في قضية عامة، كأن نقول من فعل كذا فقد كفر، هذه مسألة علمية ولا يتكلم فيها سوى المتخصصين، فينبغي أن نتحرز، وأن نتورع وألا يبادر إليها إلا أهل التخصص من أهل العلم وألا يكون الرأي فرديا بل رأي جماعي، وأضاف: التكفير له شروط وله ضوابط وله أصول وله موانع، فقد يقع إنسان في كفر ولكن لا يكفر، وذكروا لذلك الجاهل الذي لا يعرف، وذكروا لذلك المكره، ذكروا مثالاً لذلك الناسي أو المخطئ، وغيرها من الموانع التي تمنع عن الإنسان الكفر.
فليس معنى أن الإنسان ارتكب مكفراً فإنه يصبح به كافراً ومبادراً إلى تكفيره؛ ولكن هناك دعوى أخرى تقول: لا يوجد تكفير مطلقا، فنقول له: الله عز وجل في القرآن وصف أناسا بعينهم ووصف وصفا عاما، قال: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ((المائدة: من الآية73)، وقال: (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ((التوبة: من الآية66)، للذين يستهزئون بدين لله فهو مبدأ شرعي موجود، ومن كفره الله ورسوله فهو يكفر؛ لكن ينبغي أن نهتم بتأصيل مسائلنا الشرعية، وأن نتعلم العلم الشرعي على أصوله، وأن نوكل مثل هذه القضايا الضخمة والخطيرة كالتكفير، إلى أهل العلم الراسخين في العلم، وأن تكون محل بحث ونظر، وألا يسارع فيها، ولا يسمح لأحد أن يأتي يتكلم ويصم علماء الإسلام والذين تكلموا في بعض الطوائف ومن قامت عليهم الحجة، يصمهم بالتشدد أو غيره، فهو لا يعرف لماذا كفرت هذه الطوائف، خذ مثلاً الجهمية، يقول عنهم ابن القيم:
هذا وقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من علماء ذا البلدان
يعني كفرهم 500 عالم ثم يأتي واحد صغير لا يفقه في العلم شيئا ثم يكتب في الصحيفة انظر إلى التشدد عند أهل السنة، أو التكفير، فهؤلاء قامت عليهم الحجة وبأدلة شرعية، فالتكفير ليس ممنوعا مطلقاً ولا يباح لكل أحد، وهذا هو المنهج الوسط الذي يجب أن نعتني به، ومنهج أهل السنة هو منهج الوسط، ليسوا كالخوارج الذين كفروا بالمعاصي ولا كالمرجئة الذين قالوا لا يوجد كفر مطلقاً، فهم وسط بين كل الطوائف، وهذا لا يعرفه إلا العالمون المتخصصون.

الأكثر قراءة