سياسات أمريكا السلبية تلقي بظلالها القاتمة على الاقتصاد بعد 50 عاما
في فترة الكساد الكبير في الثلاثينيات كانت البطالة قد تجاوزت نسبة 30 في المائة، وانهارت سوق الأسهم التي كانت منتعشة في النصف الأول من ثلاثينيات القرن الماضي، حيث انخفضت قيمة كل الأسهم لأكثر من النصف من عام 1937 إلى عام 1939، بينما انخفضت مبيعات السيارات بمقدار الثلث في الفترة نفسها، وزادت انهيارات الشركات بأكثر من 50 في المائة.
يلقي الكتاب نظرة ناقدة على الفترة الرئاسية لفرانكلين روزفلت، كاشفا السياسات الحكومية التي أبطأت التعافي الاقتصادي بعد الكساد الكبير والتي لا تزال تؤثر سلبيا في الولايات المتحدة حتى اليوم. يسير الكتاب عكس التيار السائد الذي يعتقد أن فرانكلين روزفلت هو المنقذ الأسطوري للولايات المتحدة من الكساد الكبير.
يرى مؤلف الكتاب أن روزفلت بأخلاقه المشكوك فيها وعداوته لرجال الأعمال وضع برنامج الصفقة الجديدة قائما على تخطيط متضارب وإسراف في الإنفاق والرغبة في تحقيق مكاسب سياسية بتعزيز صورة حكومته أمام الرأي العام إلا أنه فشل فشلا ذريعا في تحقيق الانتعاش الاقتصادي الذي كانت أمريكا في حاجة ملحة له للخروج من الكساد الكبير.
انتخب روزفلت عام 1932 بعد سيل من الوعود بتحقيق التوازن في الميزانية الأمريكية والسيطرة عليها وخفض معدلات البطالة التي كانت قد وصلت إلى مرحلة حرجة، إلا أن روزفلت الرئيس الثاني والثلاثين للولايات المتحدة، لم يكتف فقط بإهمال السعي لتحقيق هذه الأهداف، لكنه أدخل أيضا تغيرات هائلة في خطتها تتناقض مباشرة مع وعود حملته الانتخابية.
كانت خلطته السرية لخطة الصفقة الجديدة تتضمن عمليات تحديد الأسعار وتخفيض الضرائب ومشروع قانون إعادة التنظيم القضائي. وضع كل هذا ضغوطا مالية زادت من معاناة الطبقات الدنيا والوسطى في المجتمع الأمريكي آنذاك، وجعلت الطبقات العليا تحجم عن تحمل مخاطر الأنشطة التجارية، وهو الأمر الذين كان سيعيد التدفقات المالية في النظام الاقتصادي.
يرى مؤلف الكتاب أن جذور عديد من البرامج الحكومية المطبقة اليوم تمتد إلى خطة الصفقة الجديدة. كما يرى، وهو الأمر الذي يختلف فيه معه الكثير من المفكرين والمحللين، أن الدعم الزراعي، وتحديد حد أدنى للأجور، وتوفير الرعاية الاجتماعية وغيرها من الأمور، تعرقل جميعها النمو الاقتصادي حيث تسهم في تخفيض الإنتاجية وتفاقم البطالة.
غير النهج المتعجرف الذي اتبعه روزفلت في فترة رئاسته من السياسات الأمريكية تغييرا تاما. كما تلاعب بالرأي العام حتى صار المواطن الأمريكي العادي متواطئا معه في تباطؤ النمو الاقتصادي الذي ضرب الولايات المتحدة في فترة الثلاثينيات. وبعد أكثر من 60 عاما على وفاته في مكتبه، مازالت لأعماله انعكاساتها على الولايات المتحدة.