رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


المملكة وصناديق التملك الخاص

بجانب الأزمة المالية العالمية التي تعصف بالقطاع المصرفي العالمي في الدرجة الأولى، تمر شركات وصناديق التملك الخاص بأزمة كبيرة هي الأشد قسوة في تاريخها. فصناديق التملك الخاص التي تركز على الشركات غير المدرجة تستحوذ على حصص أو شركات بالكامل أملاً في تحقيق أرباح تبعاً لعدة نماذج واستراتيجيات. وبتسبيط، تقوم شركات التملك الخاص بالاستحواذ على شركات وحصص بهدف رفع قيمة العائد على الاستثمار من خلال عدة طرق منها تغييرات إدارية، دمج الشركات التي يتم تملكها وإعادة هيكلتها بهدف البيع لاحقاً وتحقيق أرباح، أو توفير رأسمال تشغيلي للشركات المستهدفة والتي تعاني صعوبات مرحلية تعود إلى صعوبة الحصول على التمويل اللازم.
وفي سنوات ما قبل الأزمة المالية الحالية تركز نموذج عمل شركات التملك الخاص على استحواذ وتملك حصص بالاعتماد على التسهيلات سواء البنكية أو غيرها فيما يسمى Leveraged Buyout. ولم يكن الحصول على التسهيلات لتمويل عمليات التملك الخاص صعباً في سنوات ما قبل الأزمة المالية العالمية نظراً للأداء الجيد لاستثمارات الصناديق وارتفاع مستويات التصنيف الائتماني الخاص بها خصوصاً وأن عمليات التصنيف تمحورت حول القيم السوقية للأصول التي تملكها صناديق التملك. هذا النوع من الصناديق خطف الأضواء من صناديق التحوط في ساحة الاستثمار العالمي لأدائها الجيد وقدرتها على جمع الموارد المالية وارتفاع الثقة بالاستثمار بها حتى من الصناديق السيادية والجهات الحكومية كاستثمار إحدى أذرع الحكومة الصينية الاستثمارية في شركة بلاكستون للتملك الخاص في عام 2007. ونظراً للتأثير الحاد للأزمة المالية العالمية على مستويات السيولة وشح الائتمان، بدأت شركات التملك الخاص كغيرها من الشركات الاستثمارية تعاني من تراجع قيم استثماراتها وصعوبة الحصول على التمويل. لذلك، بدأت بعض صناديق التملك الخاص المغلقة بفتح باب الاستثمار للمشتركين الجدد بينما بدأت صناديق أخرى بالبحث عن السيولة من خلال التسويق لعملياتها في مناطق الفوائض المالية كالصين ودول الخليج وإن عن طريق تأسيس شركات تابعة أو صناديق متخصصة تتوافق مع صيغ التمويل الإسلامي.
أما سوق شركات التملك الخاص في دول الخليج فما زالت أقل تطوراً من نظيرتها في الغرب ودول جنوب شرق آسيا وإن كانت متقدمة على باقي الدول العربية. فمن ناحية التواجد، فبجانب فروع شركات التملك الخاص التي يتركز معظمها في دبي فإن معظم شركات وصناديق التملك الأخرى تشترك في ملكيتها حكومات وصناديق دول الخليج السيادية التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل وتعظيم العائد على الاستثمارات الحكومية تنويعها كهيئة أبوظبي للاستثمار، أبراج كابيتال، عمان أويل، تكامل العمانية، مبادلة الظبيانية، وشريعة كابيتال، أما على صعيد مستثمري القطاع الخاص فتبرز إنفستكورب البحرينية. كما إن أغلبية شركات التملك الخاص في دول الخليج تستهدف الاستثمار وحيازة حصص استراتيجية في شركات غربية وأمريكية وأحياناً آسيوية. ومن أسباب استهداف الأسواق والفرص العالمية بشكل أكبر مقارنة بالفرص المحلية لشركات التملك الخاص الخليجية ندرة الفرص المحلية القادرة على استيعاب الأحجام الكبيرة للاستثمار، ضعف بيانات الشركات العاملة، غياب الشفافية للقوائم المالية، بطء الإجراءات القانونية بسبب البيروقراطية، تداخل المصالح والمستفيدين، وندرة الكفاءات المتخصصة في تحليل الفرص الاستثمارية خليجياً. ولكن، ومع استمرار تراجعات وضبابية الأسواق العالمية، يبدو أن هناك توجهاً من قبل شركات التملك الخاص في العام الحالي للتركيز على أسواق المنطقة ما يشير إلى تحسن وجاذبية نسبية لقطاع الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مقارنة ببيئة التملك الخاص في الأسواق الغربية والأمريكية. فعلى هامش منتدى دافوس الاقتصادي الذي يختتم أعماله اليوم، أشار عارف نقفي المدير التنفيذي لشركة أبراج كابيتال التي تعد شركة التملك الخاص الأكبر في منطقة الخليج إلى أن هناك كثيرا من الفرص الاستثمارية في قطاعات البنية التحتية والتموين في المنطقة. كما أوضح في مقابلة سابقة مع تلفزيون بلومبيرج أن الأسواق الأكثر جاذبية تشمل السعودية، الجزائر، ليبيا، تركيا والهند في قطاعات النفط والغاز، الصحة، والتعليم. هذا الرأي يشير إلى أن صناديق التملك المعروفة بالمرونة وتحسس الفرص الاستثمارية تجد في هذه الاقتصادات ملاذاً آمناً وفرصاً للنمو في ظل الأزمة المالية العالمية علماً أن القطاعات المذكورة هي التي تتمتع فيها المملكة بميزة نسبية أو تلك التي نالت نصيب الأسد من موازنة العام الحالي 2009.
ختاماً، إن صناديق التملك الخاص تعد دوماً قرون استشعار للتوجه الاستثماري وتسبق في تحركاتها أدوات الاستثمار الأخرى لحرصها على قراءة الدورات الاقتصادية وتقدير وقت الدخول بالاستثمار والخروج منه تبعاً للدورة الكلية للاقتصاد. لذا، فإن استهدافها للاستثمار في المملكة يشير إلى أن أدوات الاستثمار الأخرى العالمية ستتبعها في وقت لاحق مما قد ينعكس على الأصول المالية المستهدفة بالاستثمار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي