إنقاذ البنوك يعصف بمالية بريطانيا وتفاقم خسائر الوظائف
عرضت حكومات أوروبية مزيدا من المساعدة للبنوك المتعثرة أمس الأربعاء في حين دفعت خطة إنقاذ مصرفي المالية العامة في بريطانيا صوب أسوأ عام لها منذ بدأ رصد السجلات في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
وتراجعت الأسهم لتفاقم المخاوف من أن مؤسسات مالية كبرى لن تنجو من الأزمة الاقتصادية المتصاعدة ومع تزايد خسائر الوظائف، وتعتزم بلجيكا مباشرة جولة ثانية من تمويل البنوك وعرضت فرنسا وألمانيا مزيدا من المساعدة أيضا لكن فكرة الحاجة إلى تدخل أكبر مع انزلاق الاقتصادات في هوة الركود دفعت مؤشر البنوك الأوروبية إلى أدنى مستوياته في 16 عاما.
وتصدرت الخسائر أسهم البنوك البريطانية مع هبوط سهم "باركليز" 20 في المائة إلى 58 بنسا وانخفاض سهم مجموعة لويدز المصرفية 15 في المائة إلى 38 بنسا لمخاوف من أنهما ورويال بنك أوف سكوتلاند "آر.بي.إس" قد يحتاجون إلى مساعدة حكومية أكبر أو تأميمهم بالكامل. ووجهت خطط إنقاذ البنوك ضربة قوية لوضع المالية العامة في بريطانيا مع ارتفاع العجز في كانون الأول (ديسمبر) إلى أعلى مستوياته على الإطلاق من جراء عملية إعادة تمويل رويال بنك أوف سكوتلاند.
ونالت هذه البيانات من الجنيه الاسترليني الذي تراجع إلى أدنى مستوياته في سبع سنوات ونصف السنة مقابل الدولار لتوقعات بأن يبقي القطاع المالي البريطاني اقتصاد البلاد ضعيفا رغم خطط إنقاذ البنوك والتحفيز المالي وتخفيضات سعر الفائدة.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن القطاع العام سجل عجزا صافيا قدره 44.2 مليار استرليني (62 مليار دولار) الشهر الماضي وهو أعلى مستوى له على الإطلاق. ويعود زهاء نصف العجز إلى إعادة التمويل الحكومية لبنك آر.بي.إس.
وقال فيليس باباديفيد محلل أسواق الصرف لدى سوسيتيه جنرال في لندن "هناك مخاوف كبيرة في أسواق المال وهي تضرب بمعولها في العملات ذات الحاجة إلى التمويل الرأسمالي الطارئة والمعرضة بصفة خاصة لضعف القطاع المالي".
وكانت بريطانيا قد أطلقت خطة إنقاذ مصرفي ثانية الإثنين الماضي، وفي إشارة جديدة إلى عدم استجابة الاقتصادات للتدابير الحكومية قالت ألمانيا إن اقتصادها سينكمش 2.25 في المائة هذا العام وذلك في أعمق ركود يشهده منذ الحرب العالمية الثانية.
ومن المتوقع أن تؤكد بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير من العام الماضي التي تصدر يوم الجمعة ركود الاقتصاد البريطاني للمرة الأولى منذ عام 1992.
واكتسبت عمليات تسريح الموظفين زخما مع سحب البنوك لخطوط ائتمان الأمر الذي يضطر الشركات إلى اتخاذ إجراءات صارمة لتوفير النفقات.
ويقترب عدد البريطانيين العاطلين عن العمل من مليونين وقالت بي.إتش.بي بيليتون أكبر شركة تعدين في العالم إنها ستستغني عن 6 في المائة من قوة العمل لديها بينما تكابد انهيارا في أسعار السلع الأولية.
وعزز إعلان بي.إتش.بي من التوقعات القاتمة لأسعار المعادن وأسهم في دفع أسعار النحاس والألومونيوم إلى الانخفاض نحو 2 في المائة في معاملات أمس، وتراجع النحاس المستخدم في صناعات الكهرباء والبناء والذي يعد مؤشرا للنشاط الاقتصادي أكثر من 60 في المائة منذ المرتفعات القياسية التي سجلها في تموز (يوليو) الماضي وذلك مع تأثر الطلب سلبا بفعل الأزمة المالية.
وبحسب مسح لـ "رويترز" من المتوقع أيضا انكماش الطلب العالمي على النفط 430 ألف برميل يوميا في 2009 ليصل إلى 85.43 مليون برميل يوميا، وكان استطلاع سابق أجرته "رويترز" في تشرين الثاني (نوفمبر) تكهن بتراجع دون ذلك بكثير.
وحذر صندوق النقد الدولي من أنه سيجري خفضا حادا على توقعات النمو هذا الشهر وأن العالم لن يعاود تحقيق معدلات نمو قوية لعامين أو ثلاثة، وقال مدير الصندوق دومينيك ستراوس الذي كان في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي "الأوضاع لا تتحسن" مضيفا أن توقعات جديدة تصدر خلال أيام قليلة ستكون "أسوأ".