كالنازية والفاشية .. الصهيونية لزوال
هكذا وبكل بساطة واستخفاف مثلما شن العدو الصهيوني عدوانه الغادر والغاشم على غزة، وارتكب خلاله كل ألوان جرائم الحرب، أعلن إيقافه ومن طرف واحد فقط بعد ما يقرب من أسبوع من قرار مجلس الأمن ودون أي ترتيبات ومتجاوزا كل المبادرات، وهذا يعكس مدى ما وصل إليه هذا العدو الصهيوني من تجبر وطغيان وبغي وعلوه علوا كبيرا، فهو لم يعر القرار الدولي حينه أي اعتبار واستمر في عدوانه، وماطل في تعامله مع كل المبادرات وأوغل في ارتكاب الجرائم وكأنه فوق كل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية.
ولكن .. هذا التجبر والبغي والطغيان والعلو الصهيوني مآله إلى زوال وسقوط لأنه بني على عنصرية وظلم ودموية واغتصاب للحقوق، والتاريخ علمنا أن القوة الغاشمة لها سقف محدد تبدأ بعدها في التراجع والسقوط ومن ثم الزوال "فما طار طير وارتفع إلا مثلما طار وقع"، وهذا العدو الصهيوني بنزعته العدوانية الإجرامية حلق بطغيانه عالياً، وهذا مؤذن لتوعد الله ـ سبحانه وتعالى ـ في قرآنه الكريم لما بعد العلو "وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا"، وقال سبحانه "إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا"، وسوف يسقطه ناموس الحياة الطبيعية كما فطرها الله على الحق والذي يلفظ كل ما يتعارض معه، فالحياة الإنسانية تبتلى أحيانا بظواهر وحالات شاذة عن طبيعتها مثلما ابتليت بنازية وفاشية، ولكنها سريعا ما تلفظها وترمي بها في مزبلة تاريخها، والصهيونية تسير في الطريق نفسه، تبرز اليوم كحالة شاذة فعلا عن السياق الإنساني تماما كحالتي النازية والفاشية، بل أشد بشاعة وإجراما وبغيا، وبداية ذلك بدأت واضحة في ردة فعل شعوب العالم، وهي ردة فعل ملاحظة ولافتة للنظر والتأمل، فشعوب العالم بدأت تدرك اليوم وبالأدلة القاطعة كما تبدت فيما ارتكبه من جرائم بشعة في غزة كنه هذا الكيان الصهيوني، وتكتشف أنه ليس ذلك الكيان المسالم الضعيف، بل كيان عدواني عنصري وقاتل محترف، وما هذه المظاهرات الشعبية العارمة والتي عمت معظم عواصم العالم المختلفة إلا بداية لنهاية جبروته وطغيانه، ولا يجب هنا أن نقلل أو نستهين بحجم هذه الهبة الشعبية العالمية ونعتبرها فقط مجرد فرقعة صوتية، فعندما يعبر شعب بعيد ومنشغل بنفسه كالشعب الياباني عن ضيقه وتنديده بوحشية هذا العدوان على غزة ويسير المظاهرات للتعبير عنه، أو حين يصرح مشاهير الفن في هوليوود معقل الهيمنة الصهيونية بالعدوان ووصمه بجريمة حرب ضد الإنسانية، فهذا مؤشر له دلالاته على بدء كسر التابو الصهيوني وانكشاف حقيقته الإجرامية، وبداية ولو ضئيلة ولكنها مؤثرة بعودة الوعي لشعوب العالم التي كانت قد خدرت مشاعرها بدعاية صهيونية صورت الكيان الصهيوني بالحمل الوديع المحاط بالذئاب العربية التي تريد نهش أمنه واستقراره وسلامه.
برغم مشاعرنا التي تقطر ألما ودمعا ونحن نشاهد مدى طغيان وبغي هذا العدو على إخوتنا وأهلنا في غزة، ونرى أطفالا يقتلون ويفجعون بلا رحمة ولا هوادة ونساء يصرخن هلعا ورعبا وجثثا مطمورة تحت ركام البيوت وتدمير المساجد والمدارس والمستشفيات ومنازل المدنيين بكل وحشية بأعتى القنابل التدميرية من فسفورية وغيرها، رغم كل هذه المأساة التي تعرض لها أهلنا في غزة، إلا أن هذه المأساة سوف تحفر نهاية هذا العدو وجبروته وطغيانه، ولن تنثني مرابطة وصبر وصمود أهلنا في فلسطين برغم شدة الكرب والمعاناة التي يتعرضون لها منذ ما يقارب مائة عام، فقد كتب الله لهم وعليهم أن يكونوا في أرض الرباط، فكما واجهوا الصليبيين وقيض الله للإسلام صلاح دين قاد تحرير بيت المقدس، فسوف يقيض الله لهم ولنا صلاح دين آخر يحرره من التهويد والصهاينة.
إذا كانت هبة شعوب العالم بدافع الشعور الإنساني تعتبر فعلا يقظة لها من وهن أصابها حقبا طويلة، فإن هذه الهبة سوف تؤثر عاجلاً وآجلا في سياسات حكوماتها، والتي رهنت لخدمة الصهيونية تحت ضغط المصلحة التي عرف الصهاينة كيف يمسكون بتلابيبها بحيث هيمنوا وسيطروا على مقدرات الشعوب الأخرى، وأستطيع أن أزعم أن هذا العدوان وكل ما ارتكب فيه من جرائم لن يمر كسابقيه، وأن هذا العدو وقادته سوف يدفعون الثمن، والأهم من ذلك أن كيان العدو بدأ عده التنازلي، وسوف يقيض الله الأسباب لهذا.