رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


المعوقات المحلية لصناعة التأمين السعودية (4)

(معوقات الرقابة على سوق التأمين)

استكمالا لحديثي السابق عن معوقات سوق التأمين السعودية فإنني سأستمر في عرض هذه المعوقات عن طريق الحديث في هذه المقالة عن جانب مهم يمثل تحدياً كبيراً لصناعة التأمين السعودية وهو الجانب الرقابي. وأود أن أذكر القارئ الكريم بأن الرقابة على سوق التأمين السعودية تتقاسمها جهتان مهمتان وهما مؤسسة النقد العربي السعودي والتي أنيط بها مهمة الرقابة على سوق التأمين السعودية بشكل عام ومجلس الضمان الصحي التعاوني الذي أنيط به مهمة الرقابة على سوق التأمين الصحي فقط. ولقد كان لهاتين الجهتين جهود متميزة في الرقابة على سوق التأمين كلاً وفقاً للمجال الذي أنيط به مع تداخل بعض الاختصاصات فيما بينها، ولكنهما نجحا في تحديد الدور المنوط بكل جهة على حدة، بيد أن نقص الإمكانات وكذلك عدم توافر الخبرة اللازمة في هذا النشاط الناشئ أدى إلى صعوبات جمة متعلقة بتنظيم سوق التأمين السعودية. فبالنسبة لمجلس الضمان الصحي فقد كان أداؤه متميزا جداً ولكن تعقيدات العمل بمنظومة التأمين الصحي وارتباطها بعدة جهات حكومية وخاصة في نفس الوقت أوجد صعوبات جمة لعمل المجلس، ولكن والحق يقال إن الأمانة الحالية للمجلس تعد متميزة بأدائها ومتميزة كذلك في فهم أهداف النظام وفلسفته وكذلك الدور المنوط بها وقد لمس الجميع التطورات الكبيرة والمتسارعة للتأمين الصحي التعاوني في السنوات الثلاث الأخيرة.
وبالنسبة لمؤسسة النقد فقد كنت على المستوى الشخصي أطمح بأن تبقى (ساما) مسؤولة عن القطاع المصرفي ومشغولة به وأن يتبنى واضعو النظام إيجاد جهة مختصة فقط بالرقابة على سوق التأمين، ولكن المؤسسة كانت في نهاية المطاف الجهة التي فضّل المنظِّم إسناد مهمة الرقابة على سوق التأمين إليها. ولا أنكر أبداً المجهودات الكبيرة التي بذلتها المؤسسة لتنظيم سوق التأمين، ولكن نقص الكادر البشري ونقص الخبرة وعدم وضوح الآليات التي تمارس خلالها المؤسسة الرقابة على سوق التأمين أدى إلى حدوث إشكالات معينة في السوق. فالمهمة بالنسبة للمؤسسة لم تكن سهلة أبداً فقد كان المطلوب منها (تنظيف) سوق التأمين من الشركات غير المرخصة والمحافظة في نفس الوقت على حقوق العملاء تجاه هذه الشركات من خلال فرض رقابة على محافظها التأمينية وأموال المتعاملين مع هذه الشركات ومن ثم ضخ شركات جديدة مرخصة ومؤهلة لسوق التأمين وقادرة على التعامل مع المستجدات في السوق ووفق برنامج زمني مدروس. إلا أن المؤسسة من وجهة نظري لم تقرأ بشكل مقبول ظروف وخصوصية واحتياجات السوق من شركات التأمين الجديدة أو القائمة سواء من حيث الكم أو الحجم أو النوع أو الجدول الزمني للنهوض بسوق التأمين وفق خطة مدروسة تستوعب كل خريطة التأمين بكامل مفرداتها ومن ضمنها بلا شك الدور الذي يضطلع به أصحاب المهن الحرة على اختلاف تصنيفاتهم المهنية، وهذا الاستقراء الصحيح هو الذي يساعد (ساما) على إيجاد التوازن المهني والوظيفي لعناصر سوق التأمين التي كنا نطمح لأن نراها على أرض الواقع. ولقد كتبت مقالتين نشرتا تباعاً في جريدة "الاقتصادية" في هذا الشأن عن ضرورة تنظيم (النسل) من شركات التأمين وكذلك عن كيفية معالجة مؤسسة النقد لحالات (الولادة المكبرة) لشركات التأمين ويمكن للقارئ الكريم الرجوع إليهما لمعرفة الإشكالية التي نتجت عن معالجة "ساما" لوضع شركات التأمين سواء من حيث الكيفية أو الحاجة أو إدارة سياسة سوق التأمين من حيث نوع وحجم وأداء شركات التأمين التي صُرّح لها بممارسة أعمال التأمين التعاوني في المملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي