خطة عمل ثلاثية للوصول إلى اتحاد جمركي وسوق عربية مشتركة في 2020
اقترحت دراسة اقتصادية عربية حديثة خطة عمل من ثلاث مراحل لإقامة الاتحاد الجمركي العربي بدأ بتحويل منطقة التجارة الحرة بين الدول العربية إلى اتحاد جمركي في الفترة من عام 2015 إلى 2020، ثم تحويله بعد ذلك إلى سوق عربية مشتركة، وذلك بهدف إحداث حراك ونمو اقتصادي وتجارة بينية عربية ما سيسهم في تنميتها وتجارة مفتوحة فيما بين الدول العربية.
وفقا للدراسة، التي أعدها مجلس الوحدة الاقتصادية العربية وستعرض على القمة الاقتصادية العربية المقرر عقدها في الكويت يومي 19 و20 كانون الثاني (يناير) الجاري، تشمل المرحلة الأولى استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بتحرير السلع العربية المنشأ من الرسوم، وإزالة القوانين غير الجمركية، والتخلي عن الاستثناءات، ثم إقرار القانون الجمركي الموحد، والاتفاق على التصنيف والتبويب العربي للسلع، وتوحيد المواصفات والمقاييس وقواعد التقييم، ورفع كفاءة المنافذ الحدودية، والنهوض بنظم النقل، وبناء قواعد البيانات التجارية والجمركية وشبكات الاتصال، ووضع وتنفيذ برامج للدعم الفني للدول الأقل نموا.
بينما تتضمن المرحلة الثانية من خطة العمل بناء الاتحاد الجمركي، التفاوض حول التعرفة الموحدة، إيجاد إطار قانوني للاتحاد الجمركي، دراسة تأثير الرسوم الموحدة على الأنشطة الاقتصادية للدول الأعضاء، معالجة تأثير الرسوم الموحدة على الإيرادات الجمركية للدول، ودراسة العلاقة بين الاتحاد الجمركي والأطراف الثالثة.
أما المرحلة الثالثة والتي تعد مرحلة تسيير الاتحاد الجمركي، فتتضمن وضع السياسة الجمركية الموحدة، وضع السياسة التجارية الموحدة، تحديد قواعد تحصيل وتوزيع الرسوم الجمركية، تطوير المؤسسات المشتغلة بالخدمات التجارية والمصرفية، ووضع بدايات التحرك نحو السوق العربية المشتركة.
وأوصت الدراسة بأن تتضمن قواعد الاتحاد الجمركي العربي كيفية التعامل مع أطراف أجنبية تتفاوت الترتيبات معها، وأن ينص على سياسة تجارية مشتركة تلتزم بها الدول الأعضاء، وذلك للحد من تأثير تشابك الاتفاقيات. ومعلوم أن منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى تضم الآن 17 دولة عربية تشكل تجارتها الخارجية الإجمالية نحو 92 في المائة من إجمالي التجارة العربية، بينما تشكل تجارتها البينية 12.5 في المائة من إجمالي التجارة الخارجية للدول العربية، حيث تعطي المنطقة إعفاء كاملا للسلع التي لا تقل القيمة المضافة فيها عن 40 في المائة، والدول الأعضاء هي: الأردن، الإمارات، البحرين، تونس، السعودية، السودان، سورية، العراق، عمان، فلسطين، قطر، الكويت، لبنان، ليبيا، مصر، المغرب، واليمن.
ومن أبرز المشكلات التي تواجه منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى هو طبيعة المنطقة التي تسمح للدول الأعضاء إبرام اتفاقيات مع دول أخرى ليست أعضاء في المنطقة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى وجود تجمعات اقتصادية أخرى قريبة من بعض الدول العربية.
التنافس عالميا
وأكدت دراسة مجلس الوحدة الاقتصادية العربية أن من شأن إقامة الاتحاد الجمركي العربي تعزيز القدرة العربية على التنافس عالميا، كما أنه يفتح الباب أمام السوق العربية المشتركة، كاشفة أنه رغم أن أربع قمم عربية بحثت هذا المشروع للعمل على تطبيقه، إلا أنه مازال متوقفا نتيجة عدم استكمال منطقة التجارة العربية الحرة. مؤكدة في هذا الصدد ضرورة اعتماد القانون الجمركي الخاص في دول الخليج كمشروع للقانون العربي الموحد.
وترى الدراسة أن أبرز العوامل التي تعرقل بدء الدخول في مرحلة الاتحاد الجمركي العربي تتمثل في عدم استكمال منطقة التجارة العربية الحرة (مازالت هناك بعض الخلافات حول قواعد المنشأ التفصيلية للسلع العربية ذات المدخل الأجنبي، وهي بطبيعة الحال تشكل نسبة كبيرة من السلع العربية)، مشيرة إلى أن إقامة اتحاد جمركي تعتبر الخطوة المنطقية التالية لمنطقة التجارة الحرة، إذ إنه سيشمل جميع السلع بما فيها ذات المنشأ الأجنبي، منهيا بذلك خلافات قواعد المنشأ (التي تدور حول السلع ذات المدخل الأجنبي)، وليشكل بداية للدخول في تكامل اقتصادي حقيقي، وهو ما حدث مع الاتحاد الأوروبي منذ 50 عاما.
وأوضحت الدراسة أن الاتحاد الجمركي يتطلب وضع سياسة جمركية موحدة وتوحيد الرسوم، ومن شأن هذا تعزيز القدرة التفاوضية للدول العربية للحصول على أفضل الشروط من الدول والمجتمعات الأخرى.
وذكرت أن توحيد الرسوم الجمركية على مدخلات الإنتاج المستوردة يؤدي إلى تماثل لتكاليف الإنتاج، حيث أن المنافسة تكون على أساس الكفاءة الإنتاجية وليس على تفاوت الرسوم، وهذا يصب في مصلحة الاقتصادات العربية بمنتجيها ومستهلكيها. وأقرت الدراسة بأن الخفض الجمركي سيؤثر في درجة الحماية التي تمنح لأنشطة اقتصادية يعتقد أنها لم تتأهل بعد للمنافسة العالمية، إلا أنها أشارت إلى أنه يتفق مع التوجه الاقتصادي العام لتقليص الاعتماد على الضرائب غير المباشرة وترشيد الضرائب المباشرة.
البناء بدءاً من 2009
اقترحت الدراسة مخططا لتنفيذ الاتحاد الجمركي يتضمن الاتفاق على جدول زمني للوصول إلى تطبيق كامل للتعريفة الموحدة حتى 2015، وتحديد معاملة الدول التي تنضم إلى الاتحاد بعد إطلاقه، وصياغة القانون التجاري الموحد الذي تطبقه الدول الأطراف، وإنشاء الإدارة الجمركية الموحدة، ووضع قواعد تحصيل الرسوم الجمركية وأسلوب توزيع حصيلتها.
وأكدت الدراسة ضرورة معالجة نواحي القصور في البنية الأساسية للتبادل التجاري العربي، وبالتحديد القصور في أنشطة النقل البحري والبري والجوي، وانخفاض الكفاءة في المنافذ الحدودية، وضعف البنى المعلوماتية في المنافذ الجمركية، وضعف الربط ما بين المنافذ والإدارات المعنية وغياب الشفافية في المعلومات، والقصور في بعض الأنظمة المصرفية.
كما نوهت بضرورة معالجة قضايا الحماية المطلوبة للمنتجات المحلية، ونقص الإيرادات الجمركية، والاتفاق على أسلوب رسم السياسة التجارية وسياسة المنافسة في إقليم الاتحاد.
وطالبت الدراسة وتحسبا لاحتمالات التأخر في قيام اتحاد جمركي عربي أن يقوم مجلس الوحدة الاقتصادية بتنفيذ استراتيجية بناء الاتحاد بدءا من عام 2009 لأعضائه الحاليين مع ضم دول أخرى ترغب في ذلك، مع إشراك الاتحاد الخليجي ومجموعة أغادير، بجانب دولتين مغربيتين في عمليات الإعداد، ثم في الإدارة لاتحاد يضم المجلسين، ويعزز هذا الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي تنظيم العلاقة العربية الأوروبية.
منتديات اقتصادية
هذا، وستعقد على هامش قمة الكويت يومي 17 و18 من الشهر الجاري منتديات اقتصادية مفتوحة يشارك فيها عدد هائل من مؤسسات المجتمع المدني وعلى مستوى عال، وبمشاركة أكثر من 500 جهة وشخص من خارج الكويت وهي جلسات مفتوحة والهدف منها المشاركة الفاعلة والاستفادة من آراء المختصين.
وستناقش هذه المنتديات ثماني قضايا رئيسية، كالأزمة المالية العالمية والسياسات الممكنة للتخفيف من آثارها وتداعياتها في الوطن العربي بمشاركة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والقطاع الخاص وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسات المجتمع المدني، كما أن هناك جلسة للتجارة والاستثمار وتحرير التجارة العربية، وتوفير البيئة الملائمة لها، إضافة إلى مشروع الأمن الغذائي والطاقة والطاقة البديلة كالشمسية والنووية، وشبكة النقل والطرق، إضافة إلى جلسة خاصة بالمياه والتعليم، البحث العلمي والشباب والبطالة.