تقرير مصرفي: المركز المالي للسعودية في 2009 متوسع يعزز الآفاق الاقتصادية
أكد تقرير مصرفي أصدرته المجموعة المالية - هيرميس، استمرار التوسع في الإنفاق في الموازنة العامة السعودية لعام 2009 المعلنة في أواخر كانون الأول (ديسمبر)، على الرغم من الانخفاض الشديد في أسعار النفط.
وتشير "هيرميس" إلى أنها تتوقع ارتفاع برنامج الإنفاق الحكومي بنسبة 11.5 في المائة عام 2009 مقارنة بتوقعات الإنفاق الفعلي في العام السابق، مما سيشكل دعما بالغ الأهمية للقطاع غير النفطي، فضلا عن تعزيز الثقة باقتصاد المملكة. وبحسب التقرير الذي حمل عنوان "اقتصاد المملكة العربية السعودية - موازنة استثنائية في عام 2009 بعد عام 2008 القياسي"، ستكون بؤرة تركيز السياسة الحكومية في الفترة المقبلة الاستمرار في تنفيذ البرنامج الاستثماري، الأمر الذي ينعكس في أولويات الموازنة، ويتمثل في زيادة موازنة الإنفاق الرأسمالي بنسبة 36.4 في المائة، وذلك في مجالات رئيسية تشمل التنمية الاجتماعية (خاصة التعليم والرعاية الصحية) والبنية التحتية.
وأشار التقرير إلى أنه مع انخفاض أسعار النفط وتراجع المزاج الخاص والتمويل الأجنبي، فإن الهدف الرئيسي للحكومة هو الاستمرار في البرنامج الاستثماري. كما أنه مع تراجع توقعات ارتفاع التضخم خلال العام الجاري فإن أولوية الإنفاق الجاري ستتراجع وإن كان هذا الإنفاق سيظل متوسعا. ويمثل الإنفاق الرأسمالي على التنمية الاجتماعية والبنية التحتية 47.4 في المائة من إجمالي الإنفاق (225 مليار ريال)، ويرتفع بنسبة 36.4 في المائة عن موازنة عام 2008.
وأضاف "إن السعودية أعلنت موازنة عام 2009 متضمنة الأهداف والتوقعات المالية، وفي حين تتسم فروض الإيرادات والإنفاق بتقديرات تميل للانخفاض، إلا أن الموازنة كما طرحت تعد مؤشرا على نية الحكومة الاستمرار في برنامج الإنفاق وعلى مستوى توجهات هذا البرنامج. ويعد برنامج الإنفاق الحكومي محركا رئيسيا لاقتصاد المملكة (لكل من الاستهلاك الخاص والاستثمارات) وتتزايد أهميته عام 2009 مع الانخفاض الكبير في أسعار النفط وصعوبات توفير التمويل الخارجي وارتفاع تكلفته. والأولوية الرئيسية في موازنة هذا العام هي للإنفاق الرأسمالي الاجتماعي والمادي". وترى المجموعة المالية في تركيز أولويات الموازنة مؤشرا إيجابيا، خاصة في ضوء التباطؤ في الاقتصاد العالمي والتحديات الماثلة أمام اقتصاد المملكة في الأجل المتوسط خاصة الحاجة إلى تحديث البنى التحتية وخلق فرص عمل.
عجز الموازنة والتمويل
وقالت "هيرميس" في تقريرها "على الرغم من أن الموازنة لم تتضمن أية فروض خاصة بالنفط، إلا أن تقديراتنا تشير إلى أن الموازنة وضعت على أساس متوسط لسعر النفط يراوح بين 40 إلى 45 دولارا للبرميل خام برنت، وبمستوى إنتاج يبلغ نحو ثمانية ملايين برميل يوميا. وتتوقع الحكومة أن يبلغ عجز الموازنة 65 مليار ريال عام 2009، إلا أن توقعاتنا لأسعار النفط ترتفع قليلا عن تقديرات الموازنة، إذ تبلغ 50 دولارا للبرميل خام برنت". ومع ذلك، تتوقع "هيرميس" أن تحقق الموازنة عجزا لأول مرة منذ عام 2002 وأن يبلغ 3.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، على أن يحقق المركز المالي للسعودية فائضا مرة أخرى عام 2010 مع ارتفاع إيرادات النفط، حيث تشير توقعاتنا إلى أن سعر خام برنت في العام نفسه سيبلغ 65 دولارا للبرميل.
وطبقا لتقديرات المجموعة المالية للإنفاق الفعلي عام 2009 (التي ترتفع عن الفروض المتوقعة في الموازنة)، فإنها تتوقع أن يكون سعر التعادل للنفط في الموازنة 54.5 دولار للبرميل. كما تعتقد أن الحكومة ستواصل إعطاء الأولوية للإنفاق وستتمكن من تغطية العجز بسهولة. خاصة مع الارتفاع الكبير لصافي الموجودات الأجنبية الحكومية والفوائض المالية القوية التي تحققت في السنوات الست الأخيرة. حيث تشير آخر البيانات المعلنة إلى أن صافي الموجودات الأجنبية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي بلغ 1.7 تريليون ريال في تشرين الأول (أكتوبر)، أي ما يعادل 98.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي حسب تقديرات الموازنة. وترى "هيرميس" أن هذه سياسة صائبة نظرا للتحديات طويلة الأجل التي يتعرض لها الاقتصاد وهي تحديث البنى التحتية وخلق فرص عمل.
وتوقع التقرير أن تشهد الفترات المقبلة تراجعا كبيرا في أرقام الاقتصاد نتيجة ضعف أرباح النفط، ومع ذلك سيظل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قويا.
وقالت المجموعة المالية "نتوقع تراجعا كبيرا في رصيد المعاملات الجارية والناتج المحلي الإجمالي في 2009 مع تراجع أسعار النفط، إذ نتوقع أن يتحول فائض رصيد المعاملات الجارية إلى عجز يساوي 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ومع الانخفاض الكبير في إنتاج النفط طبقا لقرارات منظمة الأوبك، فإننا نتوقع انكماش نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام الجاري، إضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي أيضا، كما نتوقع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بواقع 0.9 في المائة والناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنسبة 25.6 في المائة".
#2#
المركز المالي
وأشار التقرير إلى أن من الأمور المهمة الدالة على الآفاق المستقبلية للاقتصاد السعودي استكمال السياسة التوسعية في عام 2009، مما يضيف حافزا للاقتصاد. لافتا في هذا الصدد إلى أنه على الرغم من الهبوط الشديد في أسعار النفط، إلا أن الأرصدة الفعلية التي ستضخ في شرايين الاقتصاد سترتفع، حيث إن الإنفاق الحكومي سيكون عاملا حيويا في دعم أنشطة الاقتصاد المحلي. ويبلغ إجمالي الإنفاق في موازنة عام 2009 نحو 475 مليار ريال بارتفاع 15.9 في المائة عن عام 2008، إلا أنه أقل بنسبة 6.9 في المائة عن الإنفاق الفعلي التقديري في عام 2008. وعادة ما تتضمن الموازنات المالية السعودية أرقاما أقل من الإنفاق الحكومي الفعلي. وتتوقع "هيرميس" أن يرتفع الإنفاق الفعلي بنسبة 11.5 في المائة عام 2009 عنه في عام 2008، وهو أقل من ارتفاع الإنفاق الفعلي في عام 2008 الذي بلغ 15.1 في المائة. ومع ذلك، فهذا المستوى من الإنفاق - حسب تقرير المجموعة المالية - لا يزال مرتفعا كما أنه سيوفر حافزا قويا للاقتصاد. وأضافت "إن الارتفاع في الإنفاق الحكومي في 2009 سيأتي مماثلا لمستويات عام 2007. ونعتقد أن الإنفاق الحكومي في 2008 كان قد ارتفع بمعدلات سريعة مع الارتفاع الكبير في معدلات التضخم، حيث استجابت الحكومة لارتفاع الأسعار بزيادة المرتبات في القطاع العام وزيادة ميزانية الدعم".