رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لا تدعوا المجرم يهرب من العقاب

تتناقل مواقع إلكترونية صورا تكشف مدى الجريمة المروعة التي يرتكبها هذا العدوان الصهيوني الأمريكي ضد سكان قطاع غزة الفلسطيني, وهي صور تمتنع كل القنوات المتلفزة عن بثها لقسوتها, وتعكس أن هذا العدوان على غزة عدوان همجي بربري حاقد لم يكن هدفه القضاء على حركة مقاومة بقدر ما هو استخدام آلته الحربية الغاشمة لقتل وترويع الشعب الفلسطيني, نسائه وأطفاله قبل مقاوميه, بنزعة نازية وفاشية يتوارى منها خجلا حتى هتلر وموسوليني لو كانا على قيد الحياة اليوم.
الصور المتناقلة عبر هذه المواقع التي توثق أن ما يحدث لأهل غزة عملية إبادة جماعية تفوق ما تعرض له اليهود ـ كما يدعون ـ على يد النازيين فيما عرف بـ "الهولوكست" يثير ملاحظتين: الأولى أن اليهود الصهاينة لم يتعلموا من الهولوكست إلا الحقد والكراهية وتحولهما إلى حالة نفسية مرضية هي ما تفسر كل هذا العنف واستخدام كل ما لديهم من قوة نارية مهولة ضد شعب أعزل ومحاصر وبلا أي سند أو دعم. والفرق هنا هو أنه إذا كان اليهود سيقوا أذلة كالخراف لأفران الغاز ـ كما يدعون ـ فإن فلسطينيي غزة خصوصا وقفوا بعزة وشموخ في مقاومة وصمود أسطوري, جعل الله العاقبة لهم فيه بإذنه تعالى. والملاحظة الأخرى هي أنه بموازاة ما ترتكبه آلة العدو العسكرية من جرائم حرب في غزة يستخف قادة وسياسيو هذا الكيان المجرم بالعالم وقوانينه ومواثيقه بل حتى بعقله وضميره, إن كان قد بقي فيه ضمير, كما فعلت وزيرة خارجيته حين صرحت بكل فجاجة وصفاقة على أعتاب قصر الإليزيه مقر الرئيس الفرنسي في عز العدوان بأنه لا توجد حالة إنسانية في غزة! أو ما قاله رئيس الكيان الصهيوني مجرم مجزرة قانا اللبنانية للإذاعة البريطانية بداية العدوان إن هدفه هو السلام! أو نفيه العجيب والمضحك لقناة "الجزيرة" مقتل أطفال فلسطينيين, ومن خلفهم يأتي صوت الرئيس بوش و"بومة" إدارته الناعقة بالخراب كونداليزا رايس وهما يريان أن ما يرتكبه الكيان الصهيوني من جرائم بشعة ضد الفلسطينيين هو مجرد دفاع عن النفس.
الشاهد من ذلك ليس إثبات الحقيقة الإجرامية والعنصرية لهذا الكيان وشريكه الأكبر الولايات المتحدة, فهذا من نافلة القول, ولكن الشاهد هو التساؤل: هل يترك هذا الكيان يرتكب جرائمه دون حساب ومحاسبة وعقاب؟
هناك اتفاقيات ومواثيق دولية تحدد ماهية الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين, بل حتى الأسرى المحاربين أثناء شن الحروب, وفي هذا العدوان ارتكبت جرائم حرب فاضحة سواء من ناحية استخدام أسلحة محرمة دوليا مثل القنابل الفسفورية التي ثبت استخدام العدو لها ضد سكان غزة, أو استهداف المدنيين مباشرة كما حدث حين ضربت مدرسة تابعة للأمم المتحدة واضحة المعالم عن قصد وتعمد وليس عن خطأ، وقتل فيها أطفال ونساء كانوا قد احتموا بها, وهذه كلها أركان كافية لجلب قادة هذا العدو السياسيين والعسكريين إلى محاكم دولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.
إذا كنا قد وقفنا عاجزين سياسيا وعسكريا عن منع أولا ومن ثم تاليا وقف العدوان على غزة, فما الذي سيعجزنا عن أن ننقل صراعنا مع هذا العدو العنصري إلى ساحات العدالة الدولية؟ وهذا ما علينا فعله, خصوصا أن هناك زخما عالميا يميل إلى إدانة كيان العدو بتهم ارتكاب جرائم حرب, وأن ندعم كل توجه في هذا الخصوص, دعما لا حدود له كتوجه المركز الفلسطيني للاتصالات والدراسات التنموية ومقره مدينة الخليل, حيث تمكن من تجنيد 36 مؤسسة تعنى بحقوق الإنسان والسلم الأهلي لتقديم دعوى قضائية رسمية لمحكمة الجنايات الدولية ضد مجرمي الحرب الصهاينة, والتي قدمت فعلا إلى المدعي العام لمحكمة الجنايات, إياه, القاضي لويس مورينو أوكامبو ونائبته نانو بنسودا, وتم لهذا الغرض تجنيد عشرة محامين دوليين لمتابعة هذه الدعوى, وهو ما يجعل موقف هذه المحكمة, خصوصا مدعيها العام القاضي أوكامبو القانوني والأخلاقي على المحك, واختبار عملي لمصداقية مسؤولياتهما القانونية والأخلاقية بجلب مجرمين حقيقيين أمثال بيريز وأولمرت وباراك وليفني وبقية قادة العدوان العسكريين والمحرضين لهم من بوش وحتى كونداليزا رايس للعدالة, وليس بتلفيق تهم افتراضية لغيرهم, إلا أن هذا الجهد من المركز الفلسطيني لا بد أن يجد وقفة عربية خلفه تدعمه ماديا ومعنويا وسياسيا, وألا نكرر تخاذلنا حين سمحنا للعدو بإجهاض عمل لجنة تقصي حقائق دولية لجريمة مجزرة مخيم جنين عام 2003 لتمر تلك الجريمة دون عقاب, أو تركنا للعدو يكمل الجدار العازل وفي يدنا حكم قضائي من محكمة العدل الدولية بعدم قانونيته ومشروعيته وواجب هدمه.
إن دعمنا كل جهد لجلب قادة هذا العدو لمحاكم العدالة الدولية هو أضعف الإيمان للاقتصاص للشهداء من الأطفال والنساء والرجال الذين استشهدوا بآلته الحربية العدوانية المتوحشة, ومطالب بأن يتم تبنيه من كل المؤسسات والجمعيات العربية والإسلامية وحتى الدولية الحرة, فمن الظلم الأكبر للشهداء والمروعين أن يكتفى بطلب وقف إطلاق النار والانسحاب دون ملاحقة هذا العدو الذي خرق كل القيم والمواثيق الإنسانية والأخلاقية للحروب قانونيا, وهناك محاكم دولية لهذا الغرض, وهذا ما شهد به محايدون أيقظ حسهم الإنساني هول ما شاهدوه من جرائمه كباتريك بودوان مسؤول الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان بأن جيش العدو قام بانتهاك كل قوانين حقوق الإنسان ـ حسب نص كلامه لقناة "الجزيرة".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي