رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


سلام بقعة السراب والحرب على غزة (2 من 3)

تناولت في مقال الأسبوع الماضي التبريرات التي سيقت بشأن جريمة العدوان الصهيوني على غزة، وقد تبين لنا في المقال السابق مصادر التبريرات، التي هي الأمم المتحدة والعدو الصهيوني، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والأهل والعشيرة سواء من مسؤولي السلطة الفلسطينية أو النظام الرسمي العربي. ورأينا مع الأسف أن كل هذه المصادر حاولت وبشكل فاضح أن تبرر العدوان وتدافع عنه, معتبرة أن الفلسطينيين في غزة هم السبب, ومع شناعة العدوان وسطوته، وتجاوزه كل القيم الإنسانية والشرائع، وممارسة قتل الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ بسادية مفرطة, يلزم أن نقف مع الحدث بعقلانية ونحاول أن نبصر بها أولئك الذين لا تزال الغشاوة على أبصارهم, خاصة أنهم يرددون بمناسبة وبغير مناسبة أن طريق السلام مع دولة الكيان أمر لا محيد عنه، وأنه هو الأسلوب الأمثل لإقامة الدولة الفلسطينية واسترداد الحقوق المسلوبة, سواء في فلسطين، أو لبنان, أو هضبة الجولان.
وبغض النظر عن الدوافع المعلنة أو الخفية التي تكمن لدى من يردد مشروع السلام ويسعى حثيثاً إلى تحقيقه, يلزم الوقوف عند هذا الأمر ومناقشته بموضوعية, خاصة أن العدوان الصهيوني القائم حالياً، والذي لن يكون الأخير, كشف التباين الواضح والجلي بين الشارع العربي والنظام الرسمي العربي, إذ إن الاثنين يسيران في اتجاهين مختلفين، وهذا الوضع من شأنه أن يقود مع مرور الوقت إلى أمور لا تحمد عقباها داخل المجتمعات العربية من تفكك وتناحر وأزمة ثقة بين الطرفين، وهذا هو أحد الأهداف الاستراتيجية التي تسعى إليه الدول الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا التي كان لها الدور البارز في زرع الكيان الصهيوني على أرض فلسطين. وإذا كان التفكك والضعف هدفين تسعى إليهما دول الغطرسة فإن بذورهما وجدت باتخاذ النظام الرسمي العربي مواقف تتصادم مع تطلعات الشعوب، وتتنكر للواقع, سواء داخل مجتمعاتها أو الواقع المشاهد الذي يمارسه الكيان الصهيوني بكل وقاحة لم يعرف التاريخ لها مثيلاً. تساءلت وأنا أراقب ردود فعل الشارع العربي، وردود فعل النظام الرسمي العربي .. أيهما أكثر عقلانية؟ وبهدف الإجابة عن هذا السؤال لا بد من مرجعية يستند إليها الفرد، وأولى هذه المرجعيات وأكثرها أهمية القرآن الكريم وما ورد فيه بشأن اليهود، لقد أشار القرآن الكريم إلى اليهود في مواضع كثيرة ذاماً لهم ومظهراً سلوكهم المنحرف والمشين, حيث يقول البارئ ـ عز وجل: "لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يصنعون" كما يقول البارئ ـ جل شأنه: "وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا", لقد أكدت هاتان الآيتان خصائص ذميمة في بني إسرائيل, حيث إنه شعب عاص غير مطيع، وشعب معتد على الغير، يتجاوز حدوده، ويبغي على الآخرين بغير حق، إضافة إلى سكوتهم على المنكرات التي يمارسونها وعدم نهيهم بعضهم بعضاً عن فعل الفواحش والمنكرات، كما أن الإفساد في الأرض خاصية من خصائصهم عبر العصور، وفي المجتمعات التي يوجدون فيها كافة، ولذا أصبحوا منبوذين مكروهين يعيشون في عزلة في الدول التي يوجدون فيها, حتى إنهم أوجدوا أحياء خاصة بهم تعزلهم عن سائر أفراد المجتمع الذي يوجدون فيه.
أما المرجع الثاني الذي نحتكم إليه في معرفتنا لهذا الجنس البشري فهو التاريخ وأحداثه، وما سطرته كتب التاريخ يؤكد أنهم قتلة، حتى الأنبياء لم يسلموا منهم، إضافة إلى مراباتهم، واستعبادهم من يقع تحت نفوذهم، وما من مجمتع وجد فيه اليهود إلا وسطرت فيه أسفار تحكي تاريخ هذا الشعب المملوء بالجرائم والقتل والترويع. أما المرجع الثالث فهو الواقع المعاش، الذي لا تزال الدماء فيه تسيل على تراب فلسطين بكاملها وقطاع غزة بالذات، الواقع يقول إن عدد القتلى تجاوز 800 فرد معظمهم من الأطفال والنساء، والمدارس التابعة للأونروا لم تسلم من قصفهم، كما المساجد والجمعيات الخيرية والدور السكنية والمستشفيات. إن الكذب والافتراء خاصية جلية في هذا الجنس البشري, حيث إن رئيس الكيان الصهيوني سئل على قناة "الجزيرة" عن قتل الأطفال وأنكر ذلك بينما كانت شاشات التلفزيون في العالم تعرض أشلاءهم وأجسادهم البريئة الممزقة، كما أن المسؤولين الصهاينة أنكروا ضربهم مدارس الأونروا في البداية, ثم اعترفوا بعدما تحدث مسؤول الأونروا عن الموضوع, لكنهم قالوا: إنهم قصفوا المدارس لوجود مقاتلي حماس في المدارس, وهذا ما نفاه المشرفون على المدارس، هذا هو الواقع, ولا أعتقد أن ما أعرضه في هذا المقال أبلغ مما تعرضه شاشات التلفزيون التي فضحت هذا الكيان العدواني.
أما المرجع الأخير فهو الدراسات النفسية والتربوية التي ثبت من خلالها اتسام اليهود بمجموعة خصائص، أولاها شعورهم بالتفوق العنصري وأنهم شعب الله المختار، وهذا الشعور أضفى عليهم خاصية التقوقع على الذات بهدف المحافظة على الذات الجماعية اليهودية, ما انعكس بدوره على التزاوج فيما بينهم بشكل كبير، وأثرت هذه الخاصية في نظرتهم إلى الأمم والأعراق الأخرى لتكون نظرة احتقار ودونية، ولذا يكثر في أدبياتهم مصطلح (جوي) الذي يعني السفلة، والحشرات في إشارة إلى الأمم الأخرى. أما مصطلح (عاريل) ومصطلح (ممزير) فهما يستخدمان لوصف المسيحيين والمسلمين، ويعنيان غير المطهر، و(ابن الحرام). إن المشاعر العنصرية ليست مقتصرة على العرق, بل أيضاً في الدين، ولذا فالدين اليهودي الأقل انتشاراً بين البشر. من الخصائص الذهنية لدى اليهود إيمانهم بحتمية الصراع بين الشعوب والأمم، وهذا ما يمارسونه مع العرب والفلسطينيين بالذات, وهذا ما بشر به اليهودي هتنجتون في نظرية صراع الحضارات.
وإذا كان ما سبق يمثل الخصائص السلبية لدى اليهود, فإن لهم خصائص إيجابية, إذ إنهم شعب عملي، منظم، يوظف مصادره بذكاء، وحنكة، ويأخذ أموره بجدية، ويخطط تخطيطاً استراتيجياً بعيد المدى, وهذا ما مكنهم من احتلال فلسطين وزيادة نفوذهم على مستوى العالم.
بقي أن نقول: إن معرفتنا بالعدو وإيجابياته وسلبياته لا تكفي للانتصار عليه، ولا بد من معرفة ذاتنا والسعي الجاد إلى تغييرها كي يتحقق الانتصار, وهذا هو موضوع المقال المقبل, إن شاء الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي