الصين .. قادم جديد إلى عالم الاحتياطيات النفطية الاستراتيجية

الصين .. قادم جديد إلى عالم الاحتياطيات النفطية الاستراتيجية

تعد الصين آخر الواصلين إلى عالم بناء احتياطيات نفطية استراتيجية، وقد دخلت هذا المجال مدفوعة بعاملين: احتياجاتها المتنامية إلى النفط خاصة وهي ثاني أكبر مستهلك له في العالم بعد الولايات المتحدة، وإن ما يزيد على ثلث احتياجاتها تلك يتم توفيرها عبر الاستيراد، الأمر الذي يجعلها مهمومة بتأمين تلك الواردات. أما العامل الثاني فهو السعر، والتراجع الحالي لسعر البرميل يجعل الإغراء كبيرا للاتجاه إلى ملء هذه المخزونات.
وكانت الصين قد بدأت في العقد الماضي خطوات لبناء أربعة مخزونات فوق وتحت الأرض يتوقع لها أن تكتمل بصورة نهائية هذا العام ولها طاقة تخزينية تصل إلى 102 مليون برميل، وهي تخطط لناء المرحلة الثانية التي يمكن أن تستوعب 170 مليون برميل. يضاف إلى هذا وجود طاقة لدى الشركات الأجنبية وغيرها في حدود المليار برميل، ولو أن تراخيص استيراد النفط تظل في الأيدي الحكومية، ويتوقع أن يكون هناك تنسيق في هذا المجال.
الهدف النهائي أن يحتوي المخزون على ما يعادل استهلاك 90 يوما، وهو ما يساوي قرابة 400 مليون برميل، وهو ما يضعها في إطار توصيات الوكالة الدولية للطاقة. وكان بناء هذه المخزونات قد بدأ في عام 2004 لتوفير احتياطي لاستهلاك 33 يوما، واكتمل أول مخزن بعد ذلك بعامين، وكانت أولى الشحنات التي تم تخزينها من النفط الروسي، لكن بعد التصاعد في الأسعار طوال العامين الماضيين اضطرت الصين إلى وقف عمليات الشراء لصالح المخزون الاستراتيجي وذلك بعد تجاوز سعر البرميل 70 دولارا، وذلك في صيف عام 2007، بينما أوقفت الولايات المتحدة عمليات الشراء بعد تجاوز سعر البرميل 100 دولار مطلع العام الماضي. على أن التراجع الحالي في أسعار النفط دفع البلدين إلى العودة إلى الشراء. وبينما أعلنت الولايات المتحدة أنها تستهدف شراء 12 مليون برميل، فإن الصين تبدو متكتمة على حجم ما تريد شراءه، لكن يعتقد أنها ومنذ تراجع الأسعار تعمل على ضخ 25 مليونا في مخزوناتها.
الخطوة الصينية التي ستسهم في تحسين وضع الأسعار ولو بصورة مؤقتة بسبب ضعف الطلب تكتسب أهمية إضافية كونها يمكن أن تصبح عاملا في تحقيق شيء من الاستقرار للسوق. فكونها ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم وكانت مستوعبة لنحو 40 في المائة من الزيادة العالمية في النمو على الطلب، فإنها في حاجة إلى التحوط من انقطاع الإمدادات في المقام الأول ومن ارتفاع الأسعار بصورة غير محتملة في المقام الثاني.
ومثل هذه الخطوة ستسهم في التخفيف من حالة التقلبات العنيفة التي شهدتها السوق، وأثبتت أنها مضرة للمنتجين كما للمستهلكين، كما يرى بعض المحللين. وإذا ما انتهى وضع السوق إلى شيء من الاستقرار فإن حوارا هادئا يمكن أن يصبح متاحا بين طرفي السوق.

الأكثر قراءة