فلسطين: رمز الصمود والعزة

أود في البداية الإشارة إلى أنني اخترت لهذا المقال العنوان التالي: غزة رمز الصمود والعزة. ثم لاحظت في سياق المقال أن ذلك يحقق للكيان الصهيوني ولمن يقف وراءه هدفاً كبيراً هو تكريس الانقسام الحاصل في فلسطين. لذلك، استبدلته بالعنوان الحالي للتأكيد على أن إخواننا الفلسطينيين يداً واحدة في السراء والضراء، وأن فلسطين وحريتها ووحدتها ستظل الشعار الذي نؤمن به ونعلمه أبناءنا. لذلك فإنني أدعو جميع القنوات الفضائية والإخبارية خاصة إلى ألا تختزل ما يحدث حالياً بأنه اعتداء على غزة، بل هو اعتداء على كل فلسطين وعلى كل العالم العربي والإسلامي.
إن أكثر ما تقدمه لنا القنوات الإخبارية هذه الأيام, الألم المشوب بالحرقة على ما يحدث لإخواننا في فلسطين, قصف عشوائي واستهداف للمدنيين وتدمير للمساجد وهدم للمدارس وبشكل لم يسمع ولم ير له مثيل في العصر الحديث. وما يزيد من الألم، أن هذا العنف يمارس في ظل حصار شديد تفرضه الصهيونية العالمية بكل أطيافها (وليست إسرائيل وحدها) على إخواننا في فلسطين، وفي ظل تأييد أو صمت عالمي مطبق بما يمثل موافقة ضمنية على ما يجري حالياً من التنكيل بشعب عانى ويلات الاحتلال والقهر والتعذيب والتجويع على مدى 60 عاماً.
وما يزيد الطين بلة، أنه في ظل هذه الكارثة الإنسانية والجريمة البشعة التي يمارسها الكيان الصهيوني، نجد من بيننا من يبرر هذا الاعتداء (ولو من غير قصد) بإلقاء اللوم على فريق من الفرقاء الفلسطينيين، مما يمهد البساط ويرفع الحرج عن إسرائيل فيما تقوم به. فإسرائيل التي تقدم نفسها على أنها الضحية أمام جبروت وصواريخ حماس، ستجد أنه من السهل عليها أن تثبت ذلك بالاستناد إلى ما يكتبه بعض كتابنا عن (حماقة) "حماس" وزجها بالفلسطينيين في أتون معركة غير متوازنة مع الكيان الصهيوني.
وهنا أتساءل: منذ متى كانت حروب التحرير متوازنة عسكرياً؟ ومنذ متى بدأت إسرائيل في الإذلال والتنكيل بإخواننا الفلسطينيين حتى نقول إن "حماس" هي من أطلق شرارة البداية لحرب الإبادة والتنكيل الصهيوني؟ ومنذ متى كانت إسرائيل تنتظر مبرراً للقيام باعتداءاتها سواءً على إخواننا الفلسطينيين أو على مقدساتنا؟ أنسينا دير ياسين وصبرا وشاتيلا وعناقيد الغضب ومجزة قانا وحرب تموز وحريق الأقصى ومجزرة الحرم الإبراهيمي؟ هل كانت إسرائيل في حاجة إلى مبرر لتقوم بكل ذلك؟
إنه لمن العار ومن السذاجة أن نرى كل يوم ما يحدث في فلسطين ثم نفكر فيمن كان وراء إشعال شرارة ذلك. فلكل حادث حديث، وما يحدث اليوم ليس له إلا حديث واحد هو الوقوف وراء إخواننا بكل ما نملك من مال ومن جهد ومن قلم لنفضح فيه ما تمارسه إسرائيل تحت غطاء دولي من بطش وتنكيل وتركيع للفلسطينيين الذين ظلوا صامدين يذودون عن مقدسات هذه الأمة على مدى الـ 60 عاماً الماضية.
ثم إنني أدعو الجميع إلى المقارنة بين موقف بعضنا من الاعتداء الحاصل حالياً على فلسطين، وكيف أنهم يتلاومون في وقت يقصف فيه إخوانهم وأهلهم هناك، وبين موقف اليهود من المحرقة النازية التي حدثت خلال الحرب العالمية الثانية. فهل سمح اليهود لأنفسهم أو حتى لغيرهم أن يبحثوا في أسباب تلك المحرقة أو التشكيك في إحصاءاتها حتى بعد مرور ما يتجاوز الـ 60 عاماً على حدوثها. بل إنهم جميعاً: سياسيين ومثقفين ورجال دين وظفوا هذه الحادثة لحشد التأييد والدعم العالمي لقضيتهم.
وأخيراً ، هل تريدون أن تعرفوا كيف يوفر من يلوم حماس الغطاء لاعتداء إسرائيل. إليكم الجواب: في لقاء أجراه الأسبوع الماضي الراديو الوطني الأمريكي مع أحد الساسة الإسرائيليين سألته المذيعة عن عدم التوازن اللامتناهي في الحرب والواضح من عدد القتلى في الجانبين. ففي حين أن هناك 400 قتيل (شهيد) فلسطيني هناك فقط أربعة قتلى على الجانب الإسرائيلي. فأجاب الخبيث بالقول: إننا نأسف لكل ذلك، لكن الفرق بيننا أنه في حين نأسف نحن على قتلاهم (شهدائنا) ، يفرحون هم ويرقصون على كل قتيل من جانبنا. أفلا يسهل من يلوم "حماس" على أمثال هذا الخبيث تقديم إسرائيل في صورة الضحية لصواريخ واعتداءات وبطش "حماس"؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي