ائتلاف لإحياء سوق الصكوك بعد فقدان بريقها بتصريحات عثماني

ائتلاف لإحياء سوق الصكوك بعد فقدان بريقها بتصريحات عثماني

فقيه باكستاني يلقن مصرفيي الخليج درسا قاسياً بأن إعادة هندسة المنتجات التقليدية وتحويلها إلى إسلامية لن تمر مرور الكرام عليه. إلا أن جيشاً من المحامين الماليين والمصرفيين تمت الاستعانة بخدماتهم من أجل الالتفاف "بذكاء"على تشريعات الصكوك الجديدة.

كانت البنوك، قبل سنتين، تكيل المديح لبروز ما يعرف بالسندات الإسلامية، على أنها الجبهة الاستثمارية المقبلة. غير أن الأزمة الائتمانية الطاحنة أوقفت الرياح التي كانت تُسير سفينة الصكوك وحركت موجة من الإلغاءات بين جهات الإصدار. فعلى سبيل المثال، شهد الربع الأول من عام 2008 تراجعاً في قيمة الصكوك المصدرة بنسبة 80 في المائة، وفقاً لبيانات موقع "زاوية" الاقتصادي. وابتعدت شركات كثيرة كانت تسعى إلى جمع الأموال بعيداً عن أسواق الدين التقليدية والإسلامية، وعادت ثانية إلى الإقراض المصرفي عتيق الطراز.
غير أن رجال الدين تدخلوا بتساؤلاتهم عن كل شيء يتعلق بأسواق الصكوك، وغيرها من المجالات الأخرى للتمويل الإسلامي. وتقول حججهم إن الجشع كان يعمل على تقويض روح هذا النظام القائم على روح العقيدة الدينية.
وطرح الشيخ محمد تقي عثماني الذي يترأس المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة، من مقرها في البحرين، معايير جديدة في هذا الصدد في آذار(مارس). وترغم هذه المعايير مصدري الصكوك على تحويل الموجودات الأساسية التي يقوم عليها الصك إلى المستثمرين في الأداة، بدلاً من السماح لهم أن يظلوا مجرد مالكين اسميين. ويجادل المصرفيون عن المدى الذي أعاقت به التشريعات الجديدة سوق الصكوك، بدلاً من إلقاء اللائمة على الأزمة الائتمانية، حيث ما زال صدى هذه التشريعات يتردد بشكل واضح في الإصدارات الحديثة.
ومن أجل تجاوز مخاوف هذا الشيخ، فإن جهات الإصدار بدأت تلجأ نحو صكوك الإجارة، أو التأجير، حيث تضاعفت عقود الإجارة خلال ما مرّ من هذا العام أربع مرات مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بينما تضاعفت قيمتها ست مرات. إن هياكل الإجارة هي أسهل وسيلة لتخطي الجدل، حيث إنها تستخدم هيكل تأجير على أحد الموجودات التي تعطي حصص أرباح للمستثمرين، بدلاً من الفوائد. وقد أصبحت هذه العقود بمثابة نكهة الشهر، من حيث سهولة تسويقها للمستثمرين الذين أغضبتهم تلك الصكوك التي كانت تُباع في الأسواق بالرغم من الشكوك الدينية التي تحوم حولها. ومع هذا فقد تجدد الجدل إزاء روح التمويل الإسلامي من خلال الخطوط الإرشادية التي طرحتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.

ربما يكون الدرس القاسي الذي تعلمه المصرفيون أنه لم يعد في إمكانهم أن يقوموا بلا مبالاة بتفكيك منتج مالي تقليدي، أو إعادة هندسته بصيغة إسلامية، من دون تعنيف حماة التمويل الإسلامي.
ومع ذلك، فإنه نظراً لكون التمويل الإسلامي يحمل هذه الصبغة الإسلامية، فإن الناس يحاولون بالفعل إعادة إحياء الصكوك، التي أصبحت "موضة قديمة"، بسبب تدخلات الشيخ عثماني، بحسب ما يزعمون. وهم يعيدون كذلك تفعيل هياكل صكوك المضاربة، والمشاركة في محاولة لجعل هذه الأدوات التي كانت واسعة الانتشار والقبول، قادرة على الوفاء بمتطلبات رجال الدين والمستثمرين على حد سواء.
يقول المصرفيون إن الأشهر القليلة المقبلة ستشهد ميل البنوك التجارية الإقليمية إلى الوصول إلى حدود الإقراض المفروضة من جانب المشرعين، الأمر الذي سيرغم المقترضين على العودة إلى أسواق رأس المال. وفي ظل الطموحات المستمرة في التوسع في هذه المنطقة، من مشاريع البنية التحتية الرئيسة إلى تلك المرتبطة بالصناعة النفطية، فإنه ليس أمام الطلب على إصدار الصكوك إلا الازدياد. غير أن مرور الوقت وحده هو الذي سيكشف إذا ما كان المحامون أذكياء بما فيه الكفاية لدرجة تساعدهم على إعادة هيكلة الصكوك لكي تتماشى مع متطلبات رجال الدين.

* فاينانشال تايمز

الأكثر قراءة