جهات يمينية تطالب في عريضة بتجميد 150 مليار دولار وتخلص AIG من شركات التكافل
تفاعل بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي مع العريضة التي رفعتها الجهات اليمينية المتشددة التي تطالب فيها بتجميد جميع مبالغ الإنقاذ البالغة 150 مليار دولار، الموجهة لمجموعة التأمين الأمريكية.
وكذلك قيامها بالتخلص من جميع شركات التأمين الإسلامية التابعة لها ولا سيما الخليجية منها AIG ، في حين قام عضوان من الكونجرس بإرسال خطاب شديد اللهجة إلى رئيس شركة AIG يحذرانه فيه من أن منتجات التمويل الإسلامي "تفتقر إلى الشفافية وبالتالي فهي أسوأ بكثير من سوق القروض السكنية لضعاف الملاءة، التي سببت كثيرا من الألم الاقتصادي للشعب الأمريكي" حسبما ورد في الرسالة.
#2#
تأتي تلك التطورات بعد أسبوع واحد من رفع كيفن مَري، جندي مارينز خدم فترتين في العراق، دعوى قضائية على وزير الخزانة الأمريكي والبنك الفيدرالي بحجة أن عملية الإنقاذ المالية تساعد على نشر ثقافة التمويل الإسلامي.
ويرى مراقبون أن الجهات اليمينية المتشددة بدأت في استغلال نفوذها لتأليب الرأي العام الأمريكي ليقف صفا واحدا ضد جهود وزارة الخزانة الرامية إلى تعريف المؤسسات الأمريكية على منتجات التمويل الإسلامي. فمع الشهر الماضي، أعلنت AIG، شركة التأمين التي أوشكت أن تنهار بسبب سوء الإدارة والتهور في الاستثمارات الخطرة والجشع، أنها ستطرح في الأسواق الأمريكية منتجات تأمين إسلامية لأصحاب المساكن، في محاولة لتخليص الأمريكيين العاديين من تبعات المنتجات التقليدية التي جلبت معها أزمة الرهن العقاري في المقام الأول. إلا أن بعض الجهات اليمينية استشاظت غيظا بعد أن أعلنت AIG أن هذه السلسلة الأولى من المنتجات، التي تمت هندستها في الخليج، ما هي إلا غيض من فيض من منتجات إسلامية أخرى في الطريق.
#3#
العريضة
تتركز حجة العريضة ،التي اطلعت عليها "الاقتصادية"، على أنه منذ اللحظة التي اشترت فيها وزارة الخزانة حصة من مجموعة AIG تبلغ 80 في المائة تقريباً، وذلك حين دفعت مبلغ 150 مليار دولار للمساعدة على تعزيز وضع هذه الشركة المعتلة، فإن المواطن الأمريكي أصبح مالكا لأسهم هذه الشركة. ونظرا لأن عملاق التأمين الأمريكي يرفض مبدأ التخلص من شركات تكافل التابعه له، فإن الشعب الأمريكي من الناحية العملية "أصبح الآن مالكاً لشركات قائمة على الأحكام الشرعية". وبالتالي فإنه "يحق لهم تقديم مطالبهم حول ما يرونه مناسبا لمعالجة هذا الوضع،" وقاموا بتوجيه هذه العريضة إلى الجهات التنفيذية في وزارة الخزانة والبنك الفيدرالي الأمريكي وكذلك أعضاء الكونجرس.
المطالب الأربعة
يطالب الموقعون على هذه العريضة "بالتجميد الفوري لجميع أموال الشعب الأمريكي الذاهبة إلى شركة AIG إلى حين أن تتخلص الشركة من أقسامها التي تتعامل بالتمويل الإسلامي."في إشارة منهم إلى استحواذ وزارة الخزانة على مجموعة التأمين الأمريكية، التي توجد لها عمليات في أكثر من 130 بلداً، وبذلك فقد استحوذت على شركة "تكافل عناية"، وهي شركة تابعة لـ AIG مقرها البحرين، وتقدم عدداً من منتجات التأمين الإسلامية التي تحتضنها دول الخليج وشرقي آسيا.
بينما يرى الموقعون في المطلب الثاني ضرورة "إعطاء الحكومة الفيدرالية الأمريكية شركة AIG إنذاراَ نهائياً بالتخلص من أقسام التمويل الإسلامي وإلا فإنه يتعين على الحكومة الأمريكية التخلص من جميع أسهمها في الشركة". وطالبت العريضة باستقالة هؤلاء المسؤولين الأمريكيين في الحكومة الفيدرالية، الذين اتخذوا قرار إنقاذ الشركة الأمريكية بشراء أسهمها، بمن فيهم هنري بولسون وزير الخزانة الأمريكي وبن برنانكي رئيس مجلس البنك الفيدرالي الأمريكي. ولم ينس الموقعون مطالبة زعماء الكونجرس في مجلسي الشيوخ والنواب بالقيام بإجراء تحقيق على مستوى الولايات المتحدة لجميع أنشطة التمويل الإسلامي والمؤسسات المالية الإسلامية في أمريكا من أجل "وضع حد لقدرتها على نشر وتشجيع هذه الأنشطة".
#4#
رسالة التهديد
إلى ذلك انضم عضوان من الكونجرس إلى الموقعين على هذه العريضة وقاما في الوقت نفسه بكتابة رسالة شديدة اللهجة إلى إدوارد ليدي، رئيس مجلس الإدارة وكبير الإداريين التنفيذيين في AIG. وحظيت هذه الخطوة بمباركة الإعلاميين اليمينيين وعلى رأسهم جيفيري ايم الذي استهل عموده الصحافي بشكر الله على وجود "سياسيين أمريكيين مثقفين ويفهمون ما الأحكام الشرعية وما التمويل الإسلامي". وتابع "هناك اثنان من هؤلاء السياسيين الشجعان، وهما النائبة سو ميريك (جمهورية عن ولاية نورث كارولينا)، والنائب فرانك وولف (جمهوري عن ولاية فرجينيا)، بادرا بالتحدث إلى إدوارد ليدي وإعطائه درساً (حول التمويل الإسلامي) من الواضح أنه كان في حاجة إليه".
علاقة FBI
"الاقتصادية" بدورها لجأت إلى مصادرها الخاصة داخل شركة AIG وتمكنت من الحصول على نسخة من الرسالة التي بلغت ست صفحات التي وجهها عضوا الكونجرس إلى رئيس عملاق التأمين العالمي من أجل "تثقيفه" حول أدوات الاستثمار الإسلامية. تقول سو ميريك في رسالتها: "نحن على يقين من أن أولئك الذين يطنطنون للتمويل الإسلامي يقولون إنه أخلاقي لأنه لا يتعامل بالربا ولا يشكل أية مخاطرة للمستثمرين، لأنه يحرم المضاربة والدخول في استثمارات ظنية، مثل العقود الآجلة. إن منتجات التمويل الإسلامي تفتقر إلى الشفافية نفسها التي تفتقر إليها المنتجات التي ساعدت على خلق الأزمة المالية، وهي القروض السكنية لضعاف الملاءة. ولكننا نؤكد لكم أن التمويل الإسلامي، على حد زعمها، هو أسوأ بكثير من سوق القروض السكنية لضعاف الملاءة، التي سببت كثيرا من الألم الاقتصادي للشعب الأمريكي". وهنا يتابع الجمهوري فرانك وولف الذي حملت الرسالة توقيعه هو أيضاً: "نأمل أن تتمكنوا من التأكد من الأيدي التي تذهب إليها أموالكم، لأننا لا نريد أن يأتي المحققون من مكتب المباحث الفيدرالي FBI يوماً ما لزيارتكم، والبحث في قيودكم، وإخباركم أن الأموال التي تحصلها AIG وجدت طريقها إلى أيدي الإرهابيين". ويواصل "ربما تقولون عنا، وعن الأشخاص الأمريكيين الآخرين، الذين يحذرونكم من المنتجات الشرعية الجديدة، إننا ننشر الخوف والرعب في النفوس. ولكن كثيراً من الذين حذروا من ويلات القروض السكنية لضعاف الملاءة وانهيار السوق، وُصفوا كذلك بهذه الصفة".
وفي نهاية الرسالة ، تهكم عضوا الكونجرس برئيس شركة AIG وكونه لا يفقه كثيرا في ثقافة التمويل الإسلامي عندما ذكرا أنهما على استعداد تنظيم جلسة خاصة له شخصياً مع خبراء مؤهلين في التمويل الإسلامي من أجل أن يساعدوه على فهم هذا النوع من الاستثمارات.