جامع الشقحاء .. هندسة فريدة توفر الراحة للمصلين وتبتعد عن الزخرفة المذمومة
"من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة ". إيمانا بهذا الحديث يتمنى كل مسلم أن يبني أو يشارك في بناء مسجد لعله أن يفوز بالبشرى, وتجد دائما أن أهل الخير يسارعون إلى بناء المساجد وشموخ المآذن في بلادنا الحبيبة, مما يفتخر به كل مسلم. وعند بناء المسجد ينبغي الاهتمام والرجوع إلى أصحاب الاختصاص والبعد عن الطرق العشوائية والاستفادة من الخبرات المتميزة والاهتمام ببعض التفاصيل الخفية التي تظهر المسجد بشكل جميل. جامع الشيخ علي فهد الشقحاء في شمالي الرياض يعد معلما ومنبرا من منابر الدعوة ويتميز بشكله الجميل الذي يجمع بين راحة المصلي مبتعدا عن الزخرفة المذمومة.
يظهر جليا لكل من يزور المسجد الاهتمام بالهيكل العام للمسجد, حيث لا توجد في المسجد كله سوى أربعة أعمدة, مما يسهل الحركة داخل المسجد, وقد تمت رفع سقف المسجد سبعة أمتار والوسط تسعة أمتار, ويتميز المسجد بالفتحات العلوية في وسطه, وذلك للاستفادة من الإضاءة الطبيعية, وهذا يؤدي إلى توفير الكهرباء, ومن ثم يوفر التكييف, لأن الإنارة من مصادر الحرارة داخل المسجد, ومما يلفت النظر في المسجد الشبابيك الكبيرة, وذلك لغرض إدخال الإنارة الطبيعية مع استخدام الزجاج العازل دبل جلاس.
أما التكييف فيقوم على تمديد التكييف المركزي ووزع التكييف على عشرة مربعات حيث يتوزع التكييف في جميع نواحي المسجد بشكل متساو ووضعت الترموستات في كل مربع للتحكم بدقه, إضافة إلى أن ارتفاع المسجد يخفف من قوة تركيز الهواء حيث لا يؤذي المصلين بل يكون الجو بارد بشكل عام . الاهتمام بالعوازل الخارجية ما يتميز به الجامع, وذلك على مراحل: الأولى تم بناء الجدار الخارجي من جدارين بينهم ألواح فلين عازله بسماكة سبعة سنتيمترات. والثانية تم الكساء الخارجي بحجر الرياض بتركيب ميكانيكي يبعد عن الجدار خمسة سنتيمترات, إضافة إلى تركيب صوف حراري بين الحجر والجدار, وكذلك عزل السقف بمادة عازلة للحرارة بسماكة 15 سنتيمترا كصبة واحدة. لقد حاول القائمون على الجامع التنسيق وتوزيع الإنارة بشكل علمي واستخدموا النور الأصفر فهو يريح العين بخلاف الأبيض. وبالنسبة للصوتيات فقد وزعت كذلك بشكل علمي, حيث يسمع الصوت في جميع أنحاء المسجد بشكل واحد وهذا بمساعدة أجهزة فحص الصوت في كل مكان وتركيب السماعات وتحريكها حتى يتأكد من التوزيع الصحيح. زينة المسجد الأساسية هي من الخشب فقد استخدم خشب الجوز كساء داخلي للمحراب وللجوانب بارتفاع مناسب وبحفر بسيط بشكل النجوم الإسلامية, وكذلك على الشبابيك. يشار هنا إلى أن تصميم الفرش هو برسمة الخشب نفسها للتناسق الجمالي.
يأتي دور الثريات المعلقة، حيث توجد تسع ثريات, واحدة كبيرة في منتصف المسجد, والباقي موزعة على مربعات المسجد وصممت خصيصا برسمة النجوم نفسها المعمولة في الخشب والفرش.
ويقول باني الجامع الشيخ فهد الشقحاء: نحمد الله أن شرفنا ووفقنا لبناء هذا المسجد وإخراجه بشكل يتناسب ومكانة بيت الله, وأسأل الله أن يتقبل من والدي ـ رحمه الله ـ ويجعله في ميزان حسناته. وأضاف أوصي إخواني المتبرعين بالحرص على الاهتمام بتفاصيل في الغالب تكون تكلفتها قليلة بالنظر إلى ما تعود من فائدة. ويذكر أن تكلفة الصوف الحراري لكامل المسجد لم تتجاوز سبعة آلاف ريال وهذا مبلغ زهيد. وتابع: شاهدنا وشاهد المصلون معنا جودة التكييف في أشد أيام الصيف حرارة وفي الشتاء يكون المسجد دافئا وكأن هناك مكيفا حارا يعمل, علما أن المسجد تكييفه بارد حار ولكن خلال أربع سنوات خلت لم نقم بتشغيل التكييف الحار إلا نادرا لاعتدال الجو في الشتاء داخل المسجد, مع علمي أن أغلب المتبرعين حريصون على نفع المسلمين. أسأل الله لنا وللمسلمين التوفيق لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد.