البداية تنهي شابا
تبتسم الظروف أحيانا لإنسان، وتأتيه الفرص مرة بعد أخرى لكي يستفيد منها، ويغير مساره للأفضل, لكن البعض يرفضها تماما, وهناك من يتمسك بفرصة البداية ويعض عليها بالنواجذ, وهم الفئة الثانية المثابرة والمتعقلة, فيما نجد أن الفئة الأولى التي ترفض فرصة تعديل المسار يعيشون لنزواتهم ولمغامراتهم، وربما كان أحدهم فريسة سهلة لشلة فاسدة، يعيش أفرادها على المسكرات والمخدرات, وربما يكون أحد الذين يقعون في شراكهم لديه دوافع خيرة لتعديل مسار آخرين يعرفهم من بين تلك الشلة, بيد أن خطوته هذه التي جرته إليهم وحيدا كانت بداية النهاية له، خصوصا أن تأثيره في وسطهم لم يكن كبيرا, وكان لفترة مؤقتة حتى يسقطوه بينهم, وهو حينئذ لا يستطيع التنكر لتلك الشلة الفاجرة، بل أصبح طائعا لها أحد صناع فسادها وربما كان قائدا لغيره إليها، والنهاية مؤلمة له, هكذا تكون بداية العد التنازلي لمن يريد أن يعود إلى الوراء دون أن تكون قاعدته صلبة، وغير قادر على التأثير في غيره، بل يتأثر فيقع في فخ قد رسم له من رفاق الأمس، وهو أمر مؤلم، وتتداعى أمامي صورة لأخ عرفته في بداية توبته من المخدرات، وعودته إلى الله، كان يقف شامخا بعزة يدعو إلى ربه، يحرص على ألا يقتصر الخير على نفسه، لكنه كان ضحية حماس غير منضبط، واندفاع غير محمود لدعوة أصدقاء الأمس الذين كان يشاطرهم تعاسة المخدرات، هذا السم الزعاف، لكنه في لحظات النشوة والرغبة لدعوة أصدقائه السابقين، عاد تدريجيا لدعوتهم، وكان يذهب إليهم، ولم يمكث غير فترة يسيرة حتى وقع في براثن تلك الرفقة، وعاد أكثر شهوة لذلك الداء الخبيث، تمكن منه أصدقاء السوء، فلم يسلم من السقوط في ذلك الداء الخبيث، كانت وقعته مؤلمة، خسر فيها كل شيء، خسر عائلته وأطفاله، وأصبح ألعوبة في يد أصدقائه،اختفت أخباره ولم يعد يعرف منها إلا القليل، هناك بصيص أمل لمعالجته مما هو واقع فيه من خلال المراكز المتخصصة في هذا الشأن، وما حدث له هو عبرة لغيره ممن قد يسير في طريق خاطئ، ثم يعدل مسيرته وتحديدا في تعاطي المخدرات وما أدراك ما المخدرات، هذا الحساء القاتل والمهلك تدريجيا، فالعودة الصادقة مطلب، والمطلب المكمل لها عدم الاندفاع وعدم الانجراف نحو شلة الأمس بدعوى محاولة إصلاحها، حتى لا يقع في الفخ وقليل هم الذين تجاوزوا هذه المرحلة التي تحتاج إلى كثير من القدرة على الثبات، وتحتاج إلى الصحبة الصالحة والمسيرة الناجحة بعد تجاوز الخطر، وقبل هذا وذاك الاعتصام بالله ودعوته آناء الليل وأطراف النهار، فهو القادر على كل شيء، ولا يركن الإنسان إلى نفسه، فهو مهما فعل يبقى ضعيفاً وقوته تكون في إيمانه وتمسكه بأهداب دينه وبلقيا الصحبة الطيبة المعيـــنة على الخير لا الصـــحبة السلبية التي لا يستفيد منها شيئا في دينه، فحري بكل لبيب أن يفهم ويعي ويسلك الطريق ومن سار على الدرب وصل، أسأل الله عودة صادقة لأخينا ومعافاة مما وقع فيه هو وغيره من شباب المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه.