رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أمين جدة والحلول الابتكارية لإنجاز دون أعذار

نتهم نحن معاشر الكتاب بأننا دائما ننتقد أداء الأجهزة الحكومية دون أن نثني تصريحا أو تلميحا على نجاحات تلك الأجهزة وإنجازاتها وما تتفق عنه أذهان القائمين على تلك الأجهزة من حلول ابتكارية إبداعية لمواجهة النقص في الإمكانيات المالية من أجل التطوير ومعالجة العقبات، ولاشك أن هذا الكلام يكتنفه الكثير من الصحة لأننا نعتقد أن النقد أكثر أهمية على اعتبار أنه مساهمة في التحليل والتشخيص وطرح الحلول العلاجية بما يمكن المسؤولين في الأجهزة الحكومية من رؤية القضايا والمشكلات بصورة أكثر علمية ووضوحا بعيدا عن المجاملات متعددة الدواعي خصوصا من قبل الشركات الاستشارية التي تراعي خواطر المسؤولين كما يراعيها مرؤسيهم سواء بسواء في كثير من الأحيان.
أمانات المدن تقوم بدور مهم وحيوي في تحقيق الأهداف التنموية الشاملة والمستدامة المستهدفة فهي المسؤولة عن التخطيط والترخيص والإشراف فضلا عن التنفيذ في بعض الأحيان لكل ما يوضع فوق أرض المدينة و تحتها وعلى أبنيتها وفي فضائها من بنى تحتية وعلوية (شبكات مياة وصرف صحي وكهرباء وهاتف وطرق رئيسية وفرعية وأرصفة، تشجير مسطحات خضراء... إلخ) وأبنية (مبان سكنية وتجارية وصناعية وترفيهية، مراكز خدمات،.. إلخ)، ولاشك أن كل ذلك مرتبط بحياة الإنسان اليومية حيث تؤثر جودة تلك البنى التحية والأبنية في مستوى معيشته وصحته وسهولة تنقله، وهو ما جعل بعض المدن تلجأ إلى إنشاء هيئات تطويرية كمراكز تخطيطية وإشرافية لتهيئة المدن للتطورات العمرانية والاقتصادية والثقافية والبيئية المتزايدة بما يحدث تغييرات إيجابية في مستوى معيشة الإنسان ووسيلة التنمية وغايتها.
إذن أمانات المدن تضطلع بدور مهم وحيوي ومرتبط بحياة كل فرد وبكل نشاط اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي، وهو ما يجعلها تحتاج إلى جهود كبيرة وأموال طائلة وأوقات طويلة لتحقيق الأهداف التنموية في هذه المجالات إلا إذا خرج القائمون عليها عن المألوف وبحثوا عن حلول ابتكارية توفر الجهد والمال وتقلص الوقت من أجل تنمية سريعة ومستدامة.
تجربة أمانة محافظة جدة المتفردة بقيادة المهندس عادل فقيه القادم من القطاع الخاص والتي سرتني أيما سرور من التجارب الحكومية التي تستحق الثناء والمطالبة بالتعميم، حيث خرج المهندس عادل فقيه أمين محافظة جدة من عقلية تسيير الأمور، ومن عقلية الجود من الموجود، ومن العقلية الاعتذارية التي لن تعدم الأعذار من ندرة الكفاءات وتسيب الموارد البشرية والمحسوبيات والبيروقراطية وضعف مخصصات وزارة المالية، خرج من كل ذلك وغيره إلى عقلية التطوير والإنجاز دون أعذار بحلول ابتكارية تقوم على تفعيل العلاقات التشاركية مع شركاء على أتم الاستعداد للتكامل في تحقيق أهدافهم الخاصة بما يحقق الأهداف التنموية المستدامة التي تسعى الأمانة لتحقيقها.
المهندس عادل فقيه ابتكر ذراعا خاصة في يده كجهاز حكومي، ذراعا خاصة يتمتع بمميزات القطاع الخاص من حيث الفعالية والإنتاجية والمرونة والسرعة في صناعة واتخاذ القرار ليحقق أهداف الأمانة دون التأثر بإيرادات الموازنة الحكومية بل على العكس من ذلك حيث تقوم هذه الذراع بتغذية إيرادات الأمانة لإنجاز المشاريع غير الجاذبة للقطاع الخاص (مشاريع غير ذات مقومات اقتصادية).
هذه الذراع والتي أطلق عليها اسم "شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني" وهي شركة مملوكة بالكامل من قبل أمانة محافظة جدة تعمل على تحقيق رؤية الأمانة في تعزيز مكانة جدة الفريدة كبوابة للحرمين الشريفين لتصبح بحق مركزاً حضارياً للثقافة الإسلامية، ومقصداُ تجارياً وسياحياً متميزاً بيئياً وإنسانيا بتحديد وهيكلة ودعم أعمال تنفيذ مشاريع تطوير وتنمية عمرانية مستدامة في مدينة جدة، من خلال الشراكة مع القطاع الخاص.
ومن أهم أغراض هذه الشركة (الذراع) تطوير الآليات والسبل اللازمة لتشجيع القطاع الخاص على إنشاء مشاريع التنمية والتطوير العمراني في المناطق التي تملكها الشركة وغيرها من المناطق وتنفيذ مخططاتها العمرانية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والترفيهية ومشاريع النقل العام وجميع الخدمات المساندة لها وتطويرها.
ولاشك أن معالجة العشوائيات التي تتجاوز 53 عشوائية في جدة (تحتاج إلى نحو 160 ملياراً لمعالجتها) والتي انطلقت بمشروع تطوير عشوائية قصر خزام من خلال شراكة بين شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني وشركة عقارية تطويرية خاصة، والتي حققت عوائد مالية للأمانة من ناحية ووفرت المليارات اللازمة لتطوير تلك العشوائية تعد إنجازا كبيرا وفر الجهد والمال وكلنا ثقة بأنها ستقلص الوقت أيضا خصوصا أن بوادر ذلك لاحت في الأفق بعد تدشين خادم الحرمين الشريفين المشروع في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) 2008م.
ختاما أقول: إن الوقت قد حان لأن يخرج القائمون على الأجهزة الحكومية من التفكير التقليدي إلى فضاء الحلول الابتكارية من أجل تحقيق الأهداف التنموية المستدامة بأقل التكاليف والجهود وأقصر الأوقات مسترشدين بما قام به أمين محافظة جدة الذي وجد كل الدعم من قيادتنا الحكيمة في تطبيق أفكاره كنموذج يمكن أن يحتذى، خصوصا ونحن نعيش تداعيات أزمة مالية طاحنة خفضت إيراداتنا النفطية مما يجعلنا بحاجة إلى رفع كفاءتنا الاقتصادية بالتفكير الذكي قبل العمل الشاق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي