هذا هو العدو الصهيوني
على وقع ما تتعرض له غزة وسكانها المحاصرون المجوعون والمقهورون من الصمت العربي والدولي من عدوان عنصري همجي ومتوحش, يجب ألا نتوقف عند البحث عن المتسبب فيه, فمن التسطيح والتبسيط المخل إلقاء اللوم وتحميل المسؤولية لأي طرف فلسطيني بما في ذلك حركة حماس المتهمة من قبل البعض بما يسمونه بكل أسف استفزاز العدو, فمع أوجه الاختلاف أو الاتفاق مع حماس أو فتح, فإن هذا العدوان لا يحدث لأن العدو استفز بقدر ما أنه يطبق استراتيجيته القديمة الجديدة القائمة على الإرهاب المستمر للشعب الفلسطيني وتدمير أي من قواه الناشئة, التي يستشعر منها أنها تمثل تهديدا وخطرا على مشروعه الصهيوني الاستيطاني. وهذا العدوان بكل وحشيته ليس استثناء, فهذا هو العدو كما عرفناه منذ إنشائه ظلما وإكراها على أرض فلسطين العربية الإسلامية, عدو يمارس العنصرية على خلفية خرافات وأساطير مكذوبة صورته على أنه شعب الله المختار, من دون سائر عباده الآخرين, وأن الرب أعطاه حق قتل "الأغيار" وسحلهم وإرهابهم كما يحدث في كل فلسطين على يد ساديي عصابات جيشه العنصري على مدى 60 عاما بدءا من عصابات الهاجانا والأريجون وانتهاء بأحفادهم الحاليين من أمثال باراك وغيره من إرهابيي العدو اليوم.
هذا العدوان الجديد لم يتغير أسلوبه ولم تتغير طرقه عما سبقه من عدوان, الوحشية والعنصرية والإجرامية نفسها, وأيضا الحجج الواهية نفسها المبررة لعدوانه وعدوانيته التي ما زالت تهذي بها كوندوليزا رايس حتى وهي في طريقها مع عصابتها من المحافظين الجدد لمزابل التاريخ بأنه حق الدفاع عن النفس!
من يرد التحجج والتبرير لهذا العدوان فعليه فقط أن يعود القهقرى فقط لأوائل هذا العقد حتى اليوم ويحصي سلسلة العمليات العدوانية المستمرة بدءا من مجزرة مخيم جنين 2003 المدانة دوليا بأنها جريمة حرب وما تبعها من اختراقات واعتقالات يومية للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة حتى في ظل سلطة الرئيس محمود عباس الموصوف إسرائيليا وأمريكيا بأنه معتدل وشريك في عملية سلام يسمع عنها ولا ترى بوادرها, ولنسأل فقط ما الذي قدموه للرئيس عباس حتى اليوم بعد اغتيالهم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وإزاحته بتهمة أنه عقبة في طريق السلام؟ بكل أسف لم يقدموا إلا الوعود المكذوبة والهلامية والمشاريع الورقية والمؤتمرات واللقاءات الفارغة من أي مضمون, ويختمون ذلك كله بعدوان شرس ليقوضوا كل إمكانية نشوء قوة فلسطينية معنوية ومادية.
ما يمكن أن نخرج به من هذا العدوان الجاري في غزة بكل وحشيته والذي يكشف عنصرية هذا العدو, هو وضع علامات استفهام حمراء وسوداء حول السلام مع كيان كهذا الكيان, فمن ذا الذي سيسمح له ضميره الفلسطيني والعربي والإسلامي أن يضع يده في يد قتلة مجرمين ليوقع معهم على اتفاقية سلام؟ وأي سلام هذا الذي يمكن أن يقوم بين قاتل محترف مدعوم بخرافة الاختيار من الله وصك منه بتميزه وعلو عرقه عن غيره, وبين ضحية لا حول لها ولا قوة؟ القضية ليست سلاما وإرهابا, ولا هي استفزاز ودفاع عن النفس, القضية أن المشروع الصهيوني المدعوم بعقيدة إنجيليين من مسيحيين متصهينين غربيين لا يمكن أن يتعايش مع دولة فلسطينية حتى ولو كانت محدودة, ولا قيمة لهذا المشروع دون القدس عاصمة يهودية بوهم إعادة بناء الهيكل المزعوم تمهيدا لعودة السيد المسيح ـ عليه السلام ـ كما أوهموا بعض الطوائف المسيحية في الغرب وضحكوا عليهم بوعود توراتية محرفة ومزيفة.
نعم هذا هو العدو الذي يراد لنا أن نوقع معه سلاما وهو من يرفض السلام, فالعرب قدموا وبإجماعهم مشروعا متكاملا تهرب منه العدو وما زال, فالعدو لا يريد سلاما, بل يحلم باستسلام لن يحصل عليه حتى ولو أروته أنهر من دماء الشهداء.