الشركات البتروكيماوية الخليجية قادرة على مواجهة الأزمة العالمية
أكد اقتصاديون سعوديون أن شركات البتروكيماويات الخليجية ستكون أكثر أكثر صمودا في وجه الأزمة المالية العالمية التي تمر بها صناعة البتروكيماويات في العالم، حيث تمتلك هذه الشركات مميزات تعطيها قوة أكبر في مواجهة الأزمة، ومنها تربع منطقة الخليج على قاعدة كبيرة من المواد الأولية، ووجود المصانع الحديثة والموقع الجغرافي للخليج الذي يربط الشرق بالغرب.
وأكد الاقتصاديون خلال ندوة الأزمة المالية العالمية .. واقعها ومستقبلها وتداعياتها على الجهاز المصرفي وسوق الأسهم والعقارات في المملكة، التي نظمها الفرع النسائي للغرفة التجارية الصناعية بالتعاون مع مكتب رفاة للاستشارات الاقتصادية، أن الاقتصاد السعودي جزء من المنظومة الدولية، ومن أكبر الاقتصاديات المنتجة والمصدرة للنفط، ويعتمد اقتصاده اعتمادا أساسيا على الإيرادات البترولية.
وتحدثت في البداية الدكتورة نورة بنت عبد الرحمن اليوسف أستاذ الاقتصاد المشارك في كلية إدارة الأعمال جامعة الملك سعود، حيث ذكرت أن السعودية تخطط لإقامة مشاريع جبارة للإثيلين في منطقتي الجبيل وينبع الثانية بأكثر من 100 مليار ريال وذلك من ضمن 54 مشروعاً صناعياً مرتقباً قدرت إجمالي استثماراتها أكثر من 350 مليار ريال بطاقة إنتاجية تبلغ نحو 116 مليون طن من البتروكيماويات المختلفة، ومن المقرر تدشين باكورة إنتاج عدد منها منتصف 2009 والأخرى على مدى الأعوام التالية حتى عام 2015.
#5#
وبيّنت اليوسف أن التأثيرات في قطاع البتروكيماويات السعودي ستتركز في حدوث تراجع في الربحية والعوائد المالية بشكل عام، وربما يقتصر لدى بعض الشركات في تراجع معدلات نموها. وقالت اليوسف "إن التوسع في الاستثمارات في الدول الخليجية سيضيف ملايين الأطنان من المنتجات البلاستيكية والكيميائية في الأسواق في غضون السنوات القليلة المقبلة، لافتة إلى أن التأثيرات في شركات البتروكيماويات في الخارج قد تكبدها خسائر وبالتالي قد يضطر بعضها إلى تقليص نشاطه وإغلاق عدد من مصانعه".
#3#
وأضافت أنه مازالت التوقعات باحتمال التدهور الاقتصادي العالمي لفترة زمنية طويلة تهيمن على السوق، ما يفرض ضغوطا نزولية على أسعار النفط. وأبانت أن القرارات التي تتخذها الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" من المتوقع أن تلقي بظلالها على أسعار النفط في بداية العام المقبل متوقعة أن يصل سعر البرميل في بداية العام الجديد إلى 50 دولارا ويرتفع إلى 54 دولارا في نهاية العام.
من جانبها أوضحت الدكتورة نجوى سمك أستاذ اقتصاديات التمويل في جامعة الملك سعود في الرياض، أنه خلال العام المقبل من المتوقع أن تستقر أسعار السلع حتى وإن ثبتت عند مستويات غير مسبوقة في العشرين عاما الماضية.
وأضافت "سيبدأ في عام 2009 تراجع آثار معدلات التبادل التجاري غير المواتية التي ترتب على ارتفاع أسعار النفط في عام 2008 بنسبة تجاوزت 50 في المائة ما يعطي دفعة للاستهلاك في البلدان المستوردة للنفط، مبينة أنه ينتظر أن تصل تطورات نظام العقارات في السعودية إلى القاع - على حد قولها - في العام المقبل، رافعة بذلك العبء الذي فرضته على النمو منذ عام 2006 وهو ما يؤدي إلى الحد من خسائر القطاع المالي المرتبط بالرهن العقاري.
#2#
وبينت أن من تداعيات الأزمة المالية العالمية على السعودية هبوط سعر البرميل من 147 دولارًا في تموز (يوليو) 2008 إلى مستوى أقل من 40 دولارًا، ومن المتوقع انخفاض معدلات الطلب على النفط، وسيستمر الانخفاض خلال النصف الأول من العام المقبل، مشيرة إلى أنه سيؤثر هذا الانخفاض بشكلٍ مباشر في صادرات السعودية البترولية وغير البترولية، ومن المتوقع انخفاض الصادرات السعودية خلال الفترة المقبلة، وخاصةً الصادرات غير البترولية التي ستتأثر بشكل مباشر بالركود العالمي الناشئ من الأزمة، وسيؤثر أيضا بالسلب في ميزانية الدولة والإيرادات البترولية.
وقالت أستاذ اقتصاديات التمويل إن معدلات التضخم في المملكة شهدت ارتفاعا حادة خلال عام 2008 نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية، وارتفاع أسعار البترول، إلا أن الإجراءات المتخذة من قبل مؤسسة النقد العربي، وبصفة خاصة رفع سعر الفائدة سوف تؤدى إلى الكبح التدريجي له.
وأضافت أن مؤسسة النقد عمدت منذ بداية عام 2008 إلى تخفيض سعر الفائدة، نتيجة للأحداث الدولية وقيام البنك الفيدرالي بتخفيض الفائدة أكثر من مرة في بداية 2008، وذلك نظرا لربط الريال بالدولار، ولكن نظرا لارتفاع التضخم بشكل قياسي اضطر المركزي السعودي إلى رفع سعر الفائدة ابتداء من أيار (مايو)، وهو ما أدى إلى السيطرة على التضخم.
وتابعت أن البنك المركزي رفع نسبة الاحتياطي كوسيلة للحد من التضخم الجامح إلا أن موقف السيولة لدى البنوك تأثر بالانخفاض في الربع الثالث من عام 2008 نتيجة الأزمة، ما دعى البنك المركزي إلى تخفيض نسبة الاحتياطي القانوني لدى البنوك إلى 10 في المائة، ما يتيح لهم قدرا أكبر من السيولة، ومنح الائتمان وهو ما يحد من أي آثار انكماشية في الاقتصاد، وإن كان قد يكون لها أثر معاكس في معدلات التضخم.
وعرّفت سمك الأزمة المالية بسلسلة من التقلبات في أسواق المال والتمويل، تكون مصحوبة بمشاكل واضحة في السيولة والعسر المالي بين المشاركين في السوق المالية تنتهي عادة بتدخل الحكومة لاحتوائها.
واعتبرت أن الأزمات المالية بالمعنى السابق ليست شيئا حديثا، فهي موجودة في ظل الأنظمة النقدية المختلفة خلال القرن الماضي. وتراوحت الأزمات من حيث طولها ما بين سنتين إلى ثلاث سنوات، وكلفت نحو 5 إلى 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأبانت أن الاختلاف الخاص بفترة التسعينيات وما بعدها هو زيادة تكرار حدوث الأزمات المالية سواء الأزمات المصرفية أو أزمات العملة أو الأزمات المزدوجة، مشيرة إلى أن سلسلة الأزمات أصبحت متلاحقة في أقل من عشر سنوات وهو ما يؤدي إلى إرباك البيئة الاقتصادية والمالية العالمية.
وبينت أن الأسباب الكامنة وراء الأزمة المالية العالمية هي أزمة النظام الرأسمالي و سوء السياسات الاقتصادية الأمريكية حيث إن هشاشة الأوضاع الاقتصادية على المستوى الكلى وفشل السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة الأمريكية، كانت البداية.
من جانبه اعتبر صالح الحناكي من شركة فالكوم للخدمات المالية أن المستثمر في القطاع البنكي يجب أن ينظر إلى أبعد من عام 2009 في ضوء انخفاض النمو في القطاع البنكي. وأكد الحناكي أن من حسنات الركود العالمي انخفاض تكلفة المعيشة مثل المواد الغذائية وتكلفة البناء والإنشاءات لانخفاض أسعار الحديد، النحاس، الأسمنت، العمالة مشيرا إلى أن التضخم يتراجع ولا يعد تهديدا وشيكا.
#4#
وفيما يتعلق بالقطاع العقاري أكد الدكتور بدر السعيدان أن إسهام القطاع في الناتج المحلي سيزداد من 6.8 في المائة عام 2008 إلى 7.25 في المائة عام 2009، منوها إلى أن نمو السكان في المملكة سيصل إلى 56.6 في المائة خلال المدة بين عام 2000 إلى 2020 بمعدل 3 في المائة سنويا وهي النسبة الأعلى عالميا، مؤكدا في الوقت ذاته على أن السعودية بحاجة إلى 2.62 مليون وحدة سكنية واستثمارات بقدر 1.20 تريليون ريال بحلول عام 2020 ما يقلل من تداعيات الأزمة المالية على السوق العقارية، مطالبا بضرورة تأسيس هيئة مختصة بشؤون العقار تعنى بمنح التراخيص لشركات التمويل العقاري ووسطاء التمويل والوكلاء وشركات التأمين وجهات التورق والاستفادة من تجارب الدول العربية المجاورة.
وقال الدكتور محمد السهلي إن استجابة السوق السعودية للأزمة المالية بدأت من بدية عام 2008 واستقرت السوق نسبيا في آب (أغسطس) 2008 ثم انهارت السوق اعتبارا من أول أيلول (سبتمبر) 2008.
وقال السهلي من المتوقع أن تخفض بشكل حاد ربحية الشركات بصفة عامة خلال عام 2008 وستتفاوت نسب الانخفاض في أرباح الشركات حسب القطاعات، مبينا أن القطاعات التي ترتبط بالدورات الاقتصادية مثل البنوك والتأمين والشركات العقارية ستنخفض بنسبة أكبر من غيرها من القطاعات. أما القطاعات الدفاعية، التي لا يتأثر الطلب عليها كثيرا مثل الأغذية والأدوية، ستنخفض أرباحها بنسب أقل من غيرها.
#6#
وقال إن الصناعات النامية مثل البتروكيماويات ستنخفض ربحيتها بشكل حاد تبعا لانخفاض أسعار النفط وانخفاض الطلب العالمي عليه، مشيرا إلى أن شركات إنتاج السيارات والنقل ستتأثر بشكل حاد نتيجة انخفاض مستويات المعيشة وانخفاض السيولة المتاحة.
وأضاف السهلي أن انخفاض ربحية الشركات سيؤثر بشكل حاد في التدفقات النقدية المتوقعة إذا استمر الطلب العالمي في هذا الانخفاض.