مستويات "البونص" في ديسمبر بين الانخفاض والتراجع

يعد كانون الأول (ديسمبر) من أهم شهور السنة للشركات لكون نهاية العام غنية بالعديد من الأخبار والمعلومات الاقتصادية والمالية المتعلقة بالاقتصاد الكلي، وأداء الشركات والتغيرات التي طرأت على الحصص السوقية ومختلف القطاعات بشكل عام. فعلى صعيد الاقتصاد الكلي، فالميزانية السنوية للقطاع العام تم الإعلان عن أدائها للعام الماضي كما تم الإعلان عن الميزانية التقديرية ببنودها وتوزيعاتها للعام المقبل في الوقت نفسه الذي يتم فيه الإعلان عن مجمل الأداء الاقتصادي لمختلف القطاعات والنشاطات الاقتصادية. بالنسبة للشركات ومنشآت الأعمال عموماً فيعد الشهر الأخير هو شهر جرد الحسابات ومراجعة الأداء الكلي خلال العام بما في ذلك تغيرات الحصة السوقية ومدى القدرة على تنفيذ الاستراتيجيات. أما بالنسبة إلى منسوبي القطاع الخاص، فيتم انتظار كانون الأول (ديسمبر) بفارغ الصبر لعلاقة نهاية العام وبداية العام الجديد بالزيادة السنوية ومكافآت الأداء (البونص) Bonus.
فمن أهم الفروق بين القطاعين العام والخاص تميز القطاع الخاص بتوفير مكافأة نهاية العام المرتبطة بمستوى الأداء خلال العام بهدف ربط معدل الإنتاجية الحدية بإجمالي دخل الموظف. فدخل الموظف في القطاع العام ثابت والزيادة السنوية محددة سلفاًَ لجميع الموظفين ولا يحصل الموظف على مكافأة أداء حتى لو تفاوت معدل الإنتاجية بينه وبين موظف آخر، فنظام الأجور والمكافآت لا يستهدف التحفيز ورفع الإنتاجية بل يفترض تساوي إنتاجية جميع الموظفين وثباتها. أما القطاع الخاص فيميز بين مستويات إنتاجية الموظفين من خلال تفاوت الأجور واختلاف مكافآت الأداء.
وتستخدم بيانات مكافآت الأداء في أمريكا والدول الغربية لإعطاء مؤشرات اقتصادية تتعلق بحجم الإنفاق الرأسمالي على السلع الاستهلاكية والسلع الاستهلاكية غير التقليدية والتي تحتاج إلى تخطيط مسبق كالإنشاءات والصيانة، شراء السيارات، وغيرها. لذلك غالباً ما نجد ارتباطاً بين مكافآت الأداء وتوقعات المحللين لمستويات الإنفاق على سلع معينة، حيث إن ارتفاع مكافآت الأداء مثلاً قد يؤدي إلى توقع إجمالي مبيعات السيارات في الربع الأول من العام التالي.
وعلى الرغم من دور مكافآت الأداء في توفير المعلومات والمؤشرات المتعلقة بسوق العمل وأسواق السلع في أمريكا وبعض الدول الغربية، إلا أن دور وأهمية حجم هذه المكافآت ضعيف في الدول العربية وذلك لعدة أسباب. السبب الأول لاختلاف الدور يكمن في ارتفاع حجم مشاركة القطاع الخاص في الدول الغربية مقارنة بالدول العربية التي يسيطر على اقتصاداتها القطاع العام بشكل كبير وبما يؤدي إلى انتقال بعض مفاهيم العمل من القطاع العام إلى القطاع الخاص. أما السبب الرئيس من وجهة نظري فيكمن في ضعف مستويات الشفافية والإفصاح عموماً، فحتى الشركات المدرجة في السوق المالية تغيب عن قوائمها المالية ومنشوراتها تفاصيل مكافآت الأداء وأسسها.
وختاماً، من الواضح أن مستويات (البونص) في القطاع الخاص السعودي ستكون الأقل في هذا العام مقارنة بالأعوام الخمسة الماضية بسبب الأزمة العالمية ومحاولة الشركات تقليل التكاليف بأي طريقة. فعلى الرغم من الأداء الجيد للشركات عموماً في العام الماضي إلا أن توقعات تراجع الأداء في العام المقبل 2009 تهيمن على قرارات الشركات لتحكم على مستويات (البونص) بناء على التوقعات المستقبلية للعام المقبل وليس بالاعتماد على أداء العام الماضي. هذا التحسب للأسوأ قد يكون فيه بعض الإجحاف بحق الموظفين لأن توقعات الأداء المستقبلي الجيد للشركات لا تنعكس بزيادة (بونص) الموظفين قبل بداية العام!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي