رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


عزيزتي دبي .. كيف الحال؟

أنا أحد المعجبين بالنهضة الكبرى التي تعيشها وعاشتها دبي في السنوات الماضية, وانطلاق هذه المدينة الفاضلة إلى آفاق النمو والتنمية والارتقاء بالخدمات الأرضية والجوية إلى أرقى المستويات, وفتح الأبواب على أشدها للحاضر والباد, واستقطاب كثير من رجال الأعمال من الغرب والشرق والهند لشراء الأملاك والإقامة, وأصبحت مزاراً سياحياً يفد إليها عشرات الأشخاص من كل حدب وصوب، وصاحب ذلك النمو ارتفاع في الأسعار في الإقامة والسياحة والتنزه وتناول الطعام في مطاعم الدرجات الخمس لمستوى قارب أو جاوز أسعار لندن وباريس وتفوق نيويورك بمراحل. والحقيقة أن هذه القدرات البيعية الهائلة التي ولدت وتولدت في هذا المنتجع الإنساني الكبير أفضل خطوط طيران عالمية وبأسطول تجاوز 100 طائرة وبرحلات دولية مباشرة إلى أستراليا وأمريكا (نيويورك ـ هيوستن ـ لوس أنجلوس) ورحلات ترددية إلى لندن ومانشستر فاق كل ما قدمته شركات الطيران الأخرى، حتى أن رئيس وزراء أستراليا أثناء ترحيبه بزيارة رجال الأعمال من الإمارات أشار إلى أن خطوط الإمارات هي الخطوط الرئيسة الآن لدولة أستراليا, حيث تقوم بعدد كبير من الرحلات إلى مختلف مناطق أستراليا بأكثر مما تقوم به الخطوط الأسترالية "كونتاس". ويبدو أن عزيزتنا دبي بعد هذه الانطلاقة الصاروخية تعاني الآن مثل غيرها آثار الأزمة المالية العالمية, ومع ذلك فإن هذه الأزمة لم تمنع المباهاة والمبالغة في حفل افتتاح فندق أطلانتس, حيث تجاوزت مصروفات الافتتاح 20 مليون دولار, وكان ما صرف على الألعاب النارية يتجاوز بكثير ما تصرفه "دزني لاند" أو بلدية كان في الريفيرا الفرنسية على ألعابها النارية العملاقة, وأشار أحد الخبراء إلى أن مصروفات الألعاب النارية ربما تجاوزت ما صرف أثناء افتتاح الدورة الأولمبية في الصين ـ ويقع فندق أطلانتس في جزيرة النخيل أحد الإنجازات المبهرة في دبي, التي لم تنج هي الأخرى من تدهور أسعار العقارات التي ضربت كثيراً من الأسواق العالمية وليست دبي عنها ببعيد، فقد بيع بعض الفيلات الفاخرة في جزيرة النخلة بمبالغ تجاوزت 20 مليون درهم, وبيعت هذه الفلل لنجوم عالميين مثل لاعب الكرة ديفيد بيكهام وقائد السيارات السباقية مايكل شومخر. وتقول إحدى الوكالات العقارية وكذلك الخبير المالي العقاري الاستثماري بشار المديهيم, الذي يدير شركة أراد للاستثمار في الإمارات, إن أسعار هذه الفلل تراوح بين عشرة و12 مليون درهم, أي بانخفاض مقداره 50 في المائة, وكانت أسعارها في أيلول (سبتمبر) الماضي نحو 15 مليون درهم، واشترى ربع هذه الفيلات أثرياء من بريطانيا. وتؤكد جريدة "الفاينانشيال تايمز" أن معدل النمو في العقارات سينخفض والأسعار نفسها ستنخفض فلا يمكن أن يحافظا على ارتفاعهما في ظل ظروف السوق الحالية، وتحاول الإمارات بجد تفادي ما حدث في أسواق العقارات الآسيوية في عقد التسعينيات عندما فقدت العقارات بين 50 و80 في المائة من قيمتها. لقد بدأت دبي تمد يدها إلى العاصمة أبو ظبي للمساهمة والمساعدة على تحريك عجلة النمو الاقتصادي لأن مهرجان المباني الفاخرة وناطحات السحاب وأطول الأبراج العالمية ستعيش بعض التراجع في الأسعار وفي رغبات الشراء وفي عدد الزائرين الذين كانت تغريهم هذه الجزيرة الفاخرة وهذه الفنادق الفريدة وعدد محال التسوق المركزية التي تفوق مثيلاتها في أي مدينة عالمية. إن السعوديين, وهم أكثر المستثمرين شراء وبناء في دبي, وأن أي تأثير في هذه الاستثمارات وانخفاض في الأسعار أو تغير في توجهات السوق سيعود بالضرر الكبير على هؤلاء المستثمرين, وقد ينعكس على أوضاعهم المالية داخل المملكة، وإنني واثق بأن العزيزة دبي ستتجاوز هذه المحنة بنجاح وأن (دينمومية) الشيخ محمد بن راشد وحماسه ورعايته الخاصة لكل نشاطات دبي وامتلاك الإمارة كأكبر مستثمر في سوق العقار, هي علامات ثقة كبيرة تمهد الطريق إلى استقرار الأسعار وكذلك مساعدة البنوك والمؤسسات المالية وسوق الأسهم على تجاوز الأزمة، على أن السائح مثلي يأمل أن يرى مستقبلاً أسعارا أكثر واقعية في الأسواق والفنادق والمطاعم, وهو ما يهم السياح بالدرجة الأولى, أما الملاك فأعانهم الله على تحمل الوضع الذي آمل ألا يكون طويلاً, وقد أسعدتني أخيراً أخبار سداد مركز دبي المالي العالمي الذراع الاستثمارية للحكومة 500 مليون دولار قروضا تستحق الدفع، كما أن التقييم المالي من وكالة ستاندردبور لم يتأثر حتى الآن بالأوضاع المالية السائدة, وكذلك تصنيف وكالة مورديز ـ وأعلنت كذلك إحدى الشركات التابعة لمجموعة دبي القابضة تسديد قرض بقيمة مليار دولار ـ وتأتي هذه الإعلانات رداً لما نشر لأولئك الذين كانوا يزرعون الشكوك في قوة هذه الإمارة في الوفاء بديونها التي تتجاوز ناتجها القومي في مواعيدها المحددة, وكان هذا السداد أبلغ رد على هؤلاء المروجين. ومن المتوقع أن تنال المؤسسات المالية والشركات العقارية الكبرى نصيبها من تخفيض التصنيف سواء بواسطة ستاندرد وبور ومورديز ووكالات التصنيف الأخرى، مع أنني أتمنى ألا تضغط دبي على خزائنها المالية لتسديد ديون الشركات السيادية التي تملكها الدولة, لأن لدى هذه الشركات حصانة ومتانة مالية لجدولة ديونها وتخفيض معدل الفوائد عليها, ولقد تجاوزت الديون في دبي الناتج القومي وبلغت نحو 75 مليار دولار، كما أنني على ثقة بأن صناديق أبو ظبي الاستثمارية ستقتنص هذه الفرصة لمد يد العون والمساعدة والمساندة لإمارة دبي, إضافة إلى أن هذه فرصة استثمارية مميزة, خاصة في البنوك وخطوط الطيران والخدمات والمرافق الأخرى. أما العقار فأعتقد نه أنه أنه سيخضع مثل غيره للدورة الاقتصادية المؤثرة لسنوات, أرجو ألا تكون طويلة. دبي مثل ممتاز للتنمية والديناميكية والقفز فوق المستحيلات, فلعلها تقوم من هذه العثرة وتعود إلى قوة عهدها ومجدها. والله الموفق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي