دراسة تدعو للإسراع بإطلاق العملة الموحدة وتقترح تسميتها "خليجي" وربطها بسلة عملات
قبل أيام من انعقاد القمة الخليجية في مسقط والتي تبحث في الوحدة النقدية الخليجية دعت ورقة اقتصادية خليجية كشف عن تفاصيلها أمس مركز دبي المالي إلى الإسراع بإطلاق العملة الخليجية في موعدها المحدد 2010، معتبرا أن الوقت الحالي مناسب أمام دول الخليج لإطلاق عملتها الموحدة التي اقترحت الورقة تسميتها "خليجي" لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية.
واقترحت الدارسة التي أعدها الدكتور ناصر السعيدي رئيس الشؤون الاقتصادية في سلطة مركز دبي المالي العالمي ربط العملة الخليجية الموحدة "خليجي" بسلةٍ من العملات تضم الدولار الأمريكي الذي أعطي له الوزن الأكبر في السلة بنسبة 45 في المائة واليورو 30 في المائة والين الياباني 20 في المائة والجنيه الاسترليني 5 في المائة.
كما اقترحت الورقة الاقتصادية الثالثة لمركز دبي المالي والتي تحمل عنوان "نظام سعر الصرف في الاتحاد النقدي الخليجي" بعد ورقتين سابقتين عن المصرف المركزي الخليجي ومعايير التقارب النقدي، الإبقاء حالياً على ربط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي إلى حين اعتماد العملة الخليجية الموحدة مع انطلاق الاتحاد النقدي الخليجي في الأول من كانون الثاني (يناير) 2010.
وتتوقع الدارسة أن تصبح العملة الخليجية الموحدة إحدى العملات العالمية المتداولة جنبا إلى جنب مع الدولار واليورو والين وأن يتم استخدامها كأصول احتياطيات عالمية من قبل المصارف المركزية والمستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن من التضخم وتقلبات أسعار النفط وفي تسعير النفط ومنتجات الطاقة والأوراق المالية الصادرة بـ "خليجي" للاستفادة من السيولة المتاحة في الدول الخليجية المصدرة لرأس المال.
وفي رده على سؤال لـ "الاقتصادية" حول عدد من التصريحات الرسمية لوزراء مال ومحافظي بنوك مركزية خليجية تتوقع تأجيل العملة الخليجية الموحدة، عد الدكتور السعيدي أن الوقت الحالي هو الأفضل لتأسيس المصرف المركزي الخليجي وإطلاق العملة الموحدة، مضيفا "لو كان هناك مصرف مركزي خليجي ربما لم نواجه تأثيرات حادة في الاقتصادات الخليجية من تداعيات الأزمة المالية كما نراها حاليا".
وأضاف أنه بإمكان الدول الخليجية الاتفاق على إعلان المصرف المركزي والعملة الموحدة في موعدها 2010 على أن تكون هناك فترة زمنية، لتكن عامين إلى ثلاثة أعوام حتى يتم الاتفاق على اسم العملة وطرحها في الأسواق على غرار ما حدث مع العملة الأوروبية التي لم تطرح كعملة متداولة في الأسواق إلا بعد فترة.
وبحسب ما جاء في الورقة فإن عوامل التجارة والإنتاج والتضخم التي تربط اقتصادات دول الخليج مع شركائها التجاريين والاقتصاديين الرئيسيين يجب أن ترتكز على إدارة سلة من العملات التي تضم الدولار الأمريكي واليورو والين الياباني والجنيه الاسترليني كما أوصت بربط العملة الموحدة بسلة عملات مع نطاق تدخل بحدود 5 في المائة حول سعر التعادل المركزي، والذي يمكن توسيعه مع اكتساب العملة الخليجية "خليجي" المصداقية في الأسواق العالمية واستيعاب عامة الجمهور للسياسة النقدية الخاصة في المصرف المركزي الخليجي واختبارها ضمن آليات العمل اليومية.
وأكدت أن سعر الصرف الثابت تجاه الدولار في ظل العلاقات التجارية السائدة وغيرها من المعايير المتعلقة بالارتباط المتلازم لكل من الناتج والتضخم ليس الحل الأمثل لسلطة نقدية تسعى إلى توسيع صلاحيتها مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع دول مجلس التعاون الخليجي لذلك نقترح اتخاذ سلة عملات وفي اختيار أوزان العملات التي تتشكل منها سلة العملة الخليجية الموحدة تقترح الدراسة ثلاثة معايير هي متوسط حصة التجارة لكل عملة في إجمالي التبادل التجاري خلال السنوات الخمس الماضية ومتوسط حصة العملة في إجمالي الاحتياطيات الرسمي لجميع المصارف المركزية في العالم خلال السنوات الخمس الماضية بحيث يعكس الدور المالي والتجاري للعملات الرئيسية ومتوسط حصة التعاملات لكل عملة كجزء من عمليات التداول الكلية خلال السنوات الخمس الماضية بحيث تعكس دور العملات المختلفة كـ "عملات وسيطة" في التعاملات التجارية.
وجاء في الورقة أن نجاح العملة الموحدة يتوقف على إعادة النظر في سياسة سعر الصرف التي تربط عملات دول المجلس بالدولار الأمريكي كونها قيدت استقلالية السياسة النقدية لهذه الدول، وقلصت حجم الخيارات المتاحة أمام مصارفها المركزية لمواجهة الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في آب (أغسطس) 2007، واحتواء آثارها السلبية التي طالت القطاعات المصرفية والأسواق المالية، ومعالجة عواقبها وتبعاتها الاقتصادية. يضاف إلى ذلك، أن الافتقار إلى سياسة نقدية مستقلة قد أضعف القدرة على مواجهة التضخم المالي الذي شهدته الفترة الواقعة بين عامي 2003 و2008، وأعاق احتواء التذبذب الحاصل في أسعار الصرف.
وقال الدكتور ناصر السعيدي، "ينبغي أن تترافق الخطوة التاريخية المتمثلة في إطلاق الاتحاد النقدي الخليجي بإعادة النظر في سياسة سعر الصرف التي تربط عملات الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بالدولار الأمريكي، إذ إن إدارة سعر الصرف مقابل سلة من العملات بدلاً من عملة وحيدة، ستوفر المرونة الضرورية لوضع سياسات نقدية تستجيب للظروف المحلية وتعزز القدرة على مقاومة الصدمات الخارجية".
وأضاف أن شأن العملة الخليجية الموحدة أن تكون أهم خطوة في بناء هيكلية مالية عالمية جديدة منذ اتفاقية (بريتون وودز). وسيكون تأسيس المصرف الخليجي المركزي والاتحاد النقدي في مجلس التعاون الخليجي من العوامل الحاسمة التي ستتيح لدول المجلس مواجهة التحديات التي فرضتها العولمة والأزمة المالية العالمية الراهنة.