رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الحج واجب الدولة ومسؤولية المواطن

هنيئا لحجاج بيت الله أداء شعيرتهم، ودعاء خالص لله سبحانه وتعالى بأن يتقبل منهم وأن يكون حجهم مبرورا، وتحية حارة لكل من أسهم في التنظيم والإشراف التنفيذ لخطة حج متميز هذا العام بشهادة الجميع، فموسم الحج موسم تحد كبير تم بحمد لله تجاوزه بكثير من الإيجابيات وقليل من السلبيات، ونجاح موسم حج هذا العام عكس الجهود الكبيرة والتنظيم المحكم من مسؤولين وأفراد وجهات تضافرت جميعها معا ليخرج الحج بهذه الصورة النموذجية، وهو نجاح ليس وليد اليوم، بل هو نتاج تراكم خبيرات سنوات طويلة في إدارته، ورغما عن ذلك يظل هذا الجهد جهدا بشريا لا بد وأن يعتريه بعض القصور والهنات، فالكمال من صفات الخالق، عز وجل، وليس البشر، ومقياس النجاح البشري لا يكون بالكمال المستحيل، ولكنه بقلة السلبيات وقلة آثارها.
ونحن نشيد بحق بنجاح موسم حج هذا العام تنظيما وسلامة من أي حوادث تذكر ومما لا يستغرب أن تحدث في ظل هذا الزخم الكبير من حركة كتل بشرية في وقت واحد وحيز جغرافي محدد ومحدود، أود الإشارة إلى ملاحظتين لا تقللان من تميز حج هذا العام ولا تؤثران فيه، وتلافي إحداهما وتأكيد على الأخرى مستقبلا سيسهم في رفع مستوى النجاح لمواسم الحج المقبلة، ويستكمل عقد إنجازات الدولة في توفير كل الخدمات في المشاعر لتسهيل وتيسير أداء الحج، الملاحظة الأولى حول ربط التصريح بالحج بالانتساب لحملة من الحملات، وجاء هذا القرار ضمن حزمة تنظيمية بهدف القضاء عليها تلافي بعض السلبيات لعل أهمها الافتراش بكل ما فيه من إشغال لمرافق مشاة ومرور بما يعوق الحركة ويسبب الازدحام، إلا أن هذا الربط بين الحصول على تصريح والانتساب لحملة كانت له سلبيات أيضا، أهمها أنه رفع من سقف الاستطاعة، فنحن نعرف أن الحج هو العبادة الأساسية والمفروضة المقرونة بالاستطاعة، والاستطاعة هنا مادية وبدنية، وعندما نلزم كل من يريد الحج أن يحج ضمن حملة، نكون بذلك قد صعبناه على من لا يملك مبالغها التي لم تقل عن ثلاثة آلاف ريال، وجدها أصحاب الحملات فرصة احتكارية رفعوا فيها من أسعارهم هذا العام، ناهيك عن تردي مستوى خدمات بعضها وعدم و وفائها بالتزاماتها، وهذا ما لفت بحس المسؤول نظر صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ورئيس لجنة الحج العليا حين انتقد في مؤتمره الصحافي الذي سبق الحج مباشرة مغالاة الحملات في أسعارها ومطالبته بمراجعتها من قبل الجهات المسؤولة على رأسها وزارة الحج، البديل بالتأكيد ليس فتح الباب لمن يريد أن يحج ذاتيا لأنه سيضاعف من السلبيات وأهمها الافتراش، ولكنه في تطوير تنظيم منح التصريح، بما يحقق الهدف التنظيمي مع عدم رفع التكلفة بما يفوق استطاعة البعض، فإلى جانب الحملات التي يمكن أن يحج من خلالها القادرون والراغبون، لماذا لا تخصص مساحة كافية في مِنى وعرفات تقيم عليها وزارة الحج خياما مع مرافقها وتؤجرها للأفراد والجماعات بسعر رمزي يغطي فقط التكلفة، فمثل ذلك سيخفف من احتكار الحملات ويحسن من خدماتها، وفي الوقت نفسه يقلل من مستوى الاستطاعة حتى لا نكون سببا في حرمان من يريد إسقاط فرضه، ويمكن هنا ربط التصريح بالتأجير، ولا خوف من قيام البعض بتأجيرها من الباطن إذا ما شدد في الشروط والتوثق والمتابعة والعقاب أيضا، وقد يسأل سائل ومن أين يؤتى بمكان..؟ أقول يمكن توفيره من المساحات التي تعطى لبعض الحملات التي ثبت عدم أهليتها وكثرت مخالفاتها وغيرها.
الملاحظة الأخرى، هي في تأكيد دور المواطن الموازي لدور الدولة، وهما دوران متكاملان، والحمد لله، أن الغالبية الكبرى ترى الحجاج ضيوفا على الرحمن أولا وضيوفا عليهم ثانيا، ولذا فإن المواطن يستشعر واجباته تجاه حجاج بيت الله بالعموم، وهناك صور مشرفة كثيرة تعكس ذلك لا يقلل منها وجود حالات شاذة لا تستشعر قيمة المسؤولية والمهمة التي شرفنا بها الله، عز وجل، في خدمة حرميه الشريفين وحجاجه، وليس أبلغ دليل على ذلك أن قائد البلاد وملكها يحمل لقلب خادم الحرمين الشريفين.
إن تثقيف وتوعية الناس بمعاني خدمة الحرمين وحجاج بيته العتيق ورعايتهم في المشاعر المقدسة وخارجها، جزء مهم من واجبنا كدولة وشعب تجاه تقاطر ملايين المسلمين من كل البلاد وطوال العام الذي يصل ذروته في الحج لحسن استقبالهم والتعامل معهم، وعلى الرغم من وجود هذا الحس لدى المواطن السعودي، ولله الحمد، إلا أننا في حاجة إلى تأكيد هذه المعاني الإسلامية وترسيخها أكثر في وعي ومشاعر كل مواطن، وأن ندرك جميعا أن السلبية مهما كانت محدودة وصادرة من فرد واحد غابت عنه هذه المعاني قد تحمل أثرا سلبيا أكبر، وهو ما يجب أن نحرص عليه، والتثقيف يكون بإعلام الناس بأن من ضمن واجب خدمة ضيوف الرحمن عدم التعامل معهم بحس تجاري جامد، فالحج موسم رزق لا بد وأن نسعى لأن يكون مباركا وحلالا خصوصا ونحن نتعامل مع حجاج قدموا لتلبية نداء الخالق عز وجل لا سياحا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي