ممارسات خطرة ومنافية للذوق

خلال حركة الإنسان في مجتمعه, سواء في طريقه للعمل أول التسوق أو أداء الصلاة أو إنجاز أي عمل من الأعمال يرى بأم عينه بعض الممارسات التي تحدث له الكثير من الضيق والتبرم، وتحدث عنده شيئاً من التوتر، وقد تتسبب في حادث له، أو ربما تؤخره عن مهمة لا بد له من أن يصل لها في وقت محدد. وقد يكون بعضنا واجه بعضاً من هذه الأشياء أو ربما مارسها، وأثر سلباً في الآخرين. الممارسات أو المشاهدات تستثير الطرف الآخر المتضرر منها في وقتها، لكنها تتكرر لأن مصدرها سلوك فردي، ولأننا لم نتوقف عند هذه الممارسات، وندرسها، ونبحث في أسبابها، والعوامل الكامنة وراءها, سواء كانت أسباباً شخصية بحتة أو أسباباً ثقافية أو أسباباً اجتماعية. ونبحث عن حلول لها، لذا فهي تتكرر في شوارعنا. الممارسات أو المشاهدات كثيرة وأول ما سنستشهد به ممارسات مرورية، حيث نرى الاستهتار في قيادة السيارة من سرعة في القيادة تسبب إرباكاً، بل خطراً على الآخرين في شوارع حددت سرعتها، لكن لا يلتزم بها البعض معرضين أنفسهم والآخرين وممتلكاتهم للخطر، ومن الممارسات ذات العلاقة بالمرور قطع الإشارة، التي كثيراً ما تم الحديث عنها، والتأكيد على خطورتها، ولعله من المناسب أن نتساءل عن تأثير آلات التصوير التي نصبت على التقاطعات، وفي الشوارع في الحد من هذه الممارسة الخطرة جداً.
استوقفتني ممارسة لاحظتها في بعض الشوارع، حيث يقود بعض الشباب دراجتهم النارية على عجلة واحدة رافعاً مقدمة الدراجة إلى الأعلى وبين السيارات والناس. تساءلت إزاء هذه الممارسة وخطورتها كيف يسمح لهؤلاء بهذا العمل، وماذا يترتب على صاحب سيارة قادته الصدفة أن يكون بجوار هذه الدراجة وهي في هذا الوضع، لو اختل توازنها، وترتب على ذلك حادث مات فيه صاحب الدراجة ـ لا سمح الله ـ ما هو الوضع القانوني لمثل هذا الحادث الذي تسبب فيه في المقام الأول صاحب الدراجة، نظراً لعدم التزامه بنظام القيادة. تساؤلات لا بد من طرحها، لأنها قد تقع في أي وقت، ومع أي فرد. ومن الممارسات ذات العلاقة بالمرور أيضاً الالتزام بالحركة حول الدوارات التي  تقع في بعض التقاطعات، حيث النظام ينص على أن الحق للقادم من اليسار، لكن الكثير من قائدي المركبات، إما يجهلون هذا النظام أو يعرفونه لكنهم لا يلتزمون به، ويجد من يلتزم به نفسه في وضع حرج فإن التزم بالنظام قد ينتج عن ذلك حادث مع من لا يلتزمون بالنظام، وإن صار حذراً وهو على الدوار قد تصطدم به السيارات التي من خلفه، حقاً إنها ممارسات ليست فقط غير حضارية لكنها خطرة في ذات الوقت.
من الممارسات أيضاً وقوف سيارتين في وسط الشارع يتبادل أصحابها الحديث مضايقين أصحاب السيارات الأخرى، ومضطرينهم للمرور في منطقة ضيقة من الشارع ضاربين عرض الحائط بحق الآخرين، ومعرضين سلامتهم للخطر. أما الوقوف خلف السيارة، والذهاب للتسوق أو الصلاة أو الدخول في مقهى أو مطعم فحدث ولا حرج في هذه الممارسات، وكم منا حدث له مثل ذلك، إذ توقف سيارتك وقوفاً نظامياً، وفي مكان مخصص للوقوف، لكن تجد نفسك بعد قضاء حاجتك أنك لا تستطيع الخروج، لأن فرداً مستهتراً أوقف سيارته خلفك، وذهب إلى حيث وجهته غير عابئ بك. تساءلت إزاء هذه الممارسة هل فكر مَن يفعل ذلك أن صاحب السيارة قد يحتاج الذهاب إلى المستشفى، لا سمح الله، أو أن لديه رحلة ولا بد له من الذهاب إلى المطار في وقت محدد؟ وهل فكر مثل هؤلاء أن صاحب السيارة لديه موعد أو التزام مع شخص آخر له عنده مصلحة؟ ممارسات أخرى تحدث في المساجد، وعلى أبوابها، حيث يدخل بعض الأفراد إلى المسجد وهو متلثم دونما اعتبار لحرمة المكان. كما أن البعض يدخل المسجد ويلعب في مفاتيح التكييف، إما إقفالاً لها أو فتحاً لها دون أن يأخذ في الاعتبار المصلين الآخرين، ووضعهم الصحي، إذ ربط الجميع بوضعه هو ومصلحته هو فقط. ومن الممارسات ذات العلاقة بالمساجد وقوف البعض في باب المسجد يتجاذبون الحديث، خاصة بعد الانتهاء من الصلاة مع ما يحدثونه من إرباك لحركة الناس. هذه مجموعة من الممارسات التي رأيت عرضها، ولا شك أن هناك الكثير من الممارسات الأخرى التي تعرض لها الكثير منا وأزعجتهم بصورة أو بأخرى، لكن ما يهمنا إزاءها ليس عرضها، بل معرفة أسبابها، والإجراءات الممكن اتخاذها للحد منها.
بادئ ذي بدء، هل هذه الممارسات نتيجة ثقافة اجتماعية لها جذور في النسيج الاجتماعي، ويتوارثها الناس جيلا بعد جيل، أم أنها ممارسات فردية وسلوك تمليه اعتبارات شخصية، وتشجع عليه ظروف آنية يدركها الفرد الذي يمر بالظروف ما يشجعه على الإقدام على الممارسة الخاطئة؟ في شأن الثقافة لا أعتقد أنه يوجد ثقافة تشجع على مثل هذا الاستهتار، فالحديث الشريف يقول: "أعطوا الطريق حقه، قيل وما حقه قال غض البصر، وكف الأذى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وفي هذا الحديث تأكيد على الابتعاد عما يؤذي الناس في شوارعهم، وممراتهم، وفي الأمثلة التي عرضناها ممارسات مؤذيه نفسياً، ومضرة جسدياً، ومالياً.
في ظني أن كثرة الممارسات الخاطئة تولد حساً ميتاً تجاه حقوق الآخرين، وتؤكد النزعة الفردية التي لا ترى سوى حقها دون اعتبار لحقوق الآخرين، كما أن غياب العقاب، والاستهجان بشأن بعض الممارسات نظراً لبساطتها في نظر ممارسيها، رغم أنه قد يترتب عليها آثار سلبية جمة، إضافة إلى منافاتها للذوق السليم هو مما يشجع على استمرار هذه الممارسات، والإصرار عليها، لذا فالأمر يستوجب تداعي الجهود الفردية، والرسمية للحد من هذه الممارسات، وإشعار مرتكبيها أنه لا يمكن الاستمرار في السماح لهم بمثل ذلك.  

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي