دبي: مبيعات اضطرارية ورخيصة في سوق العقارات بسبب الأزمة

دبي: مبيعات اضطرارية ورخيصة في سوق العقارات بسبب الأزمة

أفاد خبراء ووسطاء ماليون وعقاريون في دبي بأن الإمارة بدأت تشهد زيادة حادة في مبيعات العقارات التي يضطر أصحابها إلى بيعها بأسعار رخيصة، حيث أن المستثمرين يندفعون للتخلص من المنازل تحت وطأة الضغط الناجم عن أزمة الائتمان العالمية.
وأرسلت شركة إليشيان العقارية في دبي قبل أسبوعين رسالة نصية إلى نحو 40 ألف جهاز هاتف خليوي تعلن من خلالها عن عرضها بيع عقارات بأسعار تنافسية رخيصة.
ومن بين تلك العقارات التي عرضت الشركة بيعها فيلا فاخرة مكونة من ست غرف وفيها ستة حمامات وتقع في "دبي لاند"، وهي أكبر مشروع للترفيه العائلي في منطقة الشرق الأوسط، حسب تقرير بثه موقع "بي. بي.سي".
يقول نص الإعلان إن الفيلا المذكورة، التي ينتهي العمل من بنائها العام المقبل، معروضة للبيع بمبلغ 21 مليون درهم إماراتي (5.72 مليون دولار أمريكي)، وهذا يشكل نصف سعرها الأصلي.
ففي لقاء مع وكالة "رويترز" للأنباء في نهاية الشهر الماضي، قال روبرت ماكناير مدير المبيعات في الشركة المذكورة "هناك زيادة كبيرة في عدد مالكي العقارات ممن هم في وضع يضطرهم إلى بيع عقاراتهم بأسعار رخيصة".
وأضاف ماكناير "قد يكون السبب الذي يدفعهم (مالكو العقارات) إلى ذلك هو وجود دفعات مالية كبيرة مستحقة يترتب عليهم تسديدها قريبا، أو لمجرد أنهم رأوا أن قيمة العقارات في السوق تهبط أكثر مما كانت عليه في الشهر الماضي، المهم أن هناك شعورا حقيقيا بالاستعجال".
وأضاف بقوله إنه لاحظ زيادة ملحوظة في عدد رسائل البريد الإلكتروني الصادرة عن مكاتب وشركات عقارية أخرى تقول إن لديها أيضا عقارات في الإمارة تريد أن تبيعها بشكل مستعجل وبأسعار متدنية.
ويواجه قطاع العقارات في الإمارة، التي كانت حتى وقت قريب تشهد فورة عمرانية كبيرة، تراجعا في نسبة الإقراض والنشاط العقاري الحقيقي، وذلك بسبب انعكاسات الأزمة المالية العالمية عليها.
وأوضح كايد عباس مستشار عقاري في شركة إنجيل وفولكيرز، أن عدد حالات بيع العقارات بشكل اضطراري ورخيص بدأ بالزيادة مع مطلع الشهر الجاري، مشيرا إلى أنه رأى مستثمرين يبيعون عقاراتهم بأسعار تقل بنسبة 5 في المائة عن السعر الأصلي التي بيعت به على المخطط (أي قبل أو أثناء الإنشاء).
أما المحامية كافيتا بانيكر صاحبة مكتب إيس كونسالتا جوريس للمحاماة في دبي، فتقول إنها تتلقي "اتصالين أو ثلاثة اتصالات هاتفية في اليوم الواحد" من مستثمرين من الولايات المتحدة كانوا قد اشتروا عقارات في دبي وباتوا الآن يواجهون مشكلات ومصاعب جمة في توفير الأقساط المترتبة على تلك العقارات".
وتضيف بانيكر قائلة عن أولئك المستثمرين "هم يودون تسليم تلك العقارات إلى الجهات التي كانوا قد اشتروها منها، أو يرغبون بتبديل صيغ سندات ملكيتهم لتلك العقارات، حتى ولو كان في ذلك خسارة لهم".
وأضافت "لكن أصحاب العقارات الأصليين (غالبا ما يتمثلون هنا بشركات التطوير العقاري) يحجمون عن استرجاع تلك العقارات، وحقيقة الأمر هي أن هناك فقرة في عقد البيع تنص على أنه في حال عجز الشاري عن التسديد، فإنه يكون بإمكان البائع استرداد العقار، وبالتالي يحتفظ بجميع الدفعات التي يكون قد تسلمها من ثمن العقار".
وتختتم بقولها "في عديد من الحالات، يكون بحوزة أولئك المشترين مجرد إيصالات دفع تظهر عليها الأقساط التي قد سددوها. لذلك، فهم يكونون على أحر من الجمر لبيع عقاراتهم تلك".
ويرى الخبراء والمحللون الاقتصاديون أن تلك الزيادة في نسبة العقارات التي يضطر أصحابها للتخلص منها بأسعار بخسة في دبي إنما تُعد مؤشرات إضافية على أن قطاع العقارات في الإمارة يواجه تراجعا وهبوطا حادا.
وهم يدللون على ذلك بقولهم إن الجهات والمؤسسات المالية الممولة قد علقت عمليات منح القروض، وبدأت الأسعار تتهاوى وتنهار وأخذت شركات التطوير العقاري والمستثمرون يتراجعون عن تنفيذ مشاريعهم العقارية الكبيرة.
وأعلنت مؤسسة دبي للقروض العقارية الإسلامية "أملاك" يوم الأربعاء الماضي، تعليق معاملاتها لمنح قروض جديدة، وأصبح المشترون يصارعون من أجل الحصول على القروض.
كما أن أسعار العقارات في "نخلة الجميرة"، وهي الأصغر بين مجموعة من ثلاث جزر اصطناعية على شكل نخيل تعرف باسم "جزر النخيل" في دبي، قد شهدت انخفاضا بلغ 40 في المائة من قيمتها منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، على حد قول بعض الوسطاء العقاريين.
وأعلنت الهيئة الحكومية المشرفة على "جزر النخيل" الشهر الماضي أنها تراجعت عن أعمال رفع وتجريف الرمال من قاع البحر مقابل الإمارة وتحضيره ليكون موقعا لبناء المشروع العملاق المعروف باسم "نخلة ديرة"، وهي الأكبر من الجزر الثلاث المذكورة، وكان من المقرر أن تضم منازل وعقارات ومؤسسات يشغلها نحو مليون نسمة.
وتنقل وكالة "رويترز" للأنباء عن محيي الدين بن هندي، رئيس مشاريع بن هندي للاستثمار، قوله عن جو الخوف الذي يسيطر على أذهان المستثمرين والمستهلكين في المنطقة "لقد شهد قطاع سوق تجارة المفرِّق تراجعا بلغ 20 في المائة من قيمته الأسبوع الماضي وحده".
وأضاف بن هندي "في البداية، لم يأخذ الناس الأمور على محمل الجد، لكن عندما يشرعون في رؤية بطاقات السحب الآلي تُرفض من البنوك، فعندئذ سيبدأون بالشعور أن العملية جد خطيرة".
ويختم بقوله "إن أولئك الذين يملكون القدرة على اتخاذ الخطوات العاقلة والحكيمة لن يتأثروا مثل من يعتقدون أن الأمر مجرد يوم غائم أو سحابة صيف وتنجلي غدا، إن الغيوم لن تنقشع هكذا فتصفو السماء غدا بهذه السهولة".

الأكثر قراءة