رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


شركة فورد قادرة على احتضان "كرايسلر" وإخراجها من الأزمة بسلام

تترنح شركات صناعة السيارات حول العالم بسبب الأزمة المالية التي تعصف باقتصادات الدول المتقدمة وتٌظهر هذه الشركات دنوها من مرحلة الانهيار والإفلاس للضغط على حكوماتها لمساعدتها من أجل البقاء.
وفي طليعة هذه الشركات: فورد، جنرال موتورز، وكرايسلر، فقد تقدمت بطلب الحصول على مساعدات مالية حكومية في صيغة اتحاد ضمني رغم تباينها في الأداء، والخبرة، وحصة السوق، وأسلوب الإدارة، ومواجهة الأزمات. فهناك بون شاسع بين "فورد" و"كرايسلر"، ورغم تقارب "فورد" و"جنرال موتورز" إلا أن "فورد" تحتل المرتبة الأولى دون منازع في مجال صناعة السيارات الأمريكية بسبب عوامل إدارية وتسويقية لا يتسع المكان لذكرها. حتى تتضح الفروق بين هذه الشركات يتعين علينا دراستها منذ بدء تشغيلها مطلع القرن الماضي, خصوصا "فورد" و"جنرال موتورز".
تأسست شركة فورد على يد هنري فورد وألكس مالكومسون في ديترويت- منسوتا وقد صاغا رسالتها التي تسير عليها منذ تأسيسها عام 1903 إلى الآن, وتتلخص في "صنع السيارات لعامة الشعب"، كما وضعت هدفا عاما يحفز التقدم يتمثل في "جعل السيارة أمرا متاحا لجميع المواطنين".
بدأت "فورد" في التصنيع معتمدة على الخبرة الميكانيكية لهنرى فورد, ولا سيما الاستفادة من تكنولوجيا المكبس الرأسي. ونجحت السيارة الأولى حيث وصلت مبيعاتها إلى أكثر من 600 سيارة في الشهر بحلول نهاية أول أعوام التشغيل. وقدمت خمسة نماذج قبل أن تقدم طرازها الشهير المسمى T عام 1908, الذي أحدث ثورة في صناعة السيارات وجعل "فورد" الشركة رقم واحد في هذا المجال حتى يومنا هذا. هناك عدة أسباب جعلت "فورد" تبقى على عرش صناعة السيارات لمدة تزيد على 100 عام أهمها: تقديسها رسالتها وقيمها الجوهرية وعشقها المغامرات الجريئة لدرجة التهور. وتبني الأهداف والمغامرات الجسورة ليس سمة "فورد" وحدها بل هو إحدى خصائص الشركات العملاقة أمثال: ماريوت، بوينج، ميرك، والت ديزني، وسبق أن ناقشنا طريقة "بوينج" في تبني الأهداف الجسورة والمغامرات الجريئة في مقال سابق. تمثل هدف "فورد" الذي يتسم بالمخاطرة في "إتاحة امتلاك السيارة لكل إنسان بسعر منخفض جدا حتى يصبح اقتناء السيارة أمرا متاحا لكل من يطلبها". كان هذا عام 1907 عندما كان امتلاك سيارة يعد أمرا مدهشاً، حيث كان الحصان هو وسيلة النقل السائدة تلك الأيام وإنك لترى العربات يجرها الحصان تجوب شوارع العواصم الأمريكية أمرا مألوفا.
أما "جنرال موتورز" فقد تأسست عام 1908 على يد ويليام ديورانت في مدينة ديترويت – مينوسوتا وكان هدفها يختلف عن "فورد", حيث كانت تركز على تقديم تشكيلة من السيارات المختلفة كي تناسب مختلف الأذواق والدخول. حازت "جنرال موتورز" عام 1910, 17 شركة منها: أولدزموبايل، وكاديلاك، وبونتياك وبويك موتورز, وبذا حققت نموا قويا ولكنها عانت أزمات مالية تم على أثرها إقالة مؤسسها ديورانت عام 1920، ثم عين ألفرد سلوان خلفا لـه عام 1921, وحقق هذا الأخير للشركة نجاحات متعاقبة, ما ألحقها بـ "فورد" بل تفوقت عليها عام 1927، إلا أن هذا لم يبق طويلا, حيث عادت "فورد", مرة أخرى تتربع على عرش صناعة السيارات الأمريكية وسيطرت على حصة السوق المحلية إلى يومنا هذا.
أما "كرايسلر" فوضعها يختلف, فلم يذكر عنها أنها وصلت إلى حجم شركتي فورد وجنرال موتورز, كما أنها لا تصنف من ضمن الشركات العملاقة, ووضعها الحالي لا يسمح لها بالاستمرار في ظل التقلبات الاقتصادية الحالية, وقد تتعرض بالفعل للإفلاس والانهيار، وهي في حاجة ماسة إلى التدخل الحكومي. ولكن إذا لم يقدم لها الكونجرس الدعم المالي المطلوب فماذا عساها أن تفعل؟ أظن أنها ستحاول الاندماج إما مع "فورد" وإما مع جنرال موتورز, وهي بالفعل تدرس بجدية هذين الخيارين, فقد ألمح إلى هذا المدير التنفيذي للشركة الأسبوع الماضي.
ولو كنت مكانها لما ترددت في أن أتحد مع "فورد" فهي الشركة الوحيدة التي تستطيع أن تحتضن "كرايسلر", لأنها تمتلك خبرة إدارية واستراتيجية وتسويقية أصيلة, ولديها خبرة في مواجهة الصدمات, فقد تعرضت لصدمات وأزمات مدوية استطاعت أن تخرج منها بسلام, كما أن لديها خاصية فريدة تتمثل في إبداء اللين لتقلبات الزمن وحوادث الأيام. كما أن شركة فورد ومن على شاكلتها لا تنظر إلى مجال الأعمال والأسواق, كما تنظر إليه الشركات الأخرى على أنه ميدان صراع وعراك وتنافس, لأنها تعدت هذه المرحلة, وبلغت من الخبرة بأن تصنع الأسواق وتوجه الأذواق, كما تعدت مرحلة القيادة ووصلت إلى التنظير والريادة والرعاية لبقية الشركات.
ويمكن أن نختم بأن "فورد" تستطيع الاستمرار في العطاء دون المساعدات الحكومية, بل لديها المقدرة على مساعدة غيرها رغم إصرارها على طلب المعونة بحجة قربها من الإفلاس, كما أن غالبية المحللين لا يرون أنها قاربت مرحلة الانهيار رغم انخفاض مبيعاتها بشكل ملحوظ.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي