وزير سابق: الأزمة العالمية تصيب لبنان من الخليج
مع تصاعد حدة الأزمة في الأسواق الخليجية وإعلان حجم الخسائر التي منيت بها بورصة بيروت أخيرا، يبدو من الصعب رسم صورة واضحة عن سوق الرساميل الخليجية كما في الأسواق اللبنانية. فالأزمة المالية العالمية التي تتطور حدتها في مختلف الأسواق المالية بدأت تظهر ارتداداتها في بورصة بيروت رغم محدوديتها. كما أن التطورات في الخليج في الأيام الماضية قد تقلل من حجم الاستثمارات في لبنان خصوصا في الأوراق المالية، مما يطرح أسئلة معقدة حول الوجهة التي سيتخذها الاستثمار في الفترة المقبلة ومدى مناعة لبنان واقتصاده إزاء الركود المقبل على العالم في ظل عدم ظهور أي تحرك رسمي لتجنيب البلاد البعد الاقتصادي للازمة المالية العالمية.
"الاقتصادية" سألت وزير المال السابق جهاد أزعور عن الخطة المالية المفروضة أن تتخذ لمواجهة موجة الركود التي نتجت عن الأزمة العالمية وبصرف النظر عن الوضع المالي اللبناني. فأوضح أن الركود يصيب الدول الكبرى بشكل مباشر وقد بدأت آثاره تظهر في الأسابيع القليلة الماضية من خلال إفلاس شركات عالمية وارتفاع في مستوى البطالة وتراجع الحركة الاستهلاكية وإلغاء مئات آلاف الوظائف. وتحدث عن تأثير مباشر في أسواق الخليج وامتد إلى سوق الأسهم اللبنانية، حيث ظهرت تقلبات في الأسعار خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. واعتبر أنه على الحكومة أن تحدد سياسة مالية قادرة على تجنيب الاقتصاد اللبناني الانعكاسات السلبية المرتقبة خلال عام 2009 نتيجة تراجع النمو والحركة الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط. وترتكز هذه الخطة على اتخاذ إجراءات تسهم في خلق فرص عمل للشباب المغتربين الذين فقدوا وظائفهم في الدول المتضررة أولا واتخاذ سلسلة إجراءات مالية كإقرار مشاريع قوانين مجمدة حتى الآن في مجلس النواب وتؤدي إلى تحسين البيئة الاستثمارية والاقتصادية لاستقطاب الرساميل ثانيا وتسريع عملية التخصيص التي ستسهم في توسيع سوق العمل اللبناني ثالثا.
أما على صعيد أسواق الأسهم فكشف الدكتور أزعور أن القوانين المتعلقة في الوضع المالي تتطلب تطويرا وخصوصا بالنسبة لقانون الأسواق المالية الذي تدرسه لجنة المال النيابية في الوقت الحالي ولم يقر من قبل المجلس النيابي.
وينص مشروع القانون المذكور على الآتي: تطوير السوق لتوسيع تعاطيها مع أدوات غير الأسهم والسندات مثل الذهب والمعادن. تشكيل سلطة رقابية وتنظيمية للأسواق المالية. السماح للمؤسسات الأجنبية بالانتقال إلى لبنان للعمل بتكلفة مخفضة لتشجيع الاستثمارات الخارجية. تحويل بورصة بيروت إلى شركة خاصة غير تابعة لوزارة المال. تحديد معايير تحمي المستثمر في بورصة بيروت.
وتعليقا على صمود القطاع المصرفي اللبناني إزاء تداعيات الأزمة المالية، اعتبر أن القطاع الخاص محصن ولكن مالية الدول لجهة أعباء وتكلفة خدمة الدين العام تفترض العمل على تخفيف العجز في ميزانية الدولة من خلال استكمال تطبيق مقررات مؤتمر باريس-3. ونفى الدكتور أزعور كل ما تردد حول خسائر كبيرة محققة لدى الكثير من المصارف اللبنانية بفعل أزمة الأسواق العالمية وكشف أن التقارير الرسمية تفيد أن الخسائر التي تكبدها أفراد لبنانيون لا تتجاوز 40 مليون دولار فقط بينما لم تتجاوز الخسائر التي أصيب بها مصرفان لبنانيان 20 مليون دولار، وعزا ذلك إلى غياب التعاطي المصرفي مع الأدوات المعقدة وعدم توظيف أية سيولة في عمليات التوريق نظرا لتركز التوظيف على سندات الخزانة وإقراض الدولة اللبنانية اللذين يوفران مدخولا مريحا هو عبارة عن فوائد مرتفعة.
وأضاف أن القواعد الثابتة التي فرضها مصرف لبنان المركزي في موضوع التعاطي بالأصول المالية العالية المخاطر حالت دون توجه المصارف نحو المنتجات المالية المعقدة والعالية المخاطر. لكن فقدان السيولة وارتفاع تكاليف الإقراض نتيجة فقدان الثقة بمختلف الأسواق المالية لا بد أن يصيب لبنان من خلال تأثره غير المباشر بما يجري في بلدان الخليج. وإزاء هذا الواقع رأى أزعور أن تأثر اقتصادات الخليج سيؤدي إلى ارتدادات سلبية على لبنان من خلال تراجع عائدات المهاجرين اللبنانيين إلى الخليج من جهة ورفع نسبة البطالة من جهة أخرى مما قد يؤثر في نسبة النمو الاقتصادي التي كان توقع صندوق النقد الدولي أن ترتفع بنسبة 3 في المائة خلال العام المقبل.