الاقتصاد السعودي سيواجه الأزمة العالمية بتوسيع قدرته الاستيعابية
أوصت ندوة حول الأزمة المالية والتغيرات الهيكلية في الاقتصاد العالمي وآثارها المتوقعة في الاقتصاد السعودي، بضرورة تحديد أهداف محددة قابلة للقياس والتطبيق لتوجيه الإنفاق الحكومي وتوجيهه نحو الاستثمارات التي تؤثر إيجابيا في القدرة الاستيعابية للاقتصاد المحلي وفي توزيع الدخول على الأفراد.
واعتبر الدكتور رجاء بن مناحي المرزوقي أستاذ الاقتصاد والتمويل الدولي المساعد المشرف على الدراسات الآسيوية في معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية، في المحاضرة التي ألقاها في غرفة الرياض، أن الإنفاق الحكومي (السياسة المالية) يفترض أن يركز خلال الفترة المقبلة على تحسين الرفاه الاقتصادي ورفع كفاءة الاقتصاد وزيادة معدل الطاقة الاستيعابية، على أن يصاحب ذلك تفادي الإنفاق على مقاولين ومشاريع ليست ذات أولوية. وكان المرزوقي يتحدث عن الكيفية التي يجب أن تكون عليها السياستان المالية والنقدية للمملكة خلال الفترة المقبلة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها في الاقتصاد الوطني.
وفيما يخص السياسة النقدية، يعتقد المحاضر أنه يجب إعادة النظر في أهداف السياسة النقدية (ھدف تثبيت سعر الصرف مع الدولار)، "من المناسب في الوقت الراهن ربط الريال بسلة عملات بدل ارتباطه بالدولار، وهذا الأمر سيعمل على استقرار المستوى العام للأسعار".
كما أوصى المرزوقي خلال المحاضرة التي أدارها خالد المقيرن عضو مجلس غرفة الرياض، بضرورة الاستفادة من المصرفية الإسلامية من خلال استقطاب الاستثمارات العالمية من خلال المصرفية الإسلامية، وأن تكون المملكة مركزا لهذه الصناعة عالميا. وأكد كذلك على وجوب التدخل الحكومي في الاقتصاد خلال الفترتين الحالية والمستقبلة، على أن يكون هذا التدخل لتوجيه الاقتصاد وليس لإعاقته، خاصة أن اتباع نموذج عدم التدخل غير مناسب في ظل التطورات العالمية الراهنة، خاصة في دولة نامية مثل المملكة.
ولخص المرزوقي الآثار المستقبلية المتوقعة في الاقتصاد السعودي في عدد من النقاط، أهمها: انخفاض العائدات النفطية نتيجة لانخفاض أسعار النفط، انخفاض قيمة الدولار، استمرار معدل النمو الاقتصادي بوتيرة أقل من السنوات السابقة حيث يتوقع أن يكون معدل النمو الحقيقي في حدود 3 في المائة، التذبذب في سوق الأسھم للعام المقبل وتباطؤ دوره في الاقتصاد. لكن هناك آثار إيجابية للأزمة تتركز في رجوع بعض الاستثمارات السعودية في الخارج، استمرار الإنفاق الحكومي على الاستثمار في البنية التحتية للسنوات المقبلة، وانخفاض معدلات التضخم.
واستعرض المرزوقي أهم المؤشرات المتعلقة بالوضع الحالي للاقتصاد السعودي، مشيرا إلى أن استثمارات السلطات النقدية السعودية في الخارج بلغت حتى نهاية 2007 نحو 327 مليار دولار، ويعتقد المحاضر أن خسائر موجودات مؤسسة النقد الأجنبية في السوق الأمريكية كانت محدودة جدا بالنظر إلى تدني مخاطر هذه الاستثمارات.
ويشير المرزوقي في الوقت ذاته إلى أن استثمارات صندوق الاستثمارات العامة بلغت ما بين عشرة إلى 15 مليار دولار، فيما تراجع الدين العام إلى 19 في المائة تقريبا من الناتج الإجمالي. وذكر المحاضر بإعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمام قمة العشرين منتصف هذا الشهر، حيث قال الملك إن الحكومة ستستمر في الإنفاق الحكومي على المشاريع الاستثمارية، وسيبلغ هذا الإنفاق نحو 400 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة.